22 ديسمبر، 2024 4:02 م

الخطاب السياسي يجب أن يكون بمستوى خطورة المرحلة

الخطاب السياسي يجب أن يكون بمستوى خطورة المرحلة

إن الهجمة البربرية لتنظيم داعش الإرهابي على مدينة الموصل والسيطرة عليها بالمساعدة من أثيل النجيفي وأخيه أسامة بالإضافة الى تواطئ بعض القيادات الكردية معهم ، قد جعل المرجعية الدينية تنتفض شاهرة أخطر حكم شرعي وهو الجهاد في سبيل الله ، هذا الحكم الذي لم يخرج من ابواب المرجعية خلال فترة 94 سنة بالرغم من الظلم والمظالم التي وقعت على الشعب العراقي بالإضافة الى الأعتداء على مقدستاهم كهدم ألاضرحة المطهرة للإمامين العسكريين عليهم السلام ، ولكن أغلب هذه المظالم كانت تصدر من الأقلية (أخواننا في الوطن من أهل السنة) لهذا كانت المرجعية الدينية تكظم الغيظ وتعظ على الجراح من أجل وحدة الكلمة وحفظ  دماء المسلمين ، فلم تفكر المرجعية في يوم من الأيام أن تطرح فكرة المواجهة مع الأخوان في الدين والوطن ولكن دائماً كانت تطرح فكرة الأخوة والوحدة بل في أغلب خطاباتها تقدم أهل السنة على الموالين لأهل البيت عليهم السلام ككلمة ( أنفسنا) التي تكررت في الكثير من هذه الخطابات ، ولكن عندما يسقط الظلم على الشعب العراقي كافة بجميع قومياته وأديانه ومذاهبه من الأجانب والغرباء عندها تنتفض المرجعية وترفض بشكل قوي أي ظلم يسقط على هذا الشعب ، فقد كانت فتوى ثورة العشرين لمواجهة ظلم الإستعمار البريطاني الذي أراد أستعمار الشعب العراقي كافة واليوم لمواجهة داعش التي تتكون من الأفغاني والليبي والتونسي والشيشاني والسعودي والقطري وكل مجرم يحب القتل والدمار ويمتلك شراهة للجنس ويعتقدون بالأفكار الضالة التي تكفر كل إنسان يخالفهم بالفكر والمعتقد فيجب قتله وأخذ النساء كسبايا للتمتع وما يجري اليوم في الموصل من قتل علماء أهل السنة وهتك أعراض النساء إلا أكبر دليل على فساد وإجرام هذه المجموعة الضالة ، فكانت المرجعية في كلا الحالتين بمستوى المرحلة بل كانت الحكيمة وذات العقل الراجح في المواجهة التي تريد مجابهة الظلم مع سلامة المواطنين كافة ، لهذا نلاحظ العبارات والكلمات التي تختارها المرجعية لها دلالاتها ومعانيها التي تزن الأمور وتشرح ما بين السطور فتكون كالنار في الهشيم عندما تخرج من أفواهها فيتلاقها الشارع العراقي كتلقي الأرض اليابسة للماء بعد فترة من الجفاف ، وهكذا أستلم الشارع العراقي اليوم فتوى المرجعية بتلهف وخرجت الألأف زرافات زرافات لتلبي نداء الكرامة والجهاد ، ولكن المخيب للآمال عدم أرتفاع مستوى الخطاب السياسي بمستوى فتوى المرجعية وألتهاب الشارع وتوحده الجميع يصرخ فتوى المرجعية ولا تعرف من هو مرجعهم ، بل بقى الخطاب السياسي ركيك ومشتت وضعيف ويتخبط ولم يرتقي الى مستوى المرحلة ، وهذا الخطاب نفسه الذي كان ولا يزال من العوامل المهمة التي أوصلت العراق الى هذه الإنتكاسة المؤلمة ، لهذا يجب على السياسيين أن يوحدوا خطابهم ويضعوا النقاط على الحروف ويحددوا نوع الكلمات في مواجهة كل من يريد للعراق وشعبه السوء ، لا يبقون في فضاء المجاملات والمصالح الشخصية والحزبية التي لم تجلب للعراق وأهله إلا القتل والدمار ، وعلى العاقل أن يستفاد من التجارب الناجحة في هذا المجال فهذه التجربة السورية التي أذهلت العالم بخطابها السياسي الموحد والقوي في مختلف الظروف العصيبة التي واجهت الشعب السوري وحكومته ، ولم يتراخى ولم يضعف الخطاب السياسي السوري بالرغم من تكالب العالم بأسره عليه وليس مجموعة داعش الإجرامية بل الشرق والغرب تعاون من أجل ضرب سوريا وشعبها ولكن بقى السوريون كرجل واحد يتكلمون بلسان واحد واضعاً النقاط على الحروف ومحددين أعداءهم وما يقترفون من جرائم فأنتصروا جراء ذلك ، وبالمقابل فأن حكومتنا اليوم موقفها يختلف كلياً لأن الموقف الديني والشعبي يدعمها ويسندها بل يقاتل أمامها والموقف الدولي جميعه ( الإتحاد الأوربي وأمريكا وروسيا والصين وفرنسا) معها إلا الشراذم من المجرمين والقتلة كالسعودية وقطر بالإضافة الى تركيا ، ولكن خطابنا السياسي لم يعي المرحلة ولم يستغل هذا الموقف الدولي في مواجهة الإرهابيين ومن يساندهم ويدعمهم من دول كالسعودية وقطر ، نلاحظ كل سياسي له رأي وموقف وتصريح وكل كتلة تصرح بكلمات تعطيك مختلف المعاني والتأويلات ، لهذا نلاحظ مواجهة الحكومة للإرهاب لم تعطي ثمارها لحد هذه اللحظة لأن هناك تباين كبير ما بين موقف المرجعية والشعب من جهة والقيادات السياسية من جهة أخرى وإذا بقى الحال على ما هو عليه فأن الوضع يصبح أكثر خطورة لأن الإرهابيين ومن يدعمهم سوف يمتصون ردود الفعل العالمية ومن ثم ينطلقون من جديد في عالم القتل والدمار ، لهذا يحب أن نطور خطابنا السياسي ونوحده ونقويه حتى نكون بمستوى المرحلة الحرجة .