18 ديسمبر، 2024 9:33 م

الحلبوسي وعبد المهدي ..لماذا تسخران منّا ؟ !

الحلبوسي وعبد المهدي ..لماذا تسخران منّا ؟ !

بعد الدعوة الفاتنة من السيد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي للمواطنين الكرام بالإبلاغ عن أي مظهر من مظاهر الفساد ، رافقاً إيّاها بتهديد مبطن ، من إن أي بلاغ بلا أدلة سيعرض صاحبه الى المساءلة القانونية ..بعد هذه النكتة يلتحق رئيس البرلمان السيد محمد الحلبوسي بنوادي الفكاهة العراقية ويدعو من منصته الفخمة في مجلس النواب المواطنين بالإبلاغ عن مظاهر الفساد في البلاد ..
من حقنا أن نسخر بنوع من الكوميديا السوداء من هكذا دعوات تتسم بالدعابة الثقيلة معنا ، وكأن الفساد المالي في البلاد بحاجة الى من يبلغ عنه بعد أن وصل الفساد المالي في البلاد وصل الى حدود الإشهار العلني وعجز الدولة حتى عن الإتيان بمن في القائمة الحمراء للانتربول الدولي ومنهم من يطلق سراحهم من باب الأخوة والصداقة لدى الاشقاء !!
ربما نسيا ممثلا التشريع والتنفيذ إنهما أعلنا عن 40 ألف ملف للفساد المالي قيد الدراسة والتحميص والتمحيص معاً والمداولة ، ونحن بإنتظار الإفراج عنهما من أدراج هيئة النزاهة واللجنة البرلمانية وحديثاً مجلس مكافحة الفساد الذي ربما لم تصل يده بعد الى الملف رقم واحد في هذه الأربعين قضية وتزيد ، وسنبقى ننتظر غودو الذي لن يأتي!!
وربما نسيا إن المشكلة “الأعوص” هي إن المواطن الكريم والمنهوب علناً فاقد الثقة الى حد كبير بالأجهزة المعنية بمكافحة الفساد المالي في البلاد .. ليس لأنها مخترقة من مافيات الفساد فقط ، بلا لأنها عاجزة عن فتح الملفات الكبيرة التي بين يديها ، حتى إضطر أكثر من رئيس لمثل تلك الأجهزة الى الإستقالة والنجاة بنفسه من أوجاع الفشل !!
نسيا عن طيب خاطر فضائح الملفات الكبرى للفساد ..الملفات المليارية التي أفقرت البلاد وأفلستها فأصبح مدينة بفضل تلك البركات..
نسيا من باب عفا الله عما سلف وليس العفو عند المقدرة ، كل تلك الملفات الفاسدة الأكثر دلالاة ووضوحاً في تأريخ الفساد الحديث في البلاد..وذهبا سخرية وتشفياً الى المواطن الكريم والمسكين الذي يمشي متستراً بجدران هشة من أذرع إخطبوط الفساد المالي التي بإمكانها أن ترحّله الى العالم الآخر وقراءة الفاتحة على روحه في مجلس العزاء مع إبتسامة المنتصرين ..
نسيا إن البلاد هي خارج البلاد ، تحكمها قوانين ماقبل الدولة ، قوانين العشائر والقوى المسلحة المنفلتة والحكومات العميقة وحمايات السادة النواب والمسؤولين في الحكومة وتوازنات الرعب التي تشبه القنبلة الموقوتة ..!
نسيا ..إن نواباً ووزراءً يحتلون ، نعم يحتلون، عقارات الدولة في قلب المنطقة الخضراء وفي مناطق بغداد الأكثر ثراءً ، في أسوأ مشهد من مشاهد الفساد في البلاد ، وهو مشهد يمر من أمامه السيدان الحلبوسي وعبد المهدي يومياً ، وربما يكونا في بعض الأحيان ضيوفاً في هذه العقارات بدعوات باذخة للغداء أو للعشاء أو لتمضية أمسيات حبيّة لمناقشة أمور البلاد وخطط محاربة الفساد المالي !!
السيد عبد المهدي إستقر به المقام تحت خيمة الكتل الكبيرة التي ربطت خطواته بمساراتها حتى حوّلته تلك الكتل الى رجل لاحول له ولاقوة له بإستثناء خطاب الثلاثاء الفقير ، فيما تخلى السيد الحلبوسي عن حماسته بالتغيير وإنخرط في الجو الذي جاء به الى كرسي الرئاسة الوثير !!
وإكتفيا على حد علمنا بإطلاق النكات بين فترة واخرى لتخفيف العبء عن المواطن ، وآخرها نكتة نفض اليد من المحاربة الحقيقية للفساد وتحميل المواطن مسؤولية مواجهة الغيلان وإمتداداتها ..
نعم نكتة من العيار الثقيل ..لكنها نكتة مؤلمة تجسّد الفشل الذريع في قيادة البلاد والعباد !!