23 ديسمبر، 2024 4:25 ص

من طبيعة المرء ذكر الأشياء المحمودة أما تلك السيئة لا يشار إليها ويغض الطرف عنها… لماذا هل تخلو من عبرة ؟.. كانت الناس تؤرخ مثلا بالزمان القريب الذي سمعناه من أجدادنا ومن المعمرين اللاحقين ذكر تلك السنوات ( كدكة البوخنيسي ) معركة قديمة جرت بين شمر وقبائل البومتيوت ( عشائر تسكن مناطق البعاج وسنجار كقرية بليج التي تعد المركز الرئيسي لهم ) وكانت النتائج خسائر جسيمة قياسا لقلة السلاح آنذاك ….
كذلك كان القدامى مثلا يؤرخون لسنوات الغلاء المشهودة ( كسنة الثلث ليرات ) أي صارت وزنة الحنطة بثلاثة ليرات وسنة جمدة الفرا ( جماد نهر دجلة ) وبشكل عام كانوا لا يقولون السنة الميلادية الفلانية بل يذكرون الحدث فحسب أو قبل مائة عام مثلا دون تحديد .. المهم ليس موضوعي هذا الذي بالتأكيد استطيع البحث عنه مع أمثلة وشواهد لكن موضوعي ( الحواسم ) فحسب ومن الله التوفيق .. وسأذكر أحداث أنا شهدتها في الموصل ( مدينتي )…. الكاتب
لم تكن الحواسم أي ( النهائب ) جديدة على العراق فتاريخ الماضي يشهد بالعديد من الأحداث المأسوية التي تمت فيها الحرق والنهب في عدة أجزاء من العراق التي رأيناها رؤيا بالعين أضف لذلك الأحداث التي ذكرتها مؤلفات علي الوردي وسليمان الصائغ وكل المؤرخين الذين أرخوا للعراق لكن لنبدأ وبدلائل الصور من احداث دكة ( ثورة) رشيد عالي الكيلاني 1941 التي جرى على إثرها وبعد فشل تلك الثورة وقمعها من قبل الإنجليز آنذاك جرى على إثرها النهب والسلب والصورة لاحقا ترينا اليهود يعتلون السطوح وهم يرقبون الفوضى العارمة التي اجتاحت البلاد

 

2- سقوط الملكية في 14 تموز 1958 ايضا جرى النهب والصور ترينا استباحة قصر الرحاب الملكي ونهب ممتلكات الأسرة الملكية وقتل كل افرادها لم ينجو لا صغير ولا كبير وهذا هو الظلم بعينه فربما بسبب تلك الأحداث المفجعة عاقبنا رب العالمين .. حقا كلما أنظر لتلك الصورة المؤرخة يعصرني قلبي واستغفر ربي لمجرد رؤيتها ….
الصورة التالية قصر الرحاب ( القصر الملكي ) ينهب في 14 تموز 1959 تحت

 

3 حوادث ثورة الشواف ( العقيد عبد الوهاب الشواف) في الموصل الذي ثار على عبد الكريم قاسم لأسباب واهية ( مجرد أطماع ) للوصول للسلطة مع بعض شيوخ العشائر بسبب قانون الإصلاح الزراعي آنذاك الذي أقر بتقسيم جزء لا بأس به من أراضيهم وتوزيعها للفلاحين الذين كانوا كالعبيد تحت سطوة هؤلاء وهذا الشيء طبعا لا يرضيهم كذلك تعاطفهم مع الملكية ولي شواهد واقعية على ذلك عند استلام البعث للسلطة في تموز 1968 إذ ذات مرة وفي زيارة إلى هناك ما أن قلت استعمار وذيول الاستعمار كما كانت ثقافة ذلك الزمن التي درسناها في المدارس كطلاب كنا نرفع صوتنا عاليا آنذاك ونردد علنا مشيرين بأصابعنا إلى كل عملاء الغرب فما أن تفوهت بكلمة حتى رد عليَّ أحد الشيوخ قائلا لو لم تكن ضيف وسكت ففهمت قصده أنهم لا يقبلون على أي من هؤلاء الذين نعدهم متآمرين آنذاك كقولنا مثلا ( راح صفوك وظل أثنين شاه إيران وملك حسين ) رحم الله من مات منهم لكن هكذا كانت ثقافتنا وربما كانت خاطئة …..
الحدث المهم في ثورة الشواف 1959 بما يخص الموضوع

كنا في عام 1959 ( زمن ثورة الشواف) نسكن قرية في البادية القريبة من تلعفر و بليج عائدة لشيخ من أولاد أعمام محسن العجيل أو أخوه أحمد العجيل ,وكان محسن العجيل قد شارك بتلك الثورة فما شعرنا إلا والجموع الهادرة الساخطة التي ملأت البراري قادمة من جهة بليج و تلعفر صوب بيوتنا وبيوت الشيوخ الذين لا يفصل بيننا وبينهم سوي وادي صغير ( أكاد القول بيننا وبينهم نصف كم ) فهربت الناس ونحن من ضمنهم إذ لم يكن لدينا السلاح الكافي لمواجهة كل هؤلاء الجمع كما هرب الشيوخ أيضا ونحن كنا ناس غرباء ( لا بيها ولا عليها ) نحن أبناء ديرة كما يقال وسكنا هناك لسبب عشائري فما كان من والدي وأخواني الأكبر مني إلا الجري بقطيع الغنم الذي نملكه وبالحريم وباقي العيال ونمنا ولازلت أتذكر ( بالفلحان ) أرض عراء خارج القرية وتسترنا بالليل وكانت عندنا ( دور كبيرة من الطين) كانت مملوءة بالقمح والشعير لم أكن أذكر التاريخ بالضبط لأنه كنت صبيا لكن أتذكره كان في نهاية الربيع لأنه لم يكن الجو باردا لكن أقسم بالله لازلت أتذكر عشاءنا ماذا كان ..( قدر برغل مع البيض المسلوق معه ) هذه الحادثة لا أنساها .. نهبونا البومتيوت والأعافرة ولم يبقوا لدينا شيئا سوى الحلال ( قطيع الغنم ) الذي سقناه أمامنا وقليل من الزاد والمؤن أما الحبوب ( الغلال) تلك الدور المملوءة بها فنهبوها ونهبوا كل ما وجدوه أمامهم من متاع … المهم توجهنا صوب تلعفر إذ كان لنا معارف فيها ( قرب بساتين تلعفر) أذكر التاريخ هذا أيضا وبعد ثلاثة أيام غادرنا صوب قرية أخرى تقع قريبا من نهر دجلة من الجهة الغربية ( اليمنى ) لا أريد ذكرها لأنها موضوع هامشي وهناك ربعنا بحلالنا .. وبعد الربيع مباشرة توجهنا صوب قرية أخرى سكنا فيها حتى عام 1969… لم تكن عندنا واسطة نقل سوى دابة ركوب واحدة أو أثنتين فماذا يمكننا حمله من ذلك المتاع ؟ الذي تركناه مجبرين لتلك الرعاع التي لا تعرف دينا ولا إنسانية ودعوني اسميهم دواعش الماضي كما فعل داعش مع بعض الفئات من سلب ونهب وتهجير ولايزال من يتعاطف معه أو معهم ( غنائم ) بايعهم ليحصل على الغنائم!!
التاريخ لا يرحم يذكر المحسن بإحسانه وكرمه ونبله ويذكر المسيء بفحشه وسوء أدبه لا توجد صور تؤرخ على الأقل احداث الدملماجة المرتبطة بالحدث نفسه وما جرى فيها من سحل وقتل
صورة لمقتل عبد الكريم قاسم

4- حوادث 2003 وما جرى فيها من سلب ونهب لدوائر الدولة التي هي ملك الشعب هذه لا داعي التذكير بها فهي معروفة لجميع أبناء هذا الجيل ولا احد يستطيع نكرانها … كم مؤلمة حقا والله بكيت كثيرا عندما مررت بمنطقة في الجانب الأيسر من الموصل وكنت أرى الناس تحمل أكياس السكر والملابس والبطانيات من الأسواق المركزية في حي التأميم الساحل الأيسر من الموصل كذلك في الجامعة ( جامعة الموصل ومعهد الموصل التقني القريب من الجامعة ) حتى الميكروسكوبات نهبوها بل حتى المستلزمات الخاصة بنا نحن الموظفين حاولوا حرقها لكن قبل أن تصل ـيديهم حافظنا عليها والشهادة بحق يعود الفضل لأهل الجوامع الذين هيئوا مفارز ونقاط سيطرة في الشوارع ومنعوا السارقين وأخذوا ما بحوزتهم ونادوا بالمكبرات وتم إرجاع القسم الكبير من تلك المسروقات لكن تعرض البنوك للسرقات هذه لم يتمكن أحد من إرجاعها والتي نهبت كما فعل داعش حين دخل الموصل في 10 \ 6 \ 2014 والقصة معروفة للقاصي والداني ….آه من تلك الفتن والأيام العصيبة السوداء فهل سيرحمنا رب العالمين أو هل سيرحم تلك الناس الشريرة التي لا تعرف الحلال من الحرام … الله أكبر والعزة لرب العالمين
الصور كثيرة وبالآلاف