23 ديسمبر، 2024 5:11 ص

كيف حدث الامر …هتف جدي بصوت اشبه بالهمس وقد ارتسمت على وجهه علامة فزع هائل جعلت اطرافه ترتعش دون ان يتمكن من السيطرة عليها بل اكاد اجزم انني رأيت الدموع تنهمر على وجنته …ياه كم شعرت بالخوف وانا ارى دموع جدي المنهمرة لأول مرة طوال السنوات الأنثى عشر التي عشتها الى جواره… بدى لي كأن امرا جللا حل بعائلتنا وزاد تأكيد شعوري ذاك ان الرجل الذي يتحدث اليه جدي كان يلبس الزي العربي وعهدي به غير ذلك ثم انه يتكلم بصوت يكاد يشبه الهمس مما جعل جدي يجهش بالبكاء ………..
تقدمت الى جدي وتساءلت ما لخبر…؟
لا شيء اذهب الى غرفتك فليس من اللائق ان تكون ساهرا لهذا الوقت من الليل.
هذه هي الكلمات التي تلفظ بها جدي وهو يحاول ان يداري حاله عني متظاهرا بالنظر الى وجه زائر الليل ذاك المائل امامه انني اعرفه اجل اعرفه جيدا انه ابن عم والدي اجل هو ضابط بالجيش برتبة مقدم اجل انه المقدم فؤاد رئيس مركز شرطة الاحرار لذا انتابني الخوف وانا ارى جدي بتلك الهيأة فتقدمت متسائلا…
ماذا …ماذا هناك…؟
التفت اليَّ جدي ونظر الي ّ نظرة شزراء وعندما حاولت ان اكرر سؤالي امسكني من يدي بقوة وارتقى بي السلم وادخلني غرفتي قائلا بنبرة غاضبة
ادخل الى غرفتك ونم فليس من اللائق ان تكون ساهرا لهذا الوقت المتأخر من الليل واضاف:-
آمرك ان تخلد الى النوم هل نسيت دوامك المدرسي.
آه…لقد شعرت بغضب حاد لم استطع ان انفس عنه باي رد لكلمات جدي واوامره فارتميت بقوة على السرير متمنيا تحطم مفاصلي علني اجد عذرا للخروج من الغرفة لمعرفة حقيقة الامر .ولما لم يحدث ذلك عمدت الى النافذة المطلة على الشارع فأزحت عنها الستائر بعد ان اطفئت مصباح النوم الازرق الذي يجعل الغرفة تنعم بالهدوء والسلام والذي يجعلني استسلم للنوم سريعا, أما الان فعليّ التطلع الى واجهة منزلنا لأرى اي شيء يمكن ان يخفف حدة التساؤل وما اعانيه من الحيرة .
آه …انها سيارة صغيرة متوقفة بجانب بيتنا …ثم
آه…ها هي زوجة عمي بهيج تحمل بيدها حقيبة سفر وها هو جدي يحتضن نور ملاك
آه ها هي زوجة عمي تركب السيارة على عجل بمساعدها جدي وها هو يدفع اليها نور ملاك وهي نائمة ويقبلها بحنو.
آه انني ارى دموع جدي تتحدر على وجنتيه وكأنها السنة لهب .
نعم انا لا اغالي ولست اتخيل لقد رأيت السنة اللهب تشع من عيني جدي متحدرة على وجنتيه وكان في عجلة من امره .
آه …ها هو يغلق باب السيارة وتمضي مسرعة الى حيث لا أدري……..؟؟؟؟؟؟
آه …انني استذكر تلك اللحظات وكأنها حدثت للتو ولا اخفيكم انني اشعر بحرارتها لم تزل متوقدة في صدري رغم مرور السنوات الطوال.
كنت اريد ان اصرخ بل كنت اريد ان القي بنفسي من النافذة الى حيث جدي والسيارة لكنها مضت وظل جدي واقفا مسمرا الى مكانه لا يريم كانه فقد الاحساس بالزمان والمكان .
شعرت بيد من فولاذ تدفعني فقفزت عن السرير وركضت الى باب الغرفة احاول فتحه .لكن
آه…كان جدي قد اغلقه علي ّ….
ربما فكر وهو محق بالطبع انني سأخرج لاستطلع الأمر فعدت ادراجي الى النافذة .كان جدي لايزال مسمرا الى مكانه وكأن حواسه جميعا قد توقفت عن الاحساس .
اردت ان اصرخ بأعلى صوتي …جدي…جدي…واذا به تحرك عائدا الى المنزل قبل ان اناديه ولذا فما ان سمعت اغلاق الباب حتى بادرت الى باب غرفتي اعالج فتحه بقوة ورحت اقرع الباب بيدي متعمدا احداث الصوت الامر الذي جعل جدي وهو في الطابق الارضي يتنبه لحقيقة انني احاول الخروج فارتقى السلم وفتح الباب واحاطني بذراعيه فكنت اسمع خفقات قلبه الحنون وهو يجاهد دموع عينيه وانبرى قائلا:-
انت رجل وعليك ان تفهم.
ماذا افهم يا جدي…؟
من الغد ستقول للجميع ان عمي بهيج وزوجته وابنتهما (ملاك نور)سافروا الى اقاربهم في الشمال.
لماذا….؟
قال بحزم ….هذا امر واجب عليك اداءه ولا تسألني عنه ……
واستطرد قائلا:- بقي أمر آخر, عليك ان تنسى ما شاهدته هذه الليلة وتخبر الجميع بأن عمك بهيج وزوجته التي تنتظر طفلا سيأتي بأذن الله تعالى بعد أربعة اشهر(تذكر جيدا بعد اربعة اشهر)سافروا معا الى اقاربهم في الشمال.

للقصة بقية ستكتب لاحقا