23 ديسمبر، 2024 2:52 م

الخدمة الإلزامية بعد فقدان الهوية

الخدمة الإلزامية بعد فقدان الهوية

ان دعوة عدد من نواب البرلمان العراقي إلى إعادة الخدمة الإلزامية في الجيش العراقي هي ردة فعل كبيرة تجاه الآثار السلبية للتحشيد الطائفي الميليشاوي ومؤشر كبير على فشل فتوى الجهاد الكفائي, وقد يقول قائل إن من حق السياسيين ان يدعوا إلى إعادة تلك الخدمة ففي كل بلد يوجد نظام إلزامي يخدم فيه المرء بلده ليذود عن الأرض والعرض ويأمن مواطنوه من أن تطالهم مخاطر الاعتداءات . ولكن هل تنطبق مثل هذه المفاهيم في بلد كالعراق فقد فيه المواطن هويته .

قبل أن يُشرع قانون الخدمة الإلزامية لابد من إصلاح وعملية جراحية لاستئصال عفن العملية السياسية الذي أدى إلى هذا الحال المأساوي , فزج الناس في الجيش إجباريا ليس إلا مشكلة أخرى سيضيفها السياسيون إلى مشاكل العراق الحالية , فهي أشبة بمن يغطي سعيرا بكومة من القش يخمد سويعة و لا يلبث حتى يلتهب مجددا ولنقرأ وقاعنا بصورة موضوعية . فيا ترى هل سيكون هذا الجيش رديفا للميلشيات تحت إمرة قادة الحرب في العراق ؟ وهل سيلتحق به أبناء المحافظات الغربية الذين سحقوا لمجرد أنهم طالبوا بحقوقهم ؟ أم هل سنشعر انه جيش عراقي عندما يتقدمه الجنرال سليماني او الجنرال ديمبسي ؟ هل سيدخل هذا الجيش الى كربلاء والنجف ليحمي المراجع العرب ويؤمن لهم اقامة شعائرهم ؟ ام انه سيأتمر بأوامر أصحاب فتاوى الجهاد فيقف ظهيرا لمليشياتهم وهي تحرق الجثث وتقتل الأطفال كما حصل في كربلاء ؟. هل سيأمن به شيوخ عشائر العرب وأبنائهم الذين ملئوا بلدان الدنيا ؟ أم انه سيوزع كنقاط حراسة في شوارع المسئولين ؟

إن الحقيقة التي لا يريد أن يعترف بها السياسيون ان الحل أصبح مقترنا بمصالحة حقيقية مع كل تيارات الشعب العراقي وليس بعسكرة المجتمع , وان التهميش والاعتداء على العشائر وعلماء الدين والمرجعيات العربية والجرائم التي ارتكبت بحقهم وبحق مساجدهم ليست حدثا عابرا يمكن أن يتخطاه السياسيون بجرة قلم . لذا يجب أن يستفيقوا إلى أن ما فعلوه في العراق هو كارثة اكبر من تطبخ لها الطبخات في أروقة السي أي ايه او أن ترمم جوانبها برفع الأيادي في قاعة البرلمان . وان الشعب العراقي أمسى عارفا بأنه ضحية لعبة تقاسم السلطة والثروات . فإذ لم تستطع فتوى الجهاد الكفائي بمليشياتها وبما حُشد لها من إعلام من أن ترد خطر الداعشيين وقد خرج أبناءها بالتظاهر أمام برلمانكم معلنين موت تلك الفتوى , فهل سيرد داعش جنود مكرهين بخدمة اجبارية ممن يسكنون التجاوزات او تركوا مدارسهم طلبا للعيش, وهل سيبعث الناس بأبنائهم دفاعا عن أبنائكم الذين يترفهون صيفا في منتجعات لندن وفي الإمارات شتاءا لقد أفقدتم المواطن هويته كعراقي.

فهل ستقنعونهم بان الخدمة الإلزامية واجب أهم من الصلاة والصوم وهي مباركة من المرجعية العليا!!!؟؟؟ .

ان الخطاب الذي يتبناه المرجع الصرخي هو نفسه الخطاب الذي يتبناه علماء وعشائر المحافظات الغربية . فالحل موجود بيد أهله وهم أهله عراقيون اصلاء يستطيعون حل كل مشاكل البلد . فالسنة في العراق يحبون أهل البيت بل هم شيعة لأهل البيت والمرجع الصرخي واصحابه يترضون على الخلفاء الأربعة وعلى امهات المؤمنين فهم في العراق طائفة واحدة . ليس فيهم مليشاوي او داعشي هم من سيأمن العراق بهم فلا تبحثوا عن حل ليسوا هم رعاته .