22 ديسمبر، 2024 6:49 ص

الحية والحرباء وبشرٌ بلا باء!!

الحية والحرباء وبشرٌ بلا باء!!

الحية تنزع جلدها كل سنة والحرباء تبدل لونها ليتوافق مع لون المكان الذي تكون فيه لكي تتفادى أعداءها , والبشر يبدل جلده ويتلون وفقا لمقتضايات مصالحه , وما يغنمه من السلوك الذي يبديه ويعبر فيه عما يريد ويرغب وإن غلفه بما يضلل ويخدع.
وكم يثير العجب البشر الذي لا يتمسك بموقف ويتلون بألوان زمانه الذي يعيش فيه والمكان الذي يحل فيه , وقد عهدنا بشرا كانوا يقدّسون الكراسي المتسلطة , وعندما تهاوت أخذوا يرجمونها وأصبحوا من عتاة المبوقين للكراسي التي جاءت بعدها , وبعضهم كان صديقا لكرسي عتيد فأصبح صديقا لعمامة عتيدة , ورفع رايات المظلومية وهو الذي كسبَ المزيد والمزيد من الكراسي التي صار يرجمها , ويدّعي أنها كانت تظلمه لأنها قد أغدقت عليه بالعطايا والمكارم والإمتيازات.
وبعضهم كان مؤثرا وتأتيه المكرمات الكبيرة , وإذا بنا نفاجأ به على أنه من المظلومين المقهورين المعذبين , فنال مكاسب أوفر ومناصب أكبر وهو يسبّح بنعمة الكراسي المعممة بالضلال والبهتان المهين.
وتتعجب من الذين كانوا في نعمة ورخاء وجاه وسلطان , وإذا بهم يتغيرون تماما ويتعممون ويلتحون وينعقون مع الناعقين , وكأن الحياة محض هرولة وراء غنائم منهوبة من أصحابها ومسوغة بفتاوى الآثمين.
إنها حالة مجتمعية مروعة متفشية وأصحابها يتباهون بما غنموه في الزمن الحالي وما أخذوه في الزمن البائد , فالبائد عطاياه محاباة وظلم وقهر والحاضر عطاياه رزق من رب رزّاق رحيم على المقهورين بالمكارم والإمتيازات.
عندما ترى هكذا بشر في مجتمع وهم بالآلاف فماذا يُرتجى منه , وكيف يمكن للحياة أن تستقيم , لأن الموازين إضطربت والأخلاق إنتفت والضمائر ماتت , والحياء ضعف وهوان وإستكانة , وعندما يذهب الحياء فلا معنى للحياة ولا قيمة , لأن البشر سيتحول إلى ذئاب بملامح آدمية.
تلك حقيقة مريرة فاعلة في واقع بعض المجتمعات التي تعممت فيها الكراسي وتلحّت , وهي تسبّح بنعمة ربها الذي تراه على مقاساة رغباتها , وقد أوجدت أتباعا بالآلاف تسبّح بحمدها وتتعبّد تحت أذيال جبتها المنسوجة من أنين المساكين.
فأي حَيْنٍ وأي حِينٍ يا أمة القانطين؟!!