23 ديسمبر، 2024 12:37 ص

ألا تنصروا محمدا… فقد نصره

ألا تنصروا محمدا… فقد نصره

يُعتَبر الجانِب الدَّلالي والرَّمزي للقبور جانباً مُهمَاً في الذّاكِرة البَشريَّة وتُعتَبَر إحدَى شَواهِد مَسيرَة التَّاريخ الذي تَتضِح مَعالمُه مُوازاةً بوجُود هذِه الشَّواخِص وكُلّنا يَعلَم وجِزءُ من إيماننا العَقائدي أنّ هُناكَ سَطوةً روحيّة وتَأثير نَفسِي وإجتمَاعي وهذه السّطوة تُشرِق في النّفس متى ما كان هُناك حَيزا وقابليّة للفَرد ان يسْتقبِل تِلك الوَمضَة الرُّوحيّة بَل تتَعدّى الى كلامهم عليهم السلام وتأثيرهُ في النّفوس ((لو علموا محاسن كلامنا لأتّبعُونا ))
بالإضافة الى إنّه تَلعبُ الأماكِن دَوراً هاماً في مُخيَّلة المُجتَمع بل لها دَور مُباشِر في تَحديدِ المَلامِح المُجتَمعِية وتحديد السلوك والانطباعات و صيرورة الإحساس بالانتماء وصقل الشعور بالولاء من جهة أخرى وخاصة تلك الاماكن التي لها حضور قيمي وذات طابع رمزي ولها حضور تاريخي فضلا عن حضورها الديني المهيمن على الذات البشرية وليس في ضمير فرد او مذهب وانما في شعور امة او مجتمعات كاملة إن أماكن الذاكرة تتمثل <بحسب ما يراه المؤرخ الفرنسي بيير نورا>
((بأمكنة جغرافية وبنايات وتماثيل وأعمال فنية وأيضا”شخصيات تاريخية وأيام تذكارية ونصوص فلسفية وعلمية وأنشطة رمزية وغيرها)) لها بعدين هامين :
الأول البعد المادي: بحيث لا تقتصر طبيعتها على مجرد كونها قابلة للمس الحسي وتشغل حيزا”مكانيا” يستدعي تأملا”باطنيا”وتذوقا”جماليا” فحسب وإنما تمتلك حضورا”قيميا”مؤثرا”، تسهم من جهة أولى في شحذ وعي الأفراد حيال كونهم يمتون بصلة لما ترمز إليه تلك الشواخص من تقارب وتجاذب وتعزّز من جهة ثانية روابط الألفة بين الجماعات كونها تنتمي إلى أرومة حضارية وثقافية مشتركة و تمارس ضغطا”نفسيا ايجابيا في محصلته “وضبطا”اجتماعيا”
الثاني البعد الرمزي : حيث يحمل بين طياته ضروب من المعنى وأنماط من الدلالات التي طالما كانت المحفز الرئيسي للمجتمعات الدينية أو تستدرجه لاستلهام سردياته الطوائفية واستيحاء أصوله وان الذاكرة التاريخية للمجتمع الحجازي أضحت تعاني خطر التصدع والاندثار بقدر ما كانت هواجس القلق حيال تفشي مظاهر الإشباع والتخمة فضلا عن ايديولجية التشدد الذي يطيح بكل رمزية تاريخية
التفاتة السيد الصدر بهذا الحدث وما فعلته فرنسا اليوم تجاه المسلمين ومقدساتهم او رمزيتهم ومثلهم الاعلى بلا خلاف حَوّل بوصلة الحدث بما فيها من خطوات عملية للاستنكار الى عدة امور نفهم منها :
#الامر_الاول : تحريك مشاعر المسلمين اتجاه نبيهم لما للقبور والاماكن التاريخية من ارتباط نفسي وتاريخي للجماعات المُنتمية له
#الامر_الثاني : تَسليط الضَوء على الدولة السعودية بإعتبارها المسؤولة جغرافيا عن الحرم النبوي لتتخذ خطوة عملية تجاه الحدث .
#الامر_الثالث: اعادة مفهوم الترابط الروحي بين المسلمين فيما بينهم بمشترك عظيم وهو مقام النبي صلى الله عليه واله من جانب
واعادة الصلة الروحية بين المسلمين ونبيهم من خلال الاحساس والشعور بالقرب منه بعد مئات السنين من الجفوة ومن السقطة العقائدية التي تربّت عَليها اجيال المسلمين ان محمدا قد مات ، او قولهم الشهير
((ما محمّد ؟ إنّ عصاي هذه خيرٌ من محمد ))