22 ديسمبر، 2024 7:40 م

الحوزة العِلميَّة خرَّجت إلى الماركسيَّة العِلميَّة

الحوزة العِلميَّة خرَّجت إلى الماركسيَّة العِلميَّة

بنت جبيل استمدت اسمها مِن نزوح أميرة تنوخيَّة إليها وتحولت إلى مَعقِل “حزب الله” الرَّئيس في الجَّنوب اللَّبنانيّ غادرها «(أبُ حياة) محمد شرارة»، مطلع عشرينات القَرن العشرين مع قيام الدَّولة العِراقيَّة الحديثة، إلى النجف في العِراق وانقطع إلى دراسةِ العُلوم الدِّينية (عام 1930م تزوَّج زهرة عبدالكريم الزّين شقيقة المُؤرّخ العاملي الشَّيخ علي الزين) حتى حازَ مرتبة الاجتهاد عام مولِد كريمته حياة 1935م الَّتي وضعتها لهُ في النَّجف، قرينته زهرة.
المُنحدِرونَ مِن جَبل عامل مِن طلبة الحوزة: حسين مروة وهاشم الأمين وثلاثة آخرون، كوّنوا في النجف مجموعة “ الشَّبيبه العامليَّة النَّجفيَّة ” أواخر عشرينيات القرن العشرين، وتُنادَوا بإصلاح الأنظمة الدِّراسيَّة الدِّينية وتحديثها، وقد ترك الجَّميع الحوزة العِلميَّة والمشيخة واتجهوا نحو الأدب والتأريخ والماركسيَّة العِلميَّة !. اُنموذج التجديد الشّامل، كتاب “ د. علي المُؤمن ” الموسوم بعُنوان «الفقه والدّستور: التقنين الدّستوري الوضعي للفقه السّياسي الإسلامي» يقع في 416 ص، صدر في بيروت عن مركز دراسات المشرق العربي ودار روافد؛ أطروحته للدّكتوراه في القانون الدّستوري، استحضر الموروث الإسلامي واستعار معايير التقنيين الحديث وقواعد القانون الدّستوري الوضعي وتِقنياته ومساحات الافتراق واللّقاء وثنائيات الأسلمة والتأسيس، والاستنباط والوضع فضلاً عن الفِصام العقدي الذي تخلقه مُحددات القانون الدّولي الوضعي أزاء القواعد العقديَّة الإسلاميَّة، والقانون المُستند إلى أُصول القانون الدّستوري الوضعي وتعريفه للدَّولة وأُسُسها؛ سيّما موضوعات السّيادة والأرض والشّعب.
https://kitabat.com/2018/07/12/اقتران-الدِّين-والسّياسة-فساد-للدَّو/
محمد شرارة بعد حيازته مع حسين مروّة على الجنسيَّة العراقيَّة، التحق في سلك التعليم الثانوي في الناصريَّة بالعراق، وانتقل إلى عدّة أماكن قبل أن يستقر في العاصمة بغداد عام 1944م.
تحوَّل منزله إلى مُنتدىً أدبيّ عامر يؤمه أُدباء مِن شتى المَشارب الأدبيَّة والسّياسيَّة، مِنهم: الشّاعِران النَّجفيّ الرّائد للعصرنة محمد مهدي الجَّواهريّ والبصريّ الرّائد للتجديد بدر شاكر السياب، وحسين مروَّة والشّاعِرة الثمانينيَّة لميعة عبّاس عمارة، وبُلند الحيدري.
وكان الجَّدل يدور حول الثقافة والتجديد وآخر القصائد وغير ذلك، وكانت حياة تسترق السَّمع وتسجل على كُرّاس كشكول ما تحفظه وما يدور من أحاديث.
عام 1948م داهمت الشَّرطة المنزل المُنتدى، فصادرت العديد مِن المطبوعات وكذلك كشكول حياة وحُبسَ شرارة لمدة شهرين مع العديد مِن مُفكري العِراق وطُرد من وظيفته. كانت هذه الحادثة نقطة تحوّل في حياة ابنته حياة وموقفها وبداية لمُقاومة الظلم بلا هوادة. انخرطت حياة في العمل السّياسي ولمّا تبلغ الخامسة عشرة مِن عُمرها وأصبحت نصيرَة حركة السّلم (سلامُ السَّلام آناء اللَّيلك وأطراف الجُّلَّنار!)، وأوفدَها الحزب الشُّيوعي العِراقي إلى براغ لحضور مُؤتمر السّلم العالَمي، وأصبحت بعدها عضواً في رابطة المرأة العراقيَّة، وفي اتحاد الطَّلبة العام. عام العُدوان الثُّلاثيّ على مصر 1956م اُضطرَّت بسبب مُضايقات الشّرطة لها إلى التوقف عن الدّراسة ومُغادرة العِراق إلى القاهرة، حيث تابعت دراستها. بعد حركة 14 تموز 1958م عادت إلى العِراق وأكملت دراستها الجَّامعية في الأدب الإنگليزيّ في جامعة بغداد. وأُعيد الوالد إلى سلك التعليم. مطلع ستينيات القرن الماضي أُرغم الوالد على مُغادرة العِراق فذهب إلى الصّين الشُّيوعيَّة، وغادرت حياة إلى موسكو بعد أن تلقت تهديدات بالقتل وحازت عام 1968م على شهادة الدّكتوراة حول الكاتب الرّوسيّ الشَّهير تولستوي. عادت إلى بغداد وعُيّنت في جامعتها اُستاذة في فرع اللُّغة الرُّوسية وخدمت لأكثر مِن مُدَّة ربع قرن فيها . عام 1969م التقت مُجدَّداً والدها، واقترنت بالجَّراح العِراقي محمد سميسم. مطلع سبعينيّات القَرن الماضي، بدأ زوجها يتعرّض للمُلاحقات على خلفية عضويته في الحزب الشَّيوعي العِراقي وسُجن وعُذب وتوفي في السَّجن عام 1982م. صدر مرسوم بنقل حياة شرارة مِن الجّامعة إلى وزارة النِّفط في سامراء. لم تمتثل إلى المرسوم. أعيدت إلى الجّامعة، وتوفي والدها عام 1979م ودُفن في مقبرة وادي السَّلام في النجف. عام 1994م طُردت مِن سلك التعليم في جامعة بغداد وقُطع راتبها عنها، فاتجهت نحو الكتابة والبحث والتأليف مُتحملة الحصار السّياسي من قبل صدّام حتى عمّ الحصار العِراق ورفع شعار: قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق!، ومُنعت حياة شرارة مِن السَّفر ومن نشر ما تكتب، أدّى هذا إلى انتحار غامض اختتاقاً بالغاز أحاقها وابنتها الكُبرى صباح 1 آب 1997م. حقّ حياة وحظّ يحظى بهديَّة، أغلى الطّائرات الخاصّة تبلغ قيمتها نحو 64.4 مليون دولار ما يعادل 57.5 مليون يورو،طراز “غولف ستريم G650” مجهولة المصدر مُجهزة بتكنولوجيا إسرائيليَّة، يمكنها السَّفر 14 ألف كيلومتر دون توقف، تحمل على مَتنها 8 شخصيات، و4 أفراد طاقم طائرة. سُلمت للقوّات المغربية الجَّويَّة، التي تمتلك 12 طائرة مُماثلة، حسب صحيفة “Middle East Eye ” الناطقة بالفرنسيَّة أن هذه الطائرة أغلاها، تحتوي نظام عال للحماية ضدّ الصَّواريخ. تحمل لوحة تسجيل CN-AMH، يرمز الحرفان CN للمغرب مِن قبل مُنظمة الطَّيران المدني الدُّولي، والرَّمز A يشير للشَّخصيات الهامَّة، ويرمز الحرفان MH لـ(مولاي الحسن الثالث!).

إرث حياة شرارة بين بغداد وبيروت 16 كتاباً تأليفاً وتحقيقاً وترجمةً منها:
– تولستوي فناناً/ بغداد.
– من ديوان الشِّعر الرُّوسي (ترجمة)/ بيروت 1983م.
– صفحات مِن حياة نازك الملائكة/ بيروت 1994م.
– دراسة في الفن الرّوائي (ترجمة)/ بغداد 1994م.
– المُتنبي بين البطولة والاغتراب (كتاب لوالدها، مِن تحقيقها وتقديمها. مقتل السَّيف والرّمح والقرطاس والقلم، أحاق بمُتنبىء روسيا «بوشكين» في مُبارزة استهتار بالحياة أيضاً!- ظافر آل غريب). رواية مُذكّرات حياة شرارة في عامِها التدريسيّ الأخير بجامعة بغداد في زمَن الحصار الدّوليّ على العِراق، وَسمتها بعُنوان “ إذا الأيّامُ أغسقت ” صدرت عن دار النشر: المُؤسَّسة العربية للدّراسات والنشر- لبنان.