ربما لايعرف بيل غيتس شيئا عن الرياضيات السومرية التي اكتشفت لغة الارقام والجهات الفلكية وحسابها ، ولكنه يعلم أن الرياضيات الخوارزمية مصدرها الشرق العربي ، فحساباته كلها بما ورثه من مكننة القرن العشرين والتطورات الصناعية الهائلة في مجال العلوم الرقمية والاتصالات فأنتج لنا لوحا سحرية أسمه الكيبورد ، وعليه يدون كل يوم ملايين البشر مليارات الحروف والارقام ، الكثير منها حروفا وظيفية ومهنية والقليل منها قصائد شعر ومحادثات غرام وحواطر لشابات وشباب يعتقدون أن الكيبورد يخلق الرغبة ليقول كل شيء وبدون خجل ورعشة القلم على الورقة.
أتى بيل غيتس ليفاجئوا احفاد الكتابة على الطين بالاقلام المدببة والتي خطت في البدء الحروف المصورة ثم الحروف المسمارية واخيرا حروف الهجاء.
لكن للمسماء سحر الخاص في أيقاظ القلب من كل خيالات ارتعاشه وجعله قبلبا يصلح لكتابة قصائد وأغاني الحب .
وربما ماوجوده في بيتنا من ارث جد لااعرف حتى اسمه لانه ابعد عمرا من اجيال كثيرة لاجدادي مدونين في شجرة مرسومة على ورق مقوى اتى بها احد افراد عشيرتنا من النسابين وقال تلك شجرة العائلة اعطوني الف دينار لرسمها وخطها .
هذا الأرث عبارة عن لوح لمدونة غرام متكوبة بحروف مسمارية زكنت حينها قد استعنت بصديق اثاري ومختص بالسومريات زرته في بيته وقد اطلقوه توا من سجن حبس فيه ظلما في مخفر الصالحية ( قرية فرحان ) في الناصرية عندما فضح سراق الاثار بعد فوضى النهب اول اشهر الاحتلال الامريكي للناصرية وجعل منطقة اور قاعدة عسكرية لجنوده .
والمدن حتى مع ما خرم منها من سطور تصلح لتكون رؤية الغرام في ازلية بقائه خالدا في القلوب ولم تغيره مركبات ناسا وقصف الاباشي ومنشورات الفيس بوك وما فعله كيبورد بيل غيتس في اصابعنا :
وما كان مدن على اللوح هو :
(( صفة الغرام ، انه روح تنوح وتفوح ، والغرام بدون عشق هو حجر على حجر في وضع مضاجعة ، وحتى تكون مغرما عليك أولا أن تكون مولعاً بما مشى اليه قلبك لا بما مشت اليه قدميك .
وكل غرام بدون وجع من يسياط وعقارب سامة لايحمل في طعم قبلاته طعم الملح الذي في الرغيف الأسمر .
ــ ولماذا الأسمر ؟
ــ لأنه قريب من الطين .
ــ ولماذا الطين؟
ــ لأنه كان أول سرير لتأوه الأشواق في ليل الآلهة وهي تجمع في مخدع دافيء ذكورها مع أناثها.
واخيرا تبقى هذه الجملة طلسم اللوح كله : الرؤية في العين تختلف عن الرؤية في الشفتين ، فالعين ترى ، والشفتين تنطق وترى))
عشت من سريالية العبارة الاخيرة ليال كثيرة فأشعر انها مثل الفياجرا تنهض في الجسد المكبوت وتقوده ليتحول الى حصان ووردة .
أضحك واتساءل مع نفسي ما الذي يجمع الحصان بالوردة .
فيرد طيف جدي صاحب لوح الطين : كلامها يجري في شوارع وبراري هذا العالم .الحصان بقدميه ، والوردة بعطرها.
قالوا :خذ هذا اللوح وسلمه للمتحف ؟
قلت :المتحف منهوب .وادارته تمر بحزن وفوضى .
قالوا : خذه لعمان وبعه هناك؟
قلت :وكيف يبيع الأنسان تأريخه.
قال :من يضمن عدم سرقته أن ابقيته في البيت.
قلت : افضل من ان يكسره معول جاهل او تلامسع اعقاب بنادق ، او اغتني منه ويذهب الى متاحف اوربا.
الغنى أن يكون قرب وسادتي استذكر معه واهل بيتي تفاصيل ما كان يبيح به الحمام الزاجل في رسائله بين محب وحبيبه.
الى اليوم اللوح هنا في بيتي ، اعرف انه مخروم بعدة امكنة ومكسور من جانبيه ، واعلم أن جدي دون فيه هواجس كثيرة ، وكما قلب عراف كنت احس بنبؤة ما أن طيفه سيزورني ليلا بعد ان تتعب اصابعي من الضرب على كيبورد بيل غيس واقارن بين الحب الذي كتبه جدي على الطين وبين الحب الذي ادونه الآن قصصا وخواطرا وفصول روايات على مفاتيح الكيبورد.