مسألة ادارة البلاد وقيادتها نحو مصاف التطور والرقي الذي تعيش في كنفه دول وشعوب كثيرة سبقناها نحن سنوات طويلة بالحضارة والكتابة والعلم، فسبقتنا هي بحسن الادارة والعمل والتنظيم واشياء اخرى، اقول ان مسألة ادارة البلاد مرهون بوضع خطط استراتيجية على مدى بعيد ومدروس ومراقبته بدقة وبطريقة علمية، كي ننعم ولو قليلا ورويدا بما وصلته دول اخرى مجاورة وصديقة وحتى معادية كفلت لمواطنيها العيش الكريم في اقل تقديراتها وضمنت لمواردها الاستمرار والديمومة نحو خطط اكبر ومشاريع اطول..
وفي مقارنة مع الشأن العراقي، فأن اي خرق او اخفاق في ادارة تلك الخطط والمشاريع الاستراتيجية يتلقى ردة فعل واحدة ، تعبيراً عن الرفض والاستنكار سواء من الجمهور او ممثلي الشعب او حتى كبار قادة الحكومة عندنا، عبر اللجوء الى سياسة التهديد والوعيد والتلويح بالاستجواب، والعصيان، وفتح الملفات الفسادية المركونة والمهيئة في كل وقت لتكون رداً مخيفاً ورادعا لكل طارئ لاتحمد عقباه,,, ومجمل ردود الافعال تلك هي سبب علتنا.. وفشل حتى الخطط الاتستراتيجية التي نسمع بها ولانرى لها اثراً بازغاً يملي العين منذ اكثر من ثمان سنوات من عمر التغيير الذي طالما نشدنا له والى ماسيحمله لنا من خيرات واحلام ووعود..
المشكلة اننا دوما نتحدث بفخر عن رقي دول وشعوب معينة، وتمنى ان نصل لما وصلت اليه وننسى اليات اتبعتها تلك الدول بشكل قضى على كل ماأعترضها من عمليات اخفاق في مشاريعها، عبر اللجوء الى سياسة مراقبة الاداء بشكل علمي ومدروس ومسيطر عليه، وليس عبر سياسة جبر الخواطر والترقيع هنا وهناك لبعض قادة المؤسسات الخدمية والتطويرية في البلاد في محاولة للتغطية على فِشلهم مادام الفاشل المعني من الكتلة الفلانية أو القائمة العلانية او من اهل العشيرة او حتى اولاد العم والخال..
مشكلة الكهرباء الوطنية كأنموذج مشهور في العراق، بسبب شحتها الشهيرة، وخراب معظم الخطط التي اعلنتها الحكومة سابقاً لاجل تحسينها تلاقي ذات المصير عبر التلويح بالاستجواب والتهديد والخروج بتظاهرات وعصايانات وجولات عنف متوقعه للمطالبة بأصلاحها، وتحسينها ، في حين نسينا ان هناك لغة اقوى للمحاسبة وتقويم الاداء بشكل علمي عبر سياسة المراقبة وتتبع اداء مجمل الاعمال للوقوف على نقاط التقصير وملاحقتها قانونياً، وبشكل علمي واداري منضبط واقصد تكثيف عمليات المراقبة الالكترونية خلال مشاريع العمل، وعندها سيكشف لنا الجهاز الالي الذي حتما لايضمر لاحد عداوة او ضغينة مواطن التقصير والعلة في تعطل تحسين الكهرباء وهذا ماتمارسه معظم الدول التي نجحت بعدنا وقبلنا في تحسين بنيتها التحتية ومشاريعها الاستثمارية والخدماتية، انها بأختصار سياسة (الرقيب الالي) الذي يدخل كل مفاصل العمل و يحدد بشكل جلي اسباب اخفاق اي مشروع او خطة ومدى تأخرها واحتياجاتها، عندها سيكون بالامكان اصلاح الخلل ومواصلة الاداء ومعاقبة المقصر وفق القانون كونه المسؤول الاول عن ذلك وهذا ايضا يحدده الرقيب الالي ولايحق عندها لاحد ان يتدخل لفض الخلاف والتوسط بورقة اصلاح او بغيرها لان تلك الاصلاحات سيرفضها الرقيب ويتفرغ الى عمله بهدوء، وحتى يطيق لدينا ذلك النظام علينا انتظار وعود وزارة الكهرباء التي بشرتنا مؤخراً بحل ازمة الكهرباء خلال عامين قادمين فقط.