في سبعينيات القرن الماضي كان استاذنا القدير (ابراهيم يوسف المنصور) استاذ مادة علم النفس نبعا تربويا و تعليميا، بل كان منارا يهدي العقول الضالة و مصباحا يبدد ظلمة الليل، لم يتوقف هذا الاستاذ الفذ عند مادة علم النفس فقط فلم تمر محاضرة من محاضراته الرائعة الا و تعلمنا منه الكثير من المصطلحات و العبارات و الكلمات الانكليزية و الفرنسية و الالمانية. كان لنا ابا و اخا و صديقا و استاذا جليلا فاضلا، لقد كان نِعم الاخ لنا في الوطن و الانسانية، كان هذا الاستاذ الرائع مُعجبا بشخصية الامام (علي بن ابي طالب) (ع) حتى اننا حفظنا الكثير من اقوال امير المؤمنين (ع) من خلاله.
و من الجُمل الرائعة التي حفظناها من خلاله هي :(حق الولد على الوالد ان يُحسن اسمه و يُحسن ادبه و يُعلمه القرآن). تذكرت هذه العبارة الرائعة و انا اشاهد و المس التربية الخاطئة للكثير من الآباء لاولادهم. فالجملة تنقسم الى اربعة اجزاء: الجزء الاول ان هناك حقوقا متبادلة بين الولد و والده، الجزء الثاني ان يختار الوالد اسما حَسنا لابنه، اما الجزئين الثالث و الرابع فهما (يُحسن ادبه و يعلمه القرآن) فهما جوهر هذه السطور.
كم من والد كان قد ترك ابنه او ابنته لتربية الشارع، و هي التربية الضالة حيث رفاق السوء و الظلالة و الفسوق و الشيطان، كم من والد كان قد ترك ابنه للتلفاز و به الشيطان قد فاز، كم من والد كان قد ترك ابنه (للانترنت) و الاقراص المدمجة و ما تحويه من اغواءات يقدمها الشيطان على طبق من فحش و ضلالة و مجون.
اما الجزء الرابع(يُعلمه القرآن) فاذا كان الاب لا يعرف القرآن فالله المستعان، و اذا كانت الام لا تعرف القرآن فكيف ستبني انسان و كيف ستُبنى الاوطان؟ و اذا كان الاب سارقا او مزورا فما الذي سيعلمه لولده؟ سيعلمه السرقة و التزوير على انهما حقول الاذكياء و الاوفياء للشيطان. سيعلمه كيف يرتدي قلادة على صدره و كيف يفتح ازرار قميصه ليُظهر صدره و كيف يسير متبخترا كالشيطان و كيف يسير مائعا كالمرأة الرخيصة المبتذلة و مادام الاب لا يعرف القرآن فانه لا يعرف محمد (ص) و حديثه (اخشوشنوا فان الترف يزيل النِعم).اما الام المزورة و التي تزور الشهادات و تدعي على انها من الكفاءات فما الذي ستعلمه لابنائها غير الغش و الخديعة و الرذيلة و سوء الخلق حيث لا يوجد في قاموسها شئ يسمى الفضيلة ، فالفضيلة بالنسبة لها نتاج القرون الغابرة و هي رميم. فرِحة بالراتب الذي تستلمه عن غش و خداع و تضليل و تزوير فهي تلبس و تُلبس اولادها سرابيل من قطران و تاكل و تقدم موائد من صديد و زقوم. ايها الاب الضال ايها الام الضالة ان افيقوا فالحياة ضل زائل و الحياة فخ انتم واقعون فيه و تذكروا انكم نيام غافلون ضالون و ان الموت سيوقظكم فهل انتم تائبون و نادمون؟