خطب الجمعة التي تحصل آلاف المرات كل إسبوع في مجتمعاتنا , ذات عدوانية واضحة وكامنة , ونادرا ما تجد خطبة ذات قيمة رحمانية وإنسانية , وتزيدك معرفة بالدين.
بل أنها خطب لشحذ الهمم ضد البشر , فأكثرها لا تعرف مفردات الرحمة والأخوة الإنسانية , وينبجس منها الغلو والتطرف والتعادي.
قد تقولون هذا إفتراء على الخطباء الذين يترجمون معاني الدين , وإن صح ما ترون , فعليكم أن تتأملوا محتويات الخطب , واحصوا مفردات الرحمة ومفردات العدوان فيها , ولو كانت رحماية لسادت الرحمة بين الناس , ولقل التنافر بين أبناء الدين.
خطب الجمعة صارت منابر إعلامية للحديث عن فكرة وإتجاه ما , بل مسيسة ومتحزبة وذات نَفس طائفي ومذهبي تناهض جوهر الدين.
فلا توجد خطبة خالية من النوازع السلبية , وهذا يفسر تعزيز السلوكيات الفاسدة في المجتمعات التي تتكاثر فيها الخطب.
ففي بعض المدن هناك عدة جوامع تقدم فيها خطب الجمعة , لكن الواقع الذي تعيشه فاسد مشحون بالنواكب , وتتكاثر فيه جراثيم الظلم وتنتهك حرمات وحقوق الناس , مما يعني أن الخطب لا قيمة لها في التربية والتعليم الديني القويم.
ومن المفروض أن تكون خطب الجمعة ذات تأثير عملي في حياة الناس , بما تقدمه من شواهد وبراهين وأدلة وأمثلة ذات قيمة إقتدائية عملية , لكنها تلجأ للوعظية وحسب , وتتصور حالات وتتصدى لها بلا قدرة على إستيعاب مفردات وعناصر الواقع الفاعلة .
ويمكن القول بأن الخطباء في حالة إنقطاع عن المجتمع الذي يخاطبون , وهناك مسافة شاسعة بين ما يتحدثون عنه وما يهم الناس ويتفاعلون معه كل يوم.
فخطب الجمعة لا تساهم في إزالة هموم الناس بل تزيدهم هما على همومهم!!
وتلك معضلة سلوكية تتفاقم آلياتها في مجتمعاتنا!!