23 ديسمبر، 2024 3:13 م

الحوار العراقي – الأمريكي والإعلام !

الحوار العراقي – الأمريكي والإعلام !

ما تعاطى به الإعلام العراقي في مسألة الحوار الستراتيجي الذي بدأ يوم امس , كاد يقتصر على نقل تصريحات بعض قياديي مراكز القوى والأحزاب ذات النفوذ الأقوى تسليحياً , وتأكيدهم وتشديدهم على الوفد العراقي المفاوض لأن يكون تركيزه على جدولة انسحاب القوات الأمريكية في العراق وتقييد ايّ حركةٍ او تحرّكٍ منها إلاّ بموافقة القائد العام – الكاظمي , ودونما تطرّقٍ منهم او سواهم على الأزمة المالية الحادة للبلاد .

وفي الواقع لا يوجد ما يسمى بالإعلام العراقي الموضوعي , فكلّ ما يوجد هو شبكة الإعلام العراقي الحائرة في أمرها بين إعلام الدولة وإعلام الحكومات المتعاقبة , وبين كوادر او ملاكات هذه الشبكة وانتماءاتهم لأحزاب الإسلام السياسي المختلفة , وهنالك فضائيات الأحزاب الدينية الحاكمة وصحفهم المتسمة بالفقرالإعلامي المدقع , ويليها مجمل القنوات الفضائية المحلية الأخرى التابعة لساسةٍ ورجال اعمال من الطرف الآخر .! وبعضها يبث من خارج العراق او من الداخل او من الإقليم , ومحصلة كل ذلك هي تغييب دور الرأي العام وتشتيته منذ احتلال العراق ووفق دور مُعَد ومرسم مسبقاً .

ولولا الميزانية العراقية الخاوية والتي لا ضمانات فيها لتأمين رواتب الموظفين في شهور الصيف المقبلة , لكانَ دَور المفاوض العراقي اقوى وأشد في المفاوضات الجارية والجولات التي ستعقبها مع الأمريكان , وخصوصاً أنّ جدول المفاوضات لا يقتصر على الجوانب العسكرية والأمنية , بل يتضمن وبموازاةٍ جوانبٍ متعددة في الأستثمار والشركات والطاقة وحتى القروض والمساعدات المالية , ويتعداه الى الكورونا والتعليم وما الى ذلك .

هذا الحوار الذي لم يكن عبثاً بتسميته بحوار ! , حيث من السابق لأوانه التسرّع في محاولة فرض احدى مواضيعه او فقراته على حساب المواضيع والفقرات الأخرى , ولحسابِ جهةٍ واحدةٍ فقط ” سواءً خارجية او داخلية ” , فأنه اصلاً يمسّ كلّ المجتمع العراقي ومصالحه الآنية والآجلة في كلّ المجالات , وقد فشلت كافة وسائل الإعلام العراقي وبسذاجةٍ مفرطة او مسرفة في إجراء ما يكاد يكون استطلاعات رأيٍ ولكن < بالصوت والصورة وبالبث المباشر > لمجاميع ٍ او مجموعاتٍ ” وبأتجاهاتٍ سياسية مختلفة ” تشتمل على اخصائيين في الأقتصاد وخبراء في القانون الدولي وجنرالات سابقين , وبمعيتهم رجال إعلام وممثلين عن منظمات المجتمع المدني , بالإضافة الى نشطاء من ساحات التظاهرات , بغية محاولة تهيئة اللبنة الأولى لتشكيل رأي عام موحّد تجاه المفاوضات مع الجانب الأمريكي وبما يخدم المصلحة العراقية ومتطلباتها .

ثُمَّ , وإذ الإسترسال في هذا الحديث ” حتى لخطوةٍ واحدةٍ متقدمةٍ اخرى ” سابقٌ لأوانه ومعرّضٌ لتطوراتٍ ما سلباً او ايجاباً , لكنّ ايجاد معادلةٍ وسطيةٍ بين مطالب الأحزاب الموالية للجانب الإيراني وبين مجمل متطلبات الشعب العراقي في الميدانين الأقتصادي والإجتماعي وسواه , هي المعادلة الأصعب لغاية الآن , ودونما ضماناتٍ لديمومة هذه المعادلة او انصهارها .!