ربما للوهلة الأولى من يقرأ العنوان يعتقد أن أي شخصية سياسية عندما تجد أن البيئة السياسية غير ناضجة بما يؤهلها أن تكون قادرة على قيادة المجتمع فإنها تنأى بنفسها عن أي دور وتعتزل السياسة مبكراً، وهي أقوى رسالة يمكن أن تطلقها الشخصيات السياسية في ابتعادها عن مضمار العمل السياسي والذي يتطلب فيه القوة والقدرة على اتخاذ القرار المناسب وفي الوقت المناسب،ولكن في نفس الوقت هناك من يجعل نفسه معتزلاً الحكومة دون الدولة،ويعتزل المنصب دون القيادة وأداء الدور السياسي في تلبية متطلبات العمل السياسي، وبما يتسق وطبيعة البيئة السياسية التي تجعل السياسي يخرج من هذه البيئة النتنة ليكون كاللقاح الذي يقضي على المرض قبل انتشاره ويحاول أن يعالج الأمراض الانتقالية الموجود في كيان المنظومة السياسية ككل.
الخطوة التي أقدم عليها رئيس تيار الحكمة السيد عمار الحكيم تأتي في سياق العمل المؤسساتي للدولة،وهي فقرة تكميلية لبناء الدولة، وترسخ أركانها،وهو ما عده البعض محاولة لإسقاط الحكومة،وهذه النظرية يتبناها المستفيدين من الحكومة ومغانمها،أو المنتفعين من إدامة الضعف الحاصل في مفاصلها ومؤسساتها،حيث عشعشع الفساد فيها وانتشر الفاسدون في أركانها وترعرعت مافيات الفساد في دوائرها حتى أمسى شبكة عنكبوتيه لايمكن علاجها أو تفكيكها مطلقاً .
الواقع المزري للعملية السياسية لا يتحمل أكثر مما هو واقع،ومهما تقدمت القوى السياسية فإنها تتجذر أكثر وأكثر في الدولة،وبدأت تعتمد في حركتها على أذرعها المسلحة في أثبات وجودها،أمام ضعف واضح للحكومة واثبات جدارتها في حفظ الأمن وترسيخه،وأمام هذا كله لا ترى هناك أي ضوء في نهاية هذا النفق المظلم الذي دخلت العملية السياسية برمتها فيه، ولابد من وقفة جادة وإعلان موقف للترفع من دخول هذا المعترك الذي أمسى مستنقع للأوبئة والأمراض وبقايا الجثث الميتة .