22 ديسمبر، 2024 1:32 م

الحلبوسي..بين اللاعب السياسي ..والمستقبل الإنتخابي ..وحلم الزعامة

الحلبوسي..بين اللاعب السياسي ..والمستقبل الإنتخابي ..وحلم الزعامة

يمكن لأية قراءة متأنية في مستقبل رئيس حزب تقدم السيد محمد الحلبوسي السياسي وما تؤشره عنه نتائج الإستطلاعات والرؤى الإستدلالية للإنتخابات البرلمانية المقبلة للباحثين المتعمقين في متابعة مواضيع مهمة من هذا النوع أن تضع خطوطا عريضة لنتائج متوقعة عن مستقبل السيد محمد ريكان الحلبوسي الأنتخابي والذي كان يشغل منصب رئاسة مجلس النواب في دورتيه السابقة والحالية وقد أهلته لـكرسي (الزعامة) في الأنبار لكن الرجل فقدها (برمشة عين) .

وقد أردنا أن نضع مؤشرات واقعية وليست إستطلاعات معدة سلفا لأغراض الدعاية والترويج الإنتخابي لنتعمق في طبيعة مستقبله السياسي والإنتخابي المقبل لنرى كيف يمكن أن يعيد الحلبوسي (هيبته) التي تاثرت كثيرا بخروجه من مجلس النواب بطريقة إستغلها أعداءه لتوجيه سهامهم له بطريقة لايمكن وصفها إلا بـإسلوب (القتل المتعمد) بإستغلال خطا برلماني، كاد أن تحول الى (قشة قصمت ظهر البعير) كما يقال.

وقد وضعنا له قبل شهرين عبر مقال نشر في مواقع خليجية وعراقية (خارطة طريق) للخلاص من المأزق منها اقتراحنا أن يتحول إسم حزب تقدم الى (التيار الوطني العراقي) كي يتخلص مما لحق بحزب تقدم من عثرات وفتح صفحة جديدة لعبور مرحلة الخسارة بأن يعيد ترتيب حساباته السياسية وخارطة طريقه المستقبلي وتحالفاته وان يعيد صلاته الوطيدة مع كبار الرموز السياسية والعشائرية في الأنبار وفي خارجها وأن يتخلى عن التهمة الموجهة اليه بـممارسة (الدكتاتورية) لكن الرجل لم يسمع النصيحة وربما طبق الملاحظة الأخيرة ، وبقي الجزء الأكبر من مقترحاتنا المهمة ذهبت أدراج الرياح  بالرغم من أن قياديين في حزبه إطلعوا عليها وأشاروا الى إمكانية تطبيق الكثير مما ورد فيها من ملاحظات ومؤشرات عملية وواقعية وما أتخذ من قرارات مهمة في البرلمان في ظل غيابه كانت خطيرة وعرضت مكانة المكون السني للخطر.   

ولكوني منذ الثمانينات  أحد المهتمين بقراءة مضامين إستطلاعات الرأي المنهجية وليست الموضوعة وفقا لأهواء البعض من خلال قراءة متمعنة لنسب حجم مكانة السيد الحلبوسي في المحافظات (السنية) وفي بغداد أيضا كما أتصورها لمستقبله السياسي خلال الإنتخابات البرلمانية المقبلة  في ظل وضعه الحالي وما شهده من (متغيرات خطيرة للغاية)  ضمن المكون السني  فإن لدي جملة مؤشرات تعكس حجم التمثيل المستقبلي للسيد الحلبوسي في الإنتخابات المقبلة وعدد المقاعد التي قد يحصل عليها يمكن أن تكون محافظة الأنبار المؤشر الأول الذي يضعه في تلك المراتب القيمية التي نؤشرها وبحسب النسب المئوية للتأييد الشعبي ، إضافة الى محافظات أخرى ، وفقا لما يلي :  

تتراوح نسبة التأييد الشعبي للسيد الحلبوسي في مدينة الرمادي (مركز محافظة الأنبار) بحسب مؤشراتنا الواقعية مابين 60 _ 65 %  وفي المناطق الغربية من أقضية ونواحي محافظة الأنبار بحدود الـ 40%  وفي الكرمة والصقلاوية (معقل الحلبوسي الجغرافي)  تصل نسبة التأييد الشعبي الى 70%  لكن الفلوجة لن يتجاوز الـ 10 % ومنطقة الحلابسة تتراوح مابين  70 _ 75 %  وفي بغداد لن يتعدى نسبة حصوله على أصوات مكونه 30% وفي باقي محافظات نينوي وصلاح الدين وكركوك وديالي مابين 25 _ 30% في كل محافظة.

أما على صعيد تحالفات السيد الحلبوسي مع القوى الأخرى وبخاصة مع حلفائه الشيعة فتتراوح نسب تأثيرها ما بين 40 _ 50 %  ومع الكرد قد تكون مابين 25 _ 30 %  لكنها مع التيار الصدري تدهورت كثيرا وهو يجد في قوى الإطار المكان الأنسب للتحالف معهم حيث لديه علاقات متينة مع أحزابهم وحركاتهم السياسية القديمة والناشئة وربما يستغل مركزه الإنتخابي المقبل إن حصل على نتائج متقدمة أن يبقى هو ( الخيار المفضل ) لقوى الإطار للتحالف معه،وكذا الحال مع الإخوة الكرد من جماعة الرئيس مسعود البارزاني.

ويتراوح عدد المقاعد التي من المقرر أن يحصل عليها السيد الحلبوسي في الانتخابات المقبلة كليا مابين 25_30 مقعدا في أكثر تقدير.. أما بالنسبة للشيخ خميس الخنجر فإن عدد المقاعد المتوقعة مابين  15 _ 20 مقعدا وقد تنقص خمسة أو يزداد مثلها لكلا الفريقين.

ويمكن أن نحدد سبب توقع حصول السيد الحلبوسي على أكبر نسبة من المقاعد من مدينة الرمادي (مركز محافظة الأنبار) تحديدا لأن أغلب قيادات تقدم في الانبار هي من مركز مدينة الرمادي وفي أطرافها من القرى الممتدة شمال مدينة الرمادي وهي الأكبر جغرافيا بدءا من عشائر البونمر والبومحل والبوعساف والبوعلي الجاسم والبوذياب والبوعيثة والبوفراج والبوعبيد والبوبالي وحتى شرقا ضمن مناطق الخالدية والحبانية والفلاحات قبل الفلوجة حيث ماتزال أغلب عشائر الرمادي وأتباعها في جزيرة الرمادي هم من الموالين للسيد الحلبوسي وأغلب قيادات حزب تقدم الحاكمة هناك هم من تلك المناطق حيث تعد نسبة تأييدها له عالية جدا لكون منطقة الجزيرة وكما أشرت هي معقل أنصار الحلبوسي ومن يعول عليها في تمثيله المستقبلي وعدد المقاعد التي يحصل عليها في الأنبار كونها شهدت تطورا عمرانيا وخدميا لم يسبق له مثيل وهم يخشون فقدان تلك المكانة التي هي عليها الأنبار والتي تحسدها عليهم محافظات عراقية أخرى كثيرة.

وتعد النسب وأعداد المقاعد التي عرضت هي أقرب للواقع كونها بنيت على مؤشرات التأييد للمساحة الجغرافية التي سينطلق منها السيد الحلبوسي وتشكل القاعدة الأساسية لتمركزه خلال الأشهر المقبلة.

أما باقي النسب التي بقيت ضمن التوزيع الجغرافي فتذهب للشيخ خميس الخنجر ولتحالف الانبار الموحد الذي إتسعت قاعدته مؤخرا وقوى وشخصيات عشائرية أخرى من أهل الأنبار ربما ظهرت لها توجهات سياسية حديثة وهي تريد المشاركة لتعرف حجم تمثيلها المستقبلي بالرغم من أنها تدرك أنها تواجه حيتان من أحزاب أنبارية لها تأثير قوي في تلك المناطق.

وعلى الصعيد الأقليمي والدولي فما يزال السيد الحلبوسي يحظى بمكانة لدى دول الجوار وبخاصة السعودية ودول الخليج وإيران وتركيا وعلى صعيد وإسلامي ودولي وحتى علاقاته مع الولايات المتحدة ما تزال جيدة وإن تأثرت بعض الشيء بعد مغادرته رئاسة البرلمان لكن الحلبوسي يبقى ( لاعبا ) لايمكن إنكار دوره المؤثر في كل الأحوال كما أن مكانة الأنبار الإقتصادية والإستثمارية وما تمتلكه من ثروات طبيعية مهمة وبخاصة الغاز والسيلكون والفوسفات ونهر الفرات وأرضيه الصالحة للزراعة وعقول مبدعة وبناءة وفيها أوساط ثقافية وإدارية عليا في قيادة الدولة وخبرات رجالاتها العمرانية الكبيرة وشيوخ عشائرها ورموزها الأصيلة هي من تحافظ على مكانة الأنبار برغم تقلبات الدهر وظلم الزمان.

والسؤال الذي يطرحه البعض : هل أن مكانة السيد الحلبوسي تتأثر كثيرا في ظل تلك المؤشرات  بعد المتغيرات السياسية التي أعقبت خروجه من رئاسة البرلمان؟

والجواب أنه المؤكد أن هناك ( توجهات خطيرة ) حدثت بسبب متعلقات تلك المتغيرات الناجمة عن فقدانه (زعامة الأنبار) التي كان يحلم بها السيد الحلبوسي وكانت مؤهلة أن يحصل عليها أو أن تزيد نسبة حصوله عليها  لو لم يخسر مركزه السيادي كرئيس لرئاسة مجلس النواب وهي (الحادثة الأليمة) التي يظل أهل الأنبار يتذكرون ما تؤول اليهم من تأثيرات (سلبية) خطيرة على مستقبلهم السياسي حيث يخشون عقد إنفراطهم وقوتهم التأثيرية ومكانتهم عبر القرون بعد أن تحولت الأنبار الى (قبلة) في عهد ولاية الحلبوسي الأولى وحتى الى الربع الأول من الولاية الثانية وراح يؤم الأنبار كبار ساسة العراق ومن يريدون إستشارة السيد الحلوسي في القضايا السياسية المهمة او يسعون الى كسب وده  وتحول لفترة الى ما يشبه ( السلطان) الذي يفرض توجهاته على الآخرين في وقت سعت محافظة الأنبار أن تستغل عهدها الذهبي لإستعادة أمجادها التاريخية.

 لكن (غلطة الشاطر) كما يقال هي من أودت بهذا الحلم وعرضت محافظة الأنبار لـ (نكسة أليمة) لن ينسونها على مدى سنوات حيث لم يعط السيد الحلبوسي أذنا صاغية لكثير من القيادات السياسية ونواب برلمان وشيوخ عشائر لهم مكانة محترمة من المكون السني للتخلي عن إنفراده بسلطة القرار وإتهامامه بـ (الدكتاتورية) في الأنبار وفي بغداد وعدم إستجابته للدعوات المخلصة التي حذرته من مخاطر تلك السياسة وتبعاتها لكن الرجل كما يقول كثيرون من قيادات الأنبار ومن رموزها العشائرية أن الحلبوسي أصر للاسف على ركوب رأسه وكانت النتيجة على تلك الشاكلة من الدروس المريرة والقاسية التي يصعب تعويضها في فترات زمنية مقبلة في وقت قريب .