رجل متوسط العمر يعيش هو وزوجته، وولده، فقير مادياً ولايملك من حطام الدنيا سوى بيت من طين خارج المدينة، وله أرض زراعية لاتتعدى مساحتها ألفي متر مربع، يزرعها بالخضراوات، ليبيع منها في سوق المدينة، ويشتري بعض المواد الضرورية، كالشاي والسكر والسجائر، ويذهب يومياً كعادته ليجلس تحت ظل شجرة بعيدة قليلاً عن مسكنه، ويبدأ بعزف الناي، وذات يوم وهو يعزف حزايني كعادته، خرجت من جحر قريب منه أفعى كبيرة نسبياً، ووقفت أمامه وهي تتلوى وترقص على صوت الناي، إلى أن ذهبت إلى حجرها وأتت بعد قليل وهي تحمل في فمها ليرة ذهب، وتركتها أمامه، فأخذ الليرة وعاد إلى منزله فرحاً مبهوراً، وفي اليوم الثاني عاد لنفس المكان كعادته، وحصل معه نفس الأمر مع الأفعى الكريمة، واستمر الحال لسنوات، فأصبح هذا الرجل من أغنى أغنياء المدينة، واشترى أملاك كثيرة، وأرض زراعية كبيرة، وشغل عليها الكثير من الفلاحين، ولكن على الرغم من كل ماأصابه من خير، إلا أنه لم يترك عادته ورفقته مع الحية الكريمة، واستمر في الدوام معها يومياً، وذات يوم قرر أن يحج إلى بيت الله الحرام، وكان السفر في وقته يستغرق أشهراً، فقرر أن يكلف ابنه بقضية الذهاب إلى الشجرة، والعزف للأفعى، حيث كشف له في يومها عن سر غناه المادي، فقال له إياك أن تخلف الوعد مع الأفعى، وعليك أن تذهب يومياً لتعزف، وتأتي بالليرة الذهب، وفعلاً ذهب الأب إلى الحج، وذهب ابنه في نفس اليوم إلى الشجرة، وأخذ يعزف على الناي، فخرجت الأفعى وأخذت بالرقص أمامه، ومن ثم دخلت إلى حجرها وأتت له بالليرة الذهب، وعادت إلى حجرها، وعندما ذهب إلى البيت ونام على فراشه وسوس له الشيطان بأمر غريب، فقرر أن يسير خلف هذه الوسوسة، وذهب في اليوم الثاني إلى الشجرة، ومعه الناي وأداة الجريمة الفأس، وقرر أن يقتل الأفعى، ويستولي على كل الذهب الذي في حجرها، وأخذ يعزف على الناي فخرجت الأفعى، وإنتهت وذهبت لكي تأتي له بالليرة، فهاجمها وضربها بالفأس لكنه أصاب ذيلها، فدارت عليه، فلدغته وقتلته بالحال، وبعد عودة والده من الحج، سأل زوجته عن ولده فقالت له ذهب إلى الشجرة، فلدغته أفعى وقتلته، وفي اليوم الثاني ذهب الرجل إلى الشجرة، فعزف طويلاً ولكن لم تخرج الأفعى من جحرها، وعاد إلى البيت، وفي اليوم الثاني عاد إلى الشجرة، وأخذ يعزف على الناي، فخرجت الأفعى ومعها الليرة، ولكنها لم ترقص، فتعجب الرجل من ذلك، فبادرته الأفعى بالقول أيها الرجل الطيب أرجوا من اليوم أن نقطع علاقتنا نهائياً، بعد هذا العمر الطويل، الذي قضيناه معاً، فقال الرجل ولماذا ياسيدتي، فأنا لازلت أحبك، وقادر على إسعادك، فقالت له لا يارجل نحن لانستطيع أن نعيش معاً بعد اليوم والسبب هو أنني لن أنسى ذيلي الذي قطعه ولدك، وأنت أكيد لن تنسى ولدك الذي قتلته أنا، فلهذا السبب لايمكن أن نستمر في العيش سوياً.
دخلوا بالمعروف وخرجوا بالمعروف، لله درك أيتها الأفعى!