18 نوفمبر، 2024 12:54 ص
Search
Close this search box.

الحملة الانتخابية للمالكي تستبيح دماء أهل الانبار

الحملة الانتخابية للمالكي تستبيح دماء أهل الانبار

فرضت نتائج انتخابات مجالس المحافظات 2013 على دولة القانون بشكل عام وعلى المالكي بشكل خاص إعادة ترتيب الأوراق والتفكير مليا في إيجاد سبل أكثر فعالية لإعادة حضوره الجماهيري في الساحة العراقية بعد أن سحبت الأحزاب المتنافسة معها, الأصوات المؤيدة لحزب الدعوة من الشارع لصالحها. اثر الإخفاق الحكومي في كافة المجالات الأمنية والصحية والخدمية وانتشار الفساد الإداري والمالي وفضائح الصفقات السرية وسرقة الأموال وتهريبها إلى خارج العراق، والآثار السلبية على الأوضاع بشكل عام في العراق للازمات التي يخلقها المالكي كل حين مع خصومه السياسيين واستمرار عزلة العراق عربيا وإقليميا .

وضع المالكي قاعدة أساسية لإبقائه في السلطة تعتمد على فكرة تأجيج وإثارة النعرة الطائفية بين أبناء الشعب العراقي الواحد, ومن خلال تصويره بان جميع العمليات الإرهابية مصدرها أهل السنة تحديدا وإنهم يستهدفون الوجود الشيعي دون غيره, ولترسيخ تلك الأكذوبة في عقول البسطاء من أبناء الشعب. قاد حملة إعلامية كبيرة مستفيدا من نفوذه وسطوته على بعض الوسائل الإعلامية لخلق مناخ ملائم لتلك الفكرة, إضافة إلى حشد دوائر الدولة ومؤسساتها المختلفة لإذكاء تلك الأكذوبة بعد أن استطاع ومن خلال تسلطه على المحاكم ووزارة الداخلية والدفاع والمخابرات وبقية الأجهزة الحساسة في الدولة من إلصاق التهم الجاهزة والمفبركة ضد من يتوسم فيه روح الوطنية العراقية ومن له مسعى جاد في لملمة جراحات العراقيين التي زاد عمقها مع طول بقاءه في سدة الحكم. فانبرت تلك الأجهزة المسيرة بأوامر المالكي بخلق الأدلة والبراهين المزورة لتمرير مخططاته وتأجيج الشارع من خلال دغدغة الجانب الطائفي و المذهبي ، بل وصل الأمر به إلى اختلاق أصوات مدعومة من قبله يغذون الطائفية ويطلقون شعارات استفزازية لا تمت إلى أهل السنة والشيعة بصلة قريبة أو بعيدة ولكنها مسخرة من قبله لتأجيج النعرة الطائفية وإيهام المقابل بأن التهديد يلحق بالشيعة من أهل السنة ( أبناء يزيد ) كما يدعي. وبذلك تتجه الأنظار إلى بطل منقذ وناصر للمذهب يكون قويا يضرب بيد من حديد يقتل أبنائهم ويستحي نسائهم ويغنم أموالهم ، ويتطلب تسخير طاقات العراق من جيشه وقواه الأمنية الداخلية وميزانيته الهائلة وكل المحبين و المبغضين له من طائفته ليسيروا خلف المنقذ البطل لان أي اعتراض لمنهج المنقذ هي خيانة للطائفة وتخلي عن حب أهل بيت رسول الله كما هو يزعم .

كما يحاول المالكي من إشغال الشارع العراقي بقضية الإرهاب من تخفيف وطأة  مراقبة الفشل الحكومي, وما تثيرها التقارير من زيادة العجز لتصل إلى 18 مليار دولار في الموازنة العامة لعام 2014 بعد أن وصل العجز في عام 2013 لغاية 16.7 مليار دولار , وارتفاع معدلات البطالة مما يتسبب بعدم قدرة العراق على تمويل مشاريعه خلال الأعوام الثلاثة المقبلة. وهذا يقضي بعدم تحسن وضع الفرد العراقي واستمرار معاناته وعدم خروجه من نفقه المظلم، فشبح الفقر المدقع والبطالة المتزايدة بين صفوف شريحة الشباب وأزمة السكن المتفاقمة وشحت مياه الشرب و انقطاع الكهرباء المستمر ،وهجرة الأطباء والعلماء من العراق ، والفساد المستشري في كل أركان الدولة ، إضافة إلى العنف المميت الذي يحصد المئات من أبناء البلد وفقدان الأمن في كافة أرجاء البلد. يجب أن تغيب عن أذهان العراقيين ولا يحاسب عليها القائد المنقذ فهذه أمور يصعب حلها مع وجوده في الحكم , ويجب أن لا يسال عنها مادام يتصدى بشجاعة وبسالة لأعداء الطائفة كما يزعم ، هكذا يريد المالكي وجوقته من دولة القانون أن يصوروا الأمور لهذا الشعب و البلد المنكوب.

لكن المالكي وقع في رهان خاسر حيث اعتقد بأنه يستطيع حسم الأمور في الانبار لصالح حزبه وساحته الانتخابية المقبلة في غضون أيام معدودة معتمدا على دفع عدد كبير من قواته وأفضل مليشياته المسلحة ومراهنا على بعض من عملائه في المنطقة من ضعاف النفوس على كسر شوكة الانباريين  وما يتبعها من سقوط باقي الخيام في ساحات الاعتصام في المحافظات المنتفضة  الأخرى.

وفيما فرضت قوات الجيش  طوقا حديديا على مداخل ومخارج الانبار شهدت بغداد وبقية المحافظات زيادة في معدلات العمليات الإرهابية أبطلت حجج المالكي وادعاءاته بان مصدر السيارات المفخخة  ساحات اعتصام الانبار. فقد أوقع المالكي نفسه في مستنقع لا يعرف كيف يتخلص وينفذ بجلده منها . بعد أن زج الجيش بمواجهة المدنيين في الانبار حيث بات في حالة هستيرية مزمنة افقده رشده ، عندما طلب من الجيش دك المدنيين في الانبار بالمدافع والهاونات والطائرات لتقريب موعد حسم الموقف لصالحه ، وإلا سيشك البسطاء بسوبرمانيته وقوته وبطشه وزعامته للطائفة كما يمني نفسه بها.

ومع ازدياد أعداد الضحايا من المدنيين جراء القصف العشوائي للجيش وأعداد المهجرين في الانبار وإثارة الرأي العام والعراقي ضد الجرائم المرتكبة وعدم قدرة الجيش من حسم الموقف لصالحه زاد من حرج المالكي وافرغ جعبة جوقة صقور دولة القانون من إيجاد مخرج يحفظ ما بقي من ماء وجه زعيمهم المنقذ ، فلم تنفع ما أقدم عليه من  زج عناصر مرتزقة إلى صفوف الجيش ولا تلك الوعد التي أطلقها من توزيع الأراضي والرتب لإفراد قواته المتجحفلة على أطراف الانبار من حسم الموقف…

لم يعد أمام المالكي فرص كبيرة مع زيادة أعداد الضحايا من الجيش وهروب باقي جنده من ساحات القتال واقتراب موعد انتخاب مجلس النواب 2014 فعداد الأيام تتناقص وعليه أن يحسم الأمر إما أن يغلو أكثر في دماء العراقيين ويدفع بالجيش لاقتحام الفلوجة ويفتح الباب لقتال غير معلوم النهاية تستنزف الأخضر واليابس ليس على نطاق الانبار بل تشتمل نارها باقي مناطق العراق لا سامح الله أوان يحتكم إلى العقل ويدع الأمر إلى الحكماء من أهلها .

أحدث المقالات