21 فبراير، 2025 4:47 م

الحوافز الانتخابية تزهق روح الديمقراطية

الحوافز الانتخابية تزهق روح الديمقراطية

مقترح غريب ،قد يقف خلفه هدف مريب ، ذلكم هو مقترح قانون حوافز الانتخاب ، حيث لم يعد الغريب فينا غريبا لكثرة المخالفات التي شوهت الديمقراطية في بلادنا ، يقول مارسيل غوشيه في مستهل كتابه نشأة الديمقراطية (ص 13) أن الديمقراطية ضد نفسها ، لأنها تركت الحرية القاتلة لأعداء الحرية للقضاء عليها . ويريد أن يقول في الصفحة 19 من المصدر ذاته ،، أن الانتخاب يتطلب وجود مجتمع تحل فيه إرادة الإنسان الصادقة والظاهرة على الصعيد الفردي ، أي أن الإرادة الحرة المجردة ،، هي من يقف وراء الديمقراطية ، ومن ثمة عملية اختيار نواب الشعب ، والانتخاب في الديمقراطيات العريقة هو نشاط وطني عام قبل أن يكون اختيارا فرديا خاصا ، ﻻن المخرجات تتركز في مجلس يشرع للجميع ،

أن محاولة تشجيع الناخب العراقي نحو الإقبال على الاقتراع جاءت لتكون إشارة ،، على ، ،أو ربما،،  اعترافا صريحا بعدم حصول الانتخابات السابقة على الشرعية الديمقراطية ، كونها حاصل تحصيل انتخاب القلة من قبل القلة ، وان الأغلبية المقاطعة كانت تعاقب من يمسك بالسلطة وتضعه في خانة المغتصب لها برغم إجراء عمليات الانتخاب ، لأن الانتخاب وفقا للأعراف الدستورية في كل دول العالم هو انتقاء الكل المنتخب للجزء المنتخب .
أن التوجه التلقائي لصندوق الاقتراع منذ الثورة الفرنسية وانتشار مبادئ العقد الاجتماعي كان الصفة الغالبة لكل أشكال الديمقراطية ، وما العزوف عنها إنما يشير إلى رفض الظلم الانتخابي سواءا أكان جراء فرض أشخاص لا يرغب بهم الشعب أو تحوير نتائج الانتخاب أكان بالتزوير أو بالتحريف أو بالاغراء أو بالرشوة .
  • المقاطعون لم يكونوا مقاطعين بداية تجربتنا السياسية ، فقد كانت انتخاباتنا الأولى عرسا انتخابيا بشر الجميع باختفاء الدولة الشمولية التي يتصدرها حزبا قوميا ويرأسها القائد الضرورة ، ولم يكن لها أن تنتكس لولا الأنانية السياسية الانعزالية وراء حواجب المنطقة الخضراء ، ونتيجة لذلك أصبحت المقاطعة اليوم بل وتعدت مفهوم معاقبة النظام إلى الدعوة إلى تغيير في جوهر العملية السياسية ، بالطرق السلمية والديمقراطية ، وأنها صرخة صامتة من الأغلبية بوجه الأقلية الحاكمة ، أن الوطن للجميع وان الديمقراطية التوافقية لا تعني حكم الأغلبية ، بل هي حكومة ائتلاف أو تحالف تشمل حزب الأغلبية ولتكن له الصدارة وهذا من حقه ، ولكن شرط عدم إغفال سواه من الأحزاب الممثلة في البرلمان ، والاخذ بمبدأ التمثيل النسبي في الإدارة العامة ولكن لمن هم من ذوي الاختصاص لا ذوي العقائد السياسية وأن التوافقية لا بد لها من أن تتيح الإدارة الذاتية لكل التجمعات السكانية واخيرا وهو الأهم حق الفيتو المتبادل ( وهو الأهم أن يؤخذ فيتو الأقلية على أنه صوت وطني فاعل ) وان العملية برمتها هي عملية سياسية للتوافق على المشتركات وتنقية المخرجات من الجزئيات الثانوية وجعلها ثمارا وطنية خالصة ، وان لا تغطبط الأغلبية لكثرتها لأن الأكثرية لابد لها من أن تحوي في داخلها معارضة ، وهي تجسدت في تجربتنا الحديثة في المقاطعة والصمت ، فالأغلبية المقاطعة اليوم هي من أغلبية الأغلبية ، وان تحفيزها للإقبال على المشاركة يتطلب تحقيق الخطوات التالية .
اولا …..قانون انتخابي يميل نحو التصويت الفردي .
ثانيا…..تقسيم العراق الى دوائر انتخابية تقوم على التعداد السكاني لا على التقسيمات الإدارية . وان يكون النائب ممثلا ل 200 ألف مواطن
ثالثا….أن يصار إلى إنتخابات حقيقية يتوقف عندها الاغراءات  ونزيف الأموال وجعجعة السلاح .
رابعا…..سلطة الانتخاب سلطة مستقلة تتمتع بنزاهة وبعيدة عن الولاءات الحزبية ، أو الشخصية . أو العشائرية ، أوالنقابية ، أو القطاعية ، وغيرها من الولاءات التي تفشل الانتخاب .
خامسا….مراقبون محايدون ، وناقلون نزيهون لصناديق الاقتراع ومن قبلها عملية الاقتراع ، فكثيرا من الشكوك حامت حول المراقبة والنقل واستبدال أو حرق الصناديق .
سادسا….العمل قدر الإمكان على ضبط مواعيد فتح المراكز ومواعيد غلقها وتأمين مراكز انتخابية قريبة من المقترعين .
ثامنا….العمل قدر الإمكان على استبدال الأشخاص والبرامج بعد كل هذه التجربة ، والعمل على دفع الكفاءة العلمية ، والأشخاص النزيهة ، نحو البرلمان ، والابتعاد تدريجيا عن الطائفية والمناطقية والقطاعية في عملية جادة لخلق مجلس نواب منتج جاذب للمقترع في الانتخابات القادمة ،
أن تجربتنا شأن أي تجربة بحاجة إلى روح رياضية تقبل النقد الهادف ، والمتتبع للتجربة الديمقراطية البريطانية ، يجد أنها مرت بمطبات وعواصف دفعت بالاباء المؤسسين للخضوع لإرادة التغيير ، وهكذا قيد البرلمان سلطة الملك الإلهية ، وانحسر دور مجلس اللوردات تدريجيا لصالح مجلس العموم ، وصارت حكومات الظل تصادق بالاشارة على قرارات حكومات الأحزاب الحاكمة ، ولم يعد حزب المحافظين حزب الأكثرية ولم يتمكن حزب العمال من أن يكون هو الغالب في كل الأحوال ، لأن الناخب صارت حركاته زئبقية وهو يحرك السياسة والسياسيين ولم تكن له حوافز غير مصلحته الذاتية ومن قبلها مصلحة المملكة المتحدة ،،، الديمقراطية ……

أحدث المقالات

أحدث المقالات