تكررت مرارا , وعلى مدى القرن العشرين ولا تزال , عبارة “العرب يجهلون ما يُحاك لهم” , وقد وردتني من صديق العبارة نفسها وهي في مقال.
وهي عبارة تثير الضحك والبكاء معا!!
فالواقع العربي منذ الحرب العالمية الأولى وحتى اليوم , يمضي على ذات النمطية وما تغيرت فيه إلا البيادق!!
فالمدعون بالسياسة أو القابضون على كراسي السلطة لا يعرفون سوى أن يجلسون في “الجومة” ويحركون المنوال يمينا ويسارا ويمضون في هذا السلوك حتى يدفنون في “جومتهم” .
الساسة العرب تُعطى لهم التصاميم بألوانها وأشكالها ويزوَّدون بالخيوط الملونة , وما عليهم إلا أن يتعلموا كيف يحوكون , ويتحركون بنمطية تؤدي إلى إتقان الصنعة , وإنتاج المواقف والتفاعلات اللازمة لتحقيق المصالح , والمحافظة على نجاح المشاريع المرسومة.
فالعرب في واقعهم السلوكي يحوكون لأنفسهم المصيبة بعد المصيبة والوقيعة بعد الأخرى , ويلقون باللوم على الآخر , الذي ينفذون تصاميمه وخرائط أهدافه وتطلعاته.
فالسياسي العربي حائك من الدرجة الأولى , ويتقن جيدا كيف يصنع المصائب والمشاكل , ويحرق بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان.
فمن الذي أوجد الواقع الذي يعيشه العرب اليوم؟!
أ ليس الحكام العرب وبلا إستثناء؟!
أ لم يفشل أصحاب السيادة والجلالة والمعالي والسمو في وضع الأسس الكفيلة بإنطلاق مستقبل عربي مشرق , وعجزوا عن التفكير بمصير ومستقبل الأجيال , وحوّلوا الواقع إلى سقر؟!
فالعقلة الحقيقية والجوهرية في القيادات كافة وليست في الإنسان العربي , هذه القيادات التي توالت على التسلط وإمتهان الإنسان ومصادرة إرادته وسحق مصيره هي التي تحوك – بما أوتيت من طاقات التدمير والإحتكار والإحتقار – سجادة الفناء والعناء والقهر العربي في كل مكان وزمان.
فلماذا نلوم الآخرين ونحسبهم يحوكون , وما هم إلا من ذوي الخبرات بالتصاميم , والحائك المنفذ المتفاني هو العربي إبن العربي ولا عجب!!