23 ديسمبر، 2024 8:31 ص

الخصوصية وقلة الوعي 

الخصوصية وقلة الوعي 

من تنقصهم الشجاعة يجدون دائما فلسفة يفسرون بها ذلك. كلام جميل للفيلسوف (ألبير كامو) , نعم الشجاعة . وليس التبرير للفشل أو أي خطأ يحصل في حياة ألإنسان . والتبرير دليلٌ على نقصٍ في مراحل الوعي , لان الوعي وفق ما متعارف عليه هو أحد مظاهر التعقل المنطقي . ويعني الاستخدام الأفضل والأحسن للعقل والخروج من تحت أجنحة الآخرين والاكتفاء من ثرثرتهم الفارغة.
هؤلاء الأشخاص ممن تسلح بالخوف والتبرير والفشل أصبحوا بين ليلةٍ وضحاها حكماء وعباقرة عن طريق إصدار العديد من ألأحكام والقوانين والأنظمة, التي وفق مخيلتهم لابد من وجودها حتى يستمروا في طريقهم المليء بالأخطاء.
مثلاُ يتحدث احدهم عن (انتهاك الخصوصية) , ويبدأ في سردٍ غريب وعجيب عن طريق ربطها بالثورة المعلوماتية التي شهدها العالم قبل العراق بسنواتٍ طوال . فيحاول مثلاً أيجاد مبرر لفعلٍ أو لحالةٍ قد حدث في الواقع وليست من صنع ألخيال . فيرمي بالتهمة ويصدر ألقرار بأن السبب في (انتهاك الخصوصية) يتحملهُ من امتلك القدرة على اختراق أو التلاعب بمواقع الآخرين أو أدوات تواصلهم على الانترنت وأمور أخرى كثيرة .
ولكن فات البعض بأن الخصوصية هي كل ما يقع ضمن حياة الإنسان الشخصية . مثل البيت أو جلسة مع الأصدقاء في مكانٍ خاص . مما يعني كل شيء لا يحمل صفةٌ رسمية أو حكومية . مثالٌ على ذلك . أن اجلس في منزلي مع أصدقائي ويأتي احدهم ويقوم بتصوير تلك الجلسة التي قد تحتوي بعض الكلام الخاص. ومن ثم يقوم هذا الشخص بنشرها وتعميمها على الآخرين . هذا هو الانتهاك للخصوصية . لأن المكان والأفراد الذي كانوا فيه فاقداً لأي صفةٍ أخرى سوى كونهِ مكانٌ خاص .
ولكن عندما أكون موظفاً في دائرةٍ حكومية وأستلمُ مُرتباً لقاء وظيفتي أو احمل صفة ألإدارة لأي منصبٍ أو قسمٍ من أقسام تلك الدائرة واخضع لقانون موظفي الدولة وقانون التقاعد العام  وأتمتع بكافة المزايا التي وفرتها الأنظمة والتشريعات الصادرة من الدولة لي لقاء وجودي في تلك الدائرة . هنا يفقد الإنسان صفة الخصوصية التي يتمتع بها المواطن العادي أو كما يقال (الغير موظف) وتصبح كافة تحركاته وتصرفاتهِ خاضه للحساب والعقاب أن كان فيها سوء أو تجاوز على تلك العناوين العديدة من التشريعات والقوانين . وعليه لا يوجز لي بكل الأحوال. وعلى سبيل المثال أن أقوم بأي عملٍ خارج نطاق ما مسوح لي, كأن أقوم بضرب أو الاعتداء أو إهانة أو حتى اتخاذ تلك الوسائل الحديثة مثل أجهزة الهاتف المحمول لتصوير ألآخرين حتى وان كان وفق رغبتهم وعدم ممانعتهم لذلك. لان المكان الوظيفي هنا ليس منزلاً خاصاُ. كذلك أن حدثت تلك ألأمور وتم تجاهلها وتبريريها بشتى المبررات فسوف تكون عرفاً وإعلاناً للآخرين بأن كل شيء مسموح لكم . كما هو الحال في بيوتكم وجلساتكم الخاصة . وهذا يفقد المكان الوظيفي قيمتهُ الأساسية . ولكن أن حصل أمرٌ من هذا القبيل فهو خاضعٌ للنقد والمتابعة والمطالبةُ بالحساب . لان الموضوع خرج من كونهِ شخصياً وتحول لأمر يهم مؤسسات الدولة .
إذاً لا يمكن قبول هذه ألأشياء والتصرفات أو التبرير لها بأنها أمرٌ عفوي أو أبوي . ولا أفهم أين العفوية أو حتى أين الأبوية.!! فكيف يقوم أبُ مثلاً بتصوير ابنتهِ , وهو في نفس الوقت يعترف بأنه قد يحصل اختراق لموقع أو الاستحواذ على هاتف أحدهم . لأنه مادام يفهم ! ويقرُ ! ويعترف بأن هكذا أمور قد تحصل . لماذا بالأساس فكر بها وعملها . هنا نقول أين الوعي ؟
أما الحديث عن الأوراق أو المستمسكات والوثائق والمعلومات وكيفيه الحصول عليها من أي طرفٍ أخر . وبالأخص الإعلام أو الصحافة هناك قاعدة قانونية تقول (لا يسأل الصحفي عن مصدره)، وكل صحفي له مصادره الخاصة. ونحن في العراق نعيش وضعاً صعباً للغاية من كافة النواحي الأمنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية..الخ . وهنا واجب الجميع الحذر من بعض الشخوص وبالتحديد ألأجانب منهم . أو من يحمل أي مستمسكِ رسمي يؤيد بأنه من تلك الدولة الأجنبية . وبالأخص بعد عام 2003 ووصول الكثير من مزدوجي الجنسية لمناصب عديدة سياسية ورياضية وإعلامية . مع العلم أن كافة العوائق والحواجز التي كانت السبب مثلاً في حصولهم على (هويات وجوازات سفرٍ أجنبية) كل تلك الأمور رحلت بعد عام 2003 . وكان لابد منهم التنازل والعودة لحمل هوية العراق فقط . ولكن بقائهم بنفس ما كانوا عليه قبل عام 2003 . يضع الشك في أمرهم . فنحن هنا سوف نقع في مطبٍ كبير . فعند الحساب مثلا وفق القانون العراقي . بالتأكيد سوف يعلن هذا الشخص بأنه أجنبي . ويرسل بطلب السفارة الأجنبية التي توفر له الحماية أو حتى تطالب بعدم محاكمتهِ . والأمثلة كثيرة في العراق والأدلة لا تعد ولا تحصى .
الغريب في كل ذلك أن هؤلاء مزدوجي الجنسية يطالبون بتشريعات وقوانين تحاسب الآخرين ممن يعمل على فضح فسادهم وتلاعبهم بالمال العام . ويتخذون من بعض الدول الأخرى مثالاً على ذلك . متناسين أن وضع العراق مختلفُ تماماً عن كل بقاء الكون . كذلك أي دولة في العالم تقبل أن يتلاعب شخص فاسد ولص بمقدراتها المالية . ومن ثم يهرب في وضح النهار لكونه يحمل جواز سفر وهوية أجنبية ..!! أو يقوم احدهم مثلاُ بعمل (وكالةٍ عامة مطلقة لكافة أمواله المنقولة والغير منقولة) لشخصٍ أخر حتى يقول بأني نظيف ولا أملك شيء ولم أتربح أو اكسب مالاُ من وظيفتي ..!!
ختاماً .. ولكم عيب وكافي .. لقد دمرتم العراق  وجعلتم منهُ مجرد ممراً لغاياتكم المريضة وأنفسكم الدنيئة .
سلامات يا خصوصية .. اخ منك يالساني