18 ديسمبر، 2024 8:17 م

الحل في سوريا لن يكونَ إلا عسكرياً وليسَ سياسياً

الحل في سوريا لن يكونَ إلا عسكرياً وليسَ سياسياً

منذ الأيام الأولى لانطلاقة الثورة السورية، قبل عشرِ سنوات ونيف، والمسؤولون الأمميون، والمحليون، والإقليميون، وكثيرٌ من الشخصيات الهزيلة، المحسوبة على المعارضة، كانوا ولا زالوا، يصرحون كلهم بصوت واحد، وبكلمات واحدة – لأن المعلم واحد – أن الحل في سوريا، لن يكون إلا سياسياً.
انطلاق مؤتمرات صداقة الشعب السوري
ومن أجل ذلك! انطلقت منذ الأشهر الأولى للثورة، مؤتمرات ما يُسمى (صداقة الشعب السوري) والتي بلغت سبعة مؤتمرات أو أكثر، لم يجن منها الشعب السوري شيئاً، إلا الحنظل، والعلقم. ولم توقف آلةَ القتل الأسدي، ساعةً واحدةً من ليل أو نهار. وإنما كانت ملهاةً للشعب السوري المسكين، المعذب، واحتفالات كرنفالية، واستعراضات شعبية، سيركية، سحرية، وتمثيليات كوميدية هزلية، خداعية، وتضليلية! لإلهاء الشعب السوري، وتخديره، وبيعه أوهاماً خيالية، وأحلاماً وردية، وتمنيات حلوة جميلة، في الفضاء الخارجي.
وبعدها انطلق مؤتمر جنيف 1 في عام 2012، ثم جنيف 2 في بداية 2014 ، الذي دعا إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية، إلا أنه لم يُطبق ولا بند واحد من بنوده العديدة، بالرغم من أنه في مجمله، لا يلبي ولا عُشْر معشار أهداف الثورة.
ثم بعد ذلك بسنتين تقريباً، وفي أواخر عام 2015 صدر قرار من هيئة الأمم المتحدة يحمل رقم 2254 يدعو إلى المفاوضات بين نظام بشار، وبين ما يُسمى المعارضة، للتوصل إلى حل سلمي.
وبالرغم من مضمون القرار، الذي كان أضعف، وأهزل من بيان جنيف 2 ، إلا أنه لم يُطبق على أرض الواقع منه أي شيء.
انطلاق مسلسل مؤتمرات أستانة
ثم كانت الطامة الكبرى! وهي انطلاق مسلسل من مسرحيات مؤتمرات أستانة المضحكة المبكية، التي كانت أشدَ سوءاً، وأشرَ، وأقبح، وأكثر خيبة للسوريين، والتي تم إجبارهم بالعصا – وهي تضرب قفاهم – لحضورها، سواءً كانوا سياسيين، أو عسكريين، وتم تشكيل ما يُسمى (الضامنون) الذين كانوا يعلنون ظاهرياً، أنهم يريدون ضمان الأمن، والسلام للمدنيين، ووقف إطلاق النار. فأطلقوا مصطلحات غريبة قميئة مثل (مناطق خفض التصعيد) على زعم تحقيق الأمن، والسلام، ووقف إطلاق النار على المدنيين. وباطنياً! كانوا يريدون ضمان أمن، وسلامة النظام الأسدي، وتسليمه المناطق المحررة، واحدة تلو الأخرى، حيث فعلاً! بدأت قبل شهر من انطلاق هذا المسلسل المقيت، بتسليم حلب، ثم تتابع سقوط المناطق، وتسليمها للنظام الأسدي.
وكان الضامنون يجتمعون في سوتشي الروسية! لمتابعة تسليم المناطق المحررة، إلى النظام الأسدي رَشاً ودِراكاً، وتفريغها من المقاتلين، وشحنهم مع عائلاتهم، بالباصات الخضراء إلى إدلب. فانحشر كل المعارضين، والثائرين ضد النظام الأسدي، في إدلب، التي تشكل حوالى 9% من مساحة سوريا فقط ، بعد أن كانوا يسيطرون على 70% من مساحة سوريا.
مناداة جميع المسؤولين بالحل السلمي
وبالرغم من أن جميع المسؤولين الأمميين، والاقليميين، والمحليين الذين نادوا – كما ذكرنا آنفاً – بالحل السياسي السلمي في سوريا، إلا أنهم حقيقة ما كانوا يؤمنون به ولا للحظة واحدة، وما كانوا يريدون تطبيقه. كما أن النظام الأسدي، ما كان يؤمن به، وما كان يقبل به – سواءً حسب رؤية جنيف 2 ، أو حسب قرار 2254 – لأن تطبيق أي بند من بنودهما – بالرغم من هزالتها، وضعفها، وتفاهتها – سيؤدي حسب مفهومه، إلى سقوطه من الحكم عاجلاً أو آجلاً، وكان هذا هو نفس المفهوم الدولي أيضاً.
ولذلك فإن دول العالم قاطبةً – وخاصة التحالف الثلاثي الأسود، الشرير، الصهيونية والصليبية وإيران – يخافون جميعاً خوفاً شديداً، من تصدع، وتفتت نظام الأسد، الحامي القوي للاحتلال الصهيوني، والداعم الكبير لإيران، لكي تتغلغل في سورية، وتنشر أفكارها الرافضية الشيعية المعادية بشدة للإسلام، والمسلمين، وتحتل مناطقهم، بعد تفريغها منهم، والمستسلم استسلاماً كلياً لروسيا القيصرية الأرثوذوكسية، التي تحتل سورية من أقصاها إلى أقصاها، وتتحكم في مقاديرها، وإدارتها، وثرواتها.
فالحل السياسي! ليس هدفاً، ولا مطلباً – سواءً للنظام الأسدي، أو النظام الدولي – وما تصريحات المسؤولين في دول العالم المختلفة، بضرورة تطبيق الحل السياسي، إلا من باب التعمية على الشعب السوري، ومن باب المتاجرة بدمه، واللعب بأعصابه، ومن باب الاستهلاك المحلي، وتضييع الوقت، وإطالة زمن المحنة والابتلاء على الشعب السوري.
وبالرغم من أن بيدرسون المبعوث الأممي إلى سورية، والذي سبق أن صرح في 15/3/2021 في الذكرى العاشرة للثورة، بأن “الحل السياسي هو الطريق الوحيد للخروج من أزمة سوريا.. حان الوقت لنسير بسرعة في المسار السياسي لنعيد وحدة واستقرار سوريا”. حسبما ورد في موقع روسيا العربي.
إعلان بيدرسون وفاة الحل السياسي في سوريا
لكنه الآن تراجع عن رأيه، وأعلن للائتلاف، بأنه لا حل سياسي – حسبما ورد في صفحة معاذ الخطيب -.
(ومنها اللقاء قبل أسبوع مع المفوض الدولي بيدرسون العائد من دمشق مصاباً بإحباط شديد وأوصل إلى الائتلاف وهيئة التفاوض واللجنة الدستورية رسائل خلاصتها: لا حل سياسي ولا لجنة دستورية (نحن نرفضها من البداية) ولا إمكانية لتنفيذ القرارات الدولية ومنها ٢٢٥٤ ).
من صفحة معاذ الخطيب في 19/9/2021
(وما ذكرته عن تشاؤم بيدرسون صحيح تماماً، وتقرير الائتلاف واضح تماماً ويقول بالحرف: ليس هناك أمل بحل سياسي في سورية).
من صفحة معاذ الخطيب في 20/9/2021
ويعلن المسلط رئيس الائتلاف، بحسرة، وأسى لموقع الأناضول قبل أسبوع (ولكن المشكلة ليست في الائتلاف بل بتراجع المواقف الدولية تجاه العملية السياسية”.
والآن! أخذ بعض السوريين يدركون أن مسألة الحل السياسي في سوريا، ليس إلا كذبةً كبيرةً، وخديعة للشعب السوري، لا يؤمن بها إلا المغفلون، وصغار الأحلام، ودهماء العامة، الذين ينعقون بما لا يسمعون إلا دعاءً ونداءً، صمٌ بكمٌ عميٌ، فهم لا يعقلون.
علماً بأننا حذرنا قومنا منذ ثمان سنوات خلت، من خرافة الحل السياسي، وكتبنا مقالاً في هذا الصدد، نشرته عدة مواقع، ومنصات إعلامية معروفة، ومشهورة.
ولكن بقي أكثر الناس – إلا قليلاً منهم – يلهثون، ويركضون وراء سراب الحل السياسي، المرفوض دولياً، منذ قيام الثورة، وليس الآن، ولكن أكثر الناس لا يعقلون، ولا يتفكرون.
لا حل في سوريا إلا بالعمل العسكري
إذاً! لا حلَ في سوريا، إلا بالعمل العسكري، رغم أنف التحالف الدولي، ورغم أنف جميع الأنظمة العالمية، إذ أنه طالما أن عائلة الأسد، جاءت إلى الحكم على ظهر دبابة، وبقوة العسكر، قبل إحدى وخمسين سنة، فلا يمكن عقلياً، ولا منطقياً، ولا استراتيجياً، ولا عملياً، أن يتم اقتلاع هذه العائلة مع ملحقاتها، إلا بقوة السلاح.
لا يمكن أن يُتخيل، أو يُتصور، أن تقبل هذه العائلةُ القاتلةُ المجرمةُ، بالتنازل عن الحكم، عبر المفاوضات، خاصة وأن الحلف الدولي بأجمعه، يؤيدُ، ويدعمُ، بقاءها في الحكم.
وهنا سينبري بعض الطيبين ويسألون – وحُقَّ لهم أن يسألوا – وكيف سيكون حلاً عسكرياً، والفصائل المقاتلة كلها – إلا قليلاً جداً منها – في الشمال، قد ركنت إلى التجارة، والدعة، وأخلدت إلى الأرض، وانشغلت بالاستمتاع بالحياة الدنيا، وخانت الله ورسوله، ودماء الشهداء، وأصبحت أسيرة جهات أجنبية، رهنت مصيرها معها، لا تتحرك إلا بأوامرها؟
لا شك! أن الحلَ العسكري، أمرٌ عظيمٌ، وذو شأن كبير، ويحتاجُ إلى رجال أولي بأس شديد، وذوي رجولة، وشهامة، ومروءة، وذوي إيمان عميق بالله وحده، وإيمان بضرورة، ووجوب تحرير سوريا، من الأسد وزبانيته، ومن جميع المحتلين.
تكوين جسم سياسي عسكري جديد
وأن يقوم هؤلاء المقاتلون الشجعان، مع أمثالهم من المفكرين، والمصلحين، والسياسيين، بتكوين جسم جديد، وتجمع جديد، يختلف كل الاختلاف عن التكوينات الهزيلة، المشتتة، المبعثرة، العميلة للشرق والغرب، والميتة روحياً، وعقلياً، وقلبياً، وفكرياً، الموجودة الآن على الساحة السورية.
ومن أجل ذلك! دعونا إلى (تجمع السوريين الأحرار) الذي يضمُ جميعَ النُخبِ، والصفوة من السوريين المتمردين على حكم الأسد، وعلى من يسانده، ويدعمه، ويؤيده، من القوى الدولية المختلفة.
وقد استجاب – بفضل الله تعالى – عددٌ قليلٌ جداً، ولا نزال نطمعُ، ونعملُ على أن يستجيب الآخرون، لأنه هو الحل الوحيد للتحرير، وإن كان الطريقُ طويلاً، ومفروشاً بالشوك، والأحجار، والعقبات الكأداء. وأكبرُ عقبةٍ، هي تحدي الإرادة الدولية، الصهيونية والصليبية والشيعية، المجتمعة كلها في صف واحدٍ، للمحافظة على النظام الأسدي.
والله تعالى يدعو المؤمنين إلى قتالهم، ويطمئنهم إلى أنه سيعذبهم بأيديهم، ويشف صدورهم ﴿ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ﴾ التوبة 14.
ولكم الخيار – أيها السوريون – إن شئتم أن تكونوا أحراراً، أباةً، تأبون الضيمَ، وتريدون أن تعيشوا أعزاءً، كراماً، وترجعوا إلى بلدكم، ودياركم، وتكونوا أنتم السادة عليه، وتقتلعوا كلَ من أذاقكم الذلَ، والهوانَ، طوال أكثر من نصف قرن.. فما لكم من ملجأٍ، ولا مفرٍ، إلا دعمَ، وتأييدَ هذا التجمع، الذي هو الوحيد، الذي يحمل بارقة أمل لكم، في تحقيق ما تصبو إليه نفوسكم العزيزة.
وإن شئتم! أن تبقوا عبيداً لآل الأسد، وللتحالف الدولي، وأن تبقوا مشردين، لاجئين، مشتتين، مبعثرين، هائمين على وجوهكم.. فما لكم إلا أن تخلدوا إلى الأرض، وتستكينوا، ولا تفكروا إلا بتأمين الطعام والشراب.
فماذا تختارون يا بني قومي؟