بعد سنتين من نزول عناصر حزب العمال الكردستاني “pkk” من معقلهم الأساسي في سلسلة جبال القنديل الواقعة كمثلث حدودي بين العراق وتركيا وايران، إلى أراضي إقليم كردستان لمحاربة تنظيم “داعش”، ومنها مشاركتهم العشرات من مقاتليهم مع قوات الامنية الكردية للدفاع عن محافظة كركوك في الجمعة ماقبل الماضية، أنهت الولايات المتحدة الأميركية صمتها بشأن تواجد عناصر الحزب في الأراضي العراقية، وكان هذا الإنهاء أشبة بذر الرماد في العيون للمعترضين والممتعضين من هذا التواجد بتأكيد المبعوث الرئاسي الخاص للرئيس الأميركي بان “pkk” منظمة إرهابية وتواجدها بالعراق يقلق أنقرة مثل قلقها تجاه “داعش”، كما أنها مدعاة قلق لحكومة الإقليم وحل هذا التواجد متروك لبغداد واربيل.
أميركا أوصلت رسالتها، بطريقة ربما عادلت فيها توازناتها تجاه الجهات الثلاثة؛ أولها أمام حليفتها في الحلف الأطلسي والتحالف الدولي تركيا بالقول إننا “متمسكون بقرارنا في ادراج العمال الكردستاني (pkk) ضمن لائحة الإرهاب ولا نرغب ببقائه بمدن كردستان العراق او المناطق المحاذية لها مثل كركوك التي تتمتع بخليط سكاني من مختلف القوميات والأطياف وجعلها معقلاً جديداً غير جبال قنديل التي تقصفها طائراتكم باستمرار”.
وتريد واشنطن من تلك الرسالة أن توصل للعالم أن صديقها في إقليم كردستان المتمثل بالحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني، قلق أيضا من تواجد حزب العمال الكردستاني في قضاء سنجار ذي الأغلبية الايزيدية التابع لمحافظة نينوى، وان استمرار بقائهم يغير من الخارطة السياسية الكردستانية في الإقليم لقربهم من الخصم السياسي لبارزاني.
وأما الحكومة العراقية التي تمتاز بعلاقة جيدة مع العمال الكردستاني وتعززت هذه العلاقة بعد مشاركة الحزب بأكثر من مكان للقتال ضد التنظيم في العراق، قد تكون الطرف غير المتعب للولايات المتحدة بهذه المسالة المعقد لكثرة مشاكلها التي تغنيها عن الدخول بالمعادلة الكردستانية الصعبة، لكن بغداد إن أرادت الاستجابة للمطالب التركية باخراج الحزب من العراق، كونها المسؤولة الأولى عن كل الاراضي العراقية فانها سرعان ما ستواجه باعتراضات أصدقاء الـ”pkk” في الإقليم كالاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير، بدعوى أن ما يجري هو خلاف إخوة فيما بينهم وسيؤول الى الحل ولا حاجة للتدخل بينهم.
الدائر في حسابات العمال الكردستاني هو عدم الخروج حالياً من الاماكن التي يتواجد فيها وخاصة سنجار، لاعتقاده أن ذلك سيسهم بعودة التنظيم للسيطرة مجددا وتكرار ابادة المكون الايزيدي الذي ينتمي غالبية عناصرهم للحزب.
كل هذا لا يخرج الموقف الأميركي عن ربطه بالوضع السوري الذي يزداد تعقيداً يومياً، ومنه الانزعاج التركي من القوات الكردية بسوريا “وحدات حماية الشعب” المتهم من قبل أنقرة بأنها الجناح السوري للعمال الكردستاني، وترفض مشاركتها في اي عملية تحرير لاعتقادها بانها ستشكل خطراً عليها مستقبلا عليها.
لكن تركيا بقيت صامتة، تجاه إعلان الولايات المتحدة الأميركية مشاركة وحدات الحماية الركيزة الأساسية لـ”قوات سوريا الديمقراطية” بعمليات عزل مدينة الرقة عاصمة لتنظيم “داعش”، بسبب حسابات اميركية تتعلق بسوريا او لرد الدين على التفرج الاميركي تجاه قواتها بمنطقة بعشيقة شمالي العراق او للعب واشنطن دور الوسيط المنحاز لحليفها التركي.
[email protected]