كثيرنا لازال يتذكر باصات نقل الركاب “ايكاروس”.. لأن أغلبية شعب اليوم العراقي هم عاصروا حقب ذلك الباص والباص النجفي دك الخشب قبله بعشرات السنين لأن صناعة أبدانهم وذاكرتهم لازالتا شغالتان قويتين لتشبعهما بأجود أنواع حليب الألبان وقيمر الجاموس الغير مغشوش ولحم الخراف الموافقة تهز برأسها إيجابا لأي قرار وبالخضراوات التي وعد محمد أصحابه بها ما إن يدخلون الجنة عند استشهادهم يقصد يدخلون العراق الى حيث خضراواته ومياهه وعرگ هبهبه وطيور أهواره وغلمانه المحلون بأساور وبحلي ممالك سومر وآشور بينما الاحياء من شعب اليوم هم أقلية بقايا ضحايا تفجيرات واغتيالات وخطف وأطعمة سموم فاسدة مستوردة وحروب طاحنة بلغت اضعاف حرب الثمان سنوات وصبيته سمان كالفيلة وفرس النهر لشدة الكسل وحشو الاطعمة الدهينة والمؤولة للموت المبكر .. وقد أكد الحلبوسي ثراء شعب اليوم عمليا بحلي وأساور زوجته الباهضة الأثمان وهي دعاية رائعة وصادقة لرواتب الموظف العراقي اليوم التي يستلمها أول كل شهر كما يستلمها خادم الشعب الحلبوسي وبقية الخدم ويستطيع بتراكماتها لعام واحد تأجير طائرة خاصة بمائتان وثلاثون ألف دولار مسافة بغداد قطر وبالعكس..
شهدت حوارا سبعينيات القرن الماضي دار بين راكب ويين سائق باص صنع هنغاري الإيكاروس موضوعنا استورده العراق بالعشرات آنذاك ,وكان السائق ثقافته ردود أفعال كما هي طبيعة حالة أغلب شعوبنا بأغلب مثقفيها أيضا! ، وقد أنهى السائق الحوار قائلا: “شنو صناعة هنغارية أخي!.. اذا السكان بلغاري والباتري روماني والمكينة يوغسلافي والكراسي قرغستاني والصطاب اذربيجاني وبدن الباص ارميني والسايق گدامك عراقي هههههه ليقطع قهقهته فجأة فاغرا فاه حين مر الباص امام معهد الفنون الجميلة مقابل حدائق الزوراء ما أن سقطت عيناه على تماثيل المعهد صائحا أهاااا.. كملت.. رجعنه للأصنام أيام الجاهلية ! ..ثم ليواصل ضحكته وسط ابتسامات الركاب..
تذكرت ذلك “الحوار” عندما تسقط عيناي على الخضراوات والفواكه كلما مررت بالسوق العراقي بصله تونسي وطماطمه والبانه ايراني وفجله اندونيسي وتمره سعودي! وفلفله سوري وقرنابيطه تركي.. والمتسوق الآكل عراقي..