9 أبريل، 2024 10:36 م
Search
Close this search box.

الخطباء المنافقون!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

هناك ظاهرة سائدة في مجتمعاتنا عنوانها , أن معظم خطباء الجمعة يتمنطقون بعبارات وكلمات في غاية المثالية والنزاهة والإنسانية , والرحمة والمودة والتكاتف والتآلف والأخوة الدينية والآدمية , ويحثون على تفاعل أبناء الوطن الواحد بإيجابية وإعتصام بالمواطنة والإرادة الرحمانية التي أوصت بها الأديان السماوية.

وفي كل يوم جمعة تعصف في المسامع الخطب الرنانة الحاثة على عمل الخير , ونبذ الفساد والسلوك الإجرامي والإعتداء على حقوق الآخرين , وعدم ترويع الناس والإجهاز على الحرمات , وإنكار الظلم والرشوة والإبتزاز , وغيرها العديد من الموضوعات التي سئمت منها المنابر , وما عاد الناس يصغون إليها , لأنها صارت محض كلام لا جدوى من ورائه , فالواقع يفند الخطب والإدّعاءات والتصريحات , التي تتحدث عن المحبة والتواصل البشري الأليف.

فما عاد للخطب قيمة ودور في حياة الناس , لأن الذي يدور في حياتهم اليومية صارخ وفظيع , ومدجج بالمحرمات والخطايا والآثام , ومعزز بالفتاوى والتبريرات الآثمة والتسويغات الإجرامية الصادمة , وكأن الفساد والظلم وفقدان الأمن يتناسب طرديا مع زيادة عدد خطب الجمعة , وما تميل إليه من المثالية والدعوة إلى العيش في عوالم الفنتازيا والسراب.

أي أن خطب الجمعة فقدت دورها في الحياة اليومية , ذلك أن الدين العمل وليس القول والدجل , والعمل يبرهن كأن الدين سفك دماء وتكفير وتجريم , وعدم إحترام لقيمة وحرمة الحياة وإنكار مطلق لأبسط حقوق الإنسان.

فالمتحكمون بمصير الناس بإسم الدين , والذين يحسبون أنفسهم العلماء والفقهاء , يقومون بأفعال تناقض الدين وما جاءت به الكتب السماوية والعقائد الأرضية كافة , فدينهم هواهم وربهم هواهم وكتابهم إملاءات النفس الأمارة بالسوء , التي تلقنهم آيات السوء والشرور والبهتان.

فلماذا لا يستوعب خطباء الجمعة حقيقة الواقع ويواجهون أنفسهم , وينزلون إلى شوارع الحياة ويعيشون المرارات القاهرة التي يكابدها الناس , والمتسلطون على وجودهم يعيشون في قصور عاجية , ويأكلون ما لا يمكن للناس أن يحلموا به من الطعام والشراب , وحولهم دهاقنة سوء ومساوئ وحاشية تضليل وخسران , والجميع وبلا إستثناء يؤدي الصلاة خمسة أوقات , وجبينه موشى بطرة , ولحيته ما أجملها وعمامته ما أعظمها , وعندما يتكلم تحسبه شيطان رجيم , وفي يقينه أنه يمثل صوت الرحمان الرحيم.

ترى أ ليس هذا النفاق المبين , والعمه والسفه المشين , فأين الدين فيما يجري ببلاد العُرب أوطاني , وأين مخافة الله فيما تفترون على الناس , فهل أنتم دعاة الفساد والخطايا والأمر بأنكر من المنكر وأسوأ من أي سوء؟!!

فإلى متى تبقى المنابر تصدح بالأكاذيب وتتصور الناس سراب؟!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب