23 ديسمبر، 2024 9:22 م

الحكيم يقلب الطاولة

الحكيم يقلب الطاولة

أن الدولة العصرية الحديثة التي دعى اليها تيار السيد الحكيم  في اغلب خطاباته السياسية والثقافية كانت ترمي الى لسعي لبناء دولة المؤسسات والبناء والتنمية والتغيير السريع ، ونحن اليوم وفي الالفية الثالثة م نشاهد شكل هذه الدولة ومضمونها وسياق عملها مثلما كانت في العهد الماضي ، فالدولة العصرية مكونة من مؤسسات تعمل بنسق عالي بين روابطها وتكون العلاقة بينهما تكاملية  ، فوزارة الزراعة مثلاً لاتتوقع نجاحات متميزة في ارتفاع نسبة المحاصيل الزراعية ما لم يكن هناك نجاح متسق في الصناعة وتوفير المستلزمات الضرورية لنجاح العملية الزراعية في البلاد من مكائن ومعدات ، ولايمكن أن تحقق الزراعة نجاح ما لم يكن هناك نجاح لوزارة الري في شق الانهر وتوصيل مياه السقي الى تلك المناطق .
المنجزات التي حققها المجلس الأعلى الإسلامي العراقي الذي هو جزء مهم من مكونات تيار شهيد المحراب (رض) سواء في المعارضة العراقية او بعد سقوط الديكتاتورية لا يمكن لها أن تتحقق لولا التجارب التي خاضها المجلس الأعلى طيلة ثلاثة عقود من التصدي للنظام الشمولي الديكتاتوري البائد، فهذه التجارب سواء كانت سياسية ام أمنية ام عسكرية ام اقتصادية ام دينية ام اجتماعية اعتمدت بالدرجة الأساس على الواقع العراقي المؤلم آنذاك لذلك جاءت كل الخطط التي اعتمدها تستند بالأساس لخلاص الشعب العراقي من الظلم والقهر والاستبداد والتهميش فضلاً عن السجون والقتل الجماعي الذي تعرض لها الشعب العراقي تحت ظل حكومة البعث الصدامي البغيض، فوضع في رأس أهدافه إسقاط الحكم الجائر وتخليص الشعب العراقي من العبودية.
 اليوم هذه المبادرات الوطنية التي طرحها السيد عمار الحكيم بمعالمها المتعددة تناولت أهم مفاصل بناء العراق الجديد ومؤسساته القانونية والدستورية اذ لا يمكن لأي نظام مهما أوتي من قوة أن يستمر اذا لم يحتكم الى دستور دائم ينظم العلاقة بين الدولة والمواطن،وإذا لم يستطع توفير مستلزمات العيش الكريم لأبناء شعبه بعدالة اجتماعية وواقعية والتي تبين ان علاقة المواطن بالدولة تحكمها الواجبات والحقوق لذلك فإن من متطلبات بناء الدولة العصرية تقتضي استنفار كل الجهود والإمكانات والطاقات المادية والمعنوية من قبل المؤيدين للعملية السياسية باعتبار أن تعضيد الدولة هو هدف اسمي ذلك لان الدولة باقية والحكومة متغيرة وهذا ما يفسر الفرق الأساس بين الدولة والحكومة .
لقد حرص قادة تيار شهيد المحراب (قدس) بدءً من شهيد المحراب (قدس) والى عزيز العراق (قدس) ووصولا الى السيد عمار الحكيم على تعزيز ارتباطات العراق بأشقائه في الدول العربية والإسلامية وعلى عدم انسلاخ العراق عن الجسد العربي والإسلامي ولذلك بادروا جميعاً الى العمل على ردم الهوة بين العراق ومحيطه الاقليمي والى تقريب المسافة بين وجهات النظر ازاء كل المشاكل التي تعترض طريق العراق او تحول بين العراق ودول المنطقة، مسخرين لذلك جميع الوسائل والإمكانيات كوسائل الاعلام التابعة لتيار شهيد المحراب ومن خلال مواقعهم القيادية في التيار او من خلال مواقعهم الرسمية في حكومة الوحدة الوطنية كما يمكن ان نستذكر العديد من اللقاءات والكلمات والبيانات الصادرة عن شهيد المحراب (قدس) من مختلف القضايا العربية والإسلامية كما كانت تعكس حقيقة مواقفه ودعواته المستمرة لتوطيد مختلف العلائق بين العراق وأشقائه في الدول العربية والإسلامية .
أن أهم افرازات المشهد السياسي العراقي وما تمخض عنها خلال السنوات الستة الماضية التي اعقبت سقوط النظام البعثي ان قوى تيار شهيد المحراب (قدس) هي الاكثر تأهيلاً دون سواها لممارسة الدور الريادي ولحسم الكثير من القضايا المصيرية التي ماتزال عالقة دون حلول ناجعة لها لما تمتلكه هذه القوى الخيرة من ارادة عراقية صلبة وجادة ومن رؤية سياسية واضحة لحاضر ومستقبل العراق في الانفتاح على دول الجوار (العربية والإسلامية) كما ان مواصلة العمل ووفقاً لمناهج وتصورات قادة هذا التيار المجاهد سيساعد في جعل العراق دولة فاعلة ومهمة في النظام الاقليمي بسبب قدراته الاقتصادية وخاصة الثروات النفطية الهائلة وإمكاناته البشرية الخلاقة وقياداته الاسلامية المجاهدة وبالتالي يمكن له ان يعود لممارسة دوره الطبيعي في السياسة الاقليمية سواء كان ذلك في الجانب الامني أم في الجانب الاقتصادي أم في الجانب السياسي والثقافي.
اليوم ونحن نعيش اجواء الانتخابات ، ونحن نراقب نتابع حركة السيد الحكيم بين المحافظات ، نشعر بالغبطة تجاه هذه المحبة التي يكنها ابناء شعبنا لشخصية السيد الحكيم ، ذهب يتفقد ويزور ، وهو ليس بالشيء الجديد ، ولم يكن لأجل انتخابات او كرسياً لانه كان من المؤثرين عن هذه الكراسي ، كان هدفه زرع روح الامل لدى المواطن العراقي ان الغد سيكون افضل وأحسن بسواعد ابناء هذا الشعب المعطاء ، وسيكون النجاح له ،وسيقلب الطاولة مرتين ، مرة في الحكم ، ومرة في صالح المواطن .