23 نوفمبر، 2024 5:24 ص
Search
Close this search box.

الحماقة السياسية

الحماقة السياسية

-1-
من أبرز مصاديق الحماقة السياسية إقدام المحتلين للعراق في 2003 ، على حلّ الجيش العراقي وادخال البلاد في “فوضى” اختلط فيها الحابل بالنابل …

وجُرّد ” العراق” من القوات المسلحة، الموكولة لها مهمات حفظ الأمن وصيانة الأرواح والممتلكات في الداخل ،والدفاع عن الوطن من كلّ عدوان خارجيّ …

واذا كان المبرّر لتلك العملية الرهيبة، الخشية من قيام القوات المسلحة العراقية ” بانقلاب عسكريّ، يُعيد البلاد الى العهد الدكتاتوري البائد فانّ تلك كلمةُ حقٍّ يُراد باطل .

إنّ الخشية الحقيقية تكمن في أنْ يكون للعراق جيشٌ قويٌّ ضارب، يمكن ان يلعب دوراً مهماً لتحرير أرضنا المغتصبة في ” فلسطين ” من الصهيونية الغاصبة الجاثمة بكابوسها في قلب وطننا الكبير .

وبالفعل فقد تمّ للمحتلين – المعروفين بخططهم الماكرة الهادفة لجعل الكفة الصهيونية راجحة في ميزان الصراع – ما يريدون .

-وللاسف الشديد – .

ويخطأ مَنْ يعتقد أنّ الجيش العراقي الباسل، يمكن أنْ يكون جيشَ طاغيةٍ عنيد ، متنكر لشعبِهِ وأهلِهِ ،وإنْ وُجد فيه من باع ضميره ودينه، فهؤلاء يشكلون ” الاستثناء الذي لا يقاس عليه ..!!

-2-

والحماقة السياسية، التي ارتضاها (المسؤول التنفيذي المباشر السابق) ان تكون صفقات التسليح – عبر الفترة الممتدة (2006-2014) والبالغة مئات المليارات من الدولارات – أسوأ ما يمكن أنْ تتصف به الصفقات العسكرية من رداءةٍ وعيوب ..!!

إنّ الصفقات المبرمة يشوبها طابع الحرص على نهب أكبر مقدار ممكن من المال العام، ولا يهمها ما يكون عليه السلاح من جودة وقدرة على الوفاء بالمهمات الخطيرة …

لقد استمعتُ بالأمس الى وزير الدفاع ، وهو يتحدث عن مواصفات بعض تلك الاسلحة الرديئة ، فأيقنتُ بانّ مبرمي تلك الصفقات هم من كبار المفسدين ، وقد شُكلّت اللجان التحقيقية التي أحالت بعض اولئك الفاسدين الى المحاكم، فيما تواصل اللجان الأخرى أعمالها في التحقيق مع الاخرين …

لقد انبثقت هذه اللجان بعد التغيير الذي حصل في 9 /9/2014 وليس قبل ذلك …

والسؤال الان :

لماذا كان (المسؤول التنفيذي المباشر الاول السابق) يغض النظر عن كل ما انطوت عليه تلك الصفقات المشبوهة من ثغرات وسيئات ؟!!

وهل يمكن ان نسمي ذلك بغير الحماقة السياسية ؟!!

-3-

وبرزت ظاهرة (الفضائيين) في المؤسسة العسكرية وفي غيرها من المؤسسات …

ويكفي أنْ نعلم أنّْ هذه الظاهرة كانت في طليعة العوامل التي أدّت الى الانتكاسة الكبرى في (الموصل) يوم داهمها (داعش) بعصاباته المسعورة في 10/6/2014 .

-4-

ثم ان المواقع والمناصب الامنية والعسكرية الحساسة كانت تباع وتشترى ..!!

وهذه ايضا من الحماقات السياسية الكبرى، اذ كيف يمكن الركون الى زُمرةٍ لا تحسن الاّ فن اصطياد الأموال ،ولا يعنيها صالح البلاد من قريب أو بعيد ؟!

إنّ وزير الدفاع الدكتور خالد العبيدي ، اعتبر اعتماد القيادات العسكرية الجديدة واحداً من اسباب النجاح في تحرير صلاح الدين .

-5-

ثم انّ الاعتماد على ” موظف صحي ” في أخطر المهمات المرتبطة بأمن البلاد ، يُعدّ هو الآخر حماقة سياسية ..!!

أين غاب المهنيون المخلصون القادرون على النهوض بالمسؤولية ؟!

ولماذا استبعدوا ؟

-6-

وقديما قال الشاعر :

لكلّ داءِ دواءٌ يُستطبُ به

الاّ الحماقة أعيتْ مَنْ يداويها

ولقد كانوا يردّون شهادة التقيّ اذا اتسم بالحماقة :

ذكر ابن قتيبة في عيون الأخبار ج1 ص 71 :

قيل لعبيد الله بن الحسن العنبري :

أتجيز شهادة رجل عفيفٍ تقيّ أحمق ؟

قال :

لا ، وسأُريكم

ادعوا لي أبا مودود حاجبي ، فلما جاء ،

قال له :

اخرج حتى تنظر ما الريح ؟

فخرج ثم رجع فقال :

شَمال يشوبها شيء من الجنوب .

فقال :

أتروْني كنتُ مُجيزاً شهادة مثل هذا ؟

[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات