في كل ما يجري على الأرض في العراق وفي سورية وحولهما يتراجع حتى وكأنه أخفى أو ابتلع الموضوع الفلسطيني والصراع العربي- الاسرائيلي ليحل محله الموضوع السوري فالعراقي ويتقدم أحدها على الآخر والخطر الإيراني وصراع السنة والشيعة. إنه الصراع البديل. أما الخطر الإيراني بحقه فيأخذ مكان الخطر الإسرائيلي. إسرائيل تريد منا شيء. إيران منا أشياء. إنه أشد هولاً ولا يكتفي بقطعة جغرافيا لأنه يتطلع لكل الجغرافيا العربية من العراق إلى سورية فلبنان فالبحرين فالمنطقة الشرقية من السعودية فـ.. فـ.. ولا أحد يعرف أين سيتوقف. الجيش الأميركي في الشرق الأوسط الذي جاء لضرب الأسد يستبدلون مهمته فيقوم بضخ السلاح المتطور لعميله المالكي في العراق لضرب المدنيين والثوار في المدن المنتفضة.
الخبير الاستراتيجي الإسرائيلي أفراييم هاليفي يؤكد في الصحيفة العبرية يدعوت أحرانوت: أن “المحافظة على حكم الأسد هو مصلحة إيرانية حقيقية، وأن انهيار الأسد مصيبة. يضيف هاليفي: المبرر الفلسطيني اختفى تماماً. هذا لعلم مقرري السياسة في إسرائيل”.
إذن، وعلى أرض الواقع، تم بقصد وتدبير أم بمحض المصادفة، قيام أو إقامة العدو الجديد وهو الأخطر. يدفع الغرب المنطقة نحو عداء أوسع وأشد عنفاً: الشيعة ومشتقاتهم بقيادة إيران التي تصادر حقوقهم وقرارهم ومن يعترض من الشيعة العرب ومراجعهم العراقية واللبنانية فسيواجه التغييب والتصفية، والسنة ومشتقاتهم بقيادة السعودية وقليلاً تركيا بدلاً من مصر التي انسحبت بالسلام الغير متكافئ مع إسرائيل من الدور والصراع. رأسا الصراع اليوم هما: المملكة العربية السعودية نيابةً عن أهل السنة، وجمهورية إيران الفارسية نيابةً عن أهل الشيعة. ولأن للشيعة حضوراً في أكثر من بلد فالصراع يتمدد ببعد جغرافي عريض: من طهران إلى بغداد إلى دمشق وبيروت والبحرين والسعودية، وعلى الطرف الآخر من الرياض إلى الأردن إلى سورية إلى لبنان وماتزال الدائرة تتسع فتلامس تركيا حيث يغفو ما يكفي لانفجار صراع آخر.. وينقسم العالم العربي وصولاً للإسلامي عمودياً بعد أن تشقق بما فيه الكفاية أُفُقياً ..إنها لعبة صنع العدو البديل ولكنه الأشد والأخطر.. وقد تم صنعها أو الإفادة من شروط الواقع لتفعيلها.. وها هي ذي تؤدي الغرض منها: تأخذ المنطقة والعالم من المشهد الفلسطيني- الإسرائيلي، إلى المشهد السوري- العراقي- الإيراني- السعودي- التركي بأبعاده التاريخية وصولاً لمرحلة الخلافة الإسلامية. ويتم صنع الخطر البديل ..ثم يلتهم صناع الخطر هذا الأخير كما كانت تصنع قريش في الجاهلية إلهاً من تمر سرعان ما تلتهمه سادتها وتترك لعبيدها فضلاته حين تجوع. وصناع الخطر الإيراني وإيران ذاتها يقتربون من أكلها قبل أن تأكلهم.