واجهنا الارهاب والقمع الذي دعمته امريكا وأروبا واغلب الدول العربية والاسلامية وصمدنا امامه، اما الآن لماذا نخاف ان نصمد امام القوى الاجنبية؟! نحن لا نقبل بالهيمنة الخارجية, ولا بالحكم الخارجي, ولا نقبل بحاكم عسكري, عندما احتل الانكليز العراق رفض علمائنا ذلك، وطالبوهم بالخروج, وبعثوا لهم الرسائل والوفود ان اخرجوا من العراق, وعندما رفضوا اعلنوا الثورة, ونحن نتأسى بعلمائنا.
هذا حديث الشهيد محمد باقر الحكيم قبل احتلال العراق بشهور قليلة، وهو من اهم المواقف التي اعلنها الحكيم ضد الاحتلال.
اهناك مواقف عديدة بنفس الاتجاه، قبل وبعد الاحتلال كان من اهمها: المطالبة بإجراء انتخابات حرة, وكتابة الدستور بأيادي عراقية, بعيدة عن الهيمنة الخارجية، والمطالبة العلنية بخروج المحتل.
كان لديه اصرار على تأسيس حكومة وطنية، تحفظ حقوق الجميع دون اي تمييز، وقد تبنى تلك التفصلية المهمة، بسبب تعرض الغالبية العظمى (الشيعة)، والاقليات الاخرى للتمييز الطائفي والعنصري، منذ تأسيس الدولة العراقية، لأن الحاكم كان من الطرف الآخر وهم الاقلية.
اكد مراراً وتكراراً على رص الصفوف والوحدة والتماسك لتحقيق الارادة العراقية بشكل واقعي وحقيقي، وهذا كان متبناه حتى عندما قادة المعارضة في الخارج، فكان يؤكد على وحدة المعارضة العراقية، من اجل توحيد الكلمة والرؤيا السياسية، لرسم مسار سياسي سليم وموحد، لأن لا تتشتت المعارضة، وتكون في النهاية هشة الموقف, متذبذبة القرار, ضعيفة الرؤيا في الادارة السياسية.
كانت مطالباته تتكرر في جميع مؤتمرات المعارضة العراقية التي اقيمت في الخارج، كـ مؤتمر نصرة الشعب العراقي في دمشق سنة 1985, ومؤتمر لجنة العمل المشترك سنة 1990, ومؤتمر بيروت سنة 1991, مؤتمر صلاح الدين سنة 1992, والمؤتمر التداولي دمشق سنة 1996, ثم تداولي آخر في السليمانية سنة 1999.
الولايات المتحدة الأميركية عندما قررت احتلال العراق خططت لاحتواء المعارضة العراقية، والسيطرة عليها, والتحكم بقرارها بصورة مباشرة او غير مباشرة، لذلك طلبت من معهد الشرق الاوسط في واشنطن توجيه دعوات للمعارضة العراقية، لعقد مؤتمر لها في لندن، تحت رعايتهم، بحجة دارسة موضوع اسقاط نظام صدام الذي كانت ترعاه طيلة العقود الماضية، وكان المجلس الاعلى رافض رفضاً قاطعاً لتدخلها في عقد هكذا مؤتمرات، وقال ان هذا الامر يخص المعارضة العراقية وحدها، وكان الشرط الاساسي هو ان المعارضة هي من تنظم وتمول المؤتمر، وعقدت حينها قرابة الـ28 اجتماع وجلسة من اجل مناقشة المؤتمر واسماء المدعوين وآلية التنظيم والتمويل.
وكانت اهم مطالب المؤتمر هو ان يكون التغيير من الداخل، ورفض التدخل الخارجي، وطالبت بمساعدة المجتمع الدولي في تطبيق القرار 688 والخاص بمنع النظام العراقي من استخدام الاسلحة الثقيلة ضد المدنيين لا ضد المعارضة عند انطلاق الثورة لتغيير النظام.
لذلك بدأت تخرج الاتهامات من قبل الايادي والاعلام المرتبط بالاستخبارات العراقية ضد المؤتمر بأنه برعاية امريكية من اجل تسقيطة، اما الاعلام الامريكي اراد اضفاء صبغة امريكية عليه، لإيصال رسالة مفادها (ان الولايات المتحدة الامريكية هي المنقذ الوحيد للشعب العراقي من النظام البعثي الفاشي)، وانه لا دور للمعارضة العراقية في الخارج، وان المؤتمر هو مؤتمرنا, والمعارضة تبع لنا، وهذا ما استطاعوا ترسيخه في اذهان الشعب العراقي ونجحوا فيه.
اما اعلام الدول العربية التي دعمت وايدت ذلك، ليس حباً بصدام او رغبةً ببقاء حكمه، وانما خوفاً من حكومة شيعية جديدة تحكم العراق، وهذا ما ثبت لجميع العراقيين بعد سقوط النظام البعثي، واغلاق الدول العربية حدودها بوجه العراق، ودعمها للإرهاب.
كان موقف وتصريحات زلماي خليل زادة، مسؤول الملف العراقي واضح، من ان الولايات المتحدة الامريكية هي الحاكم الفعلي الوحيد للعراق، واننا لن نسمح بمشاركة المعارضة العراقية في الحكم، واننا لسنا محررون بل نحن محتلون للعراق، فاذا كانت المعارضة تابعة لهم لماذا رفضوا ادارتها للحكم؟ لكن ليس كل ما يسعون اليه يقع بين ايديهم.
عندما دخل الحكيم الى العراق، كان نداءه الاول والاساسي هو الالتفاف حول مرجعية النجف، لتكون محور الانطلاق لوحدة الموقف السياسي، ليكون ذو وجهة واحدة لكي لا يستغل من الارادات الخارجية، والتيارات المنحرفة وبقايا ازلام النظام.
لذلك اصبح السيد محمد باقر الحكيم خطر يهدد مصالح الاحتلال داخل العراق وخارجه، وكانت تصريحاته تكفي لاتخاذ القرار بتصفيته، باعتباره الهرم الاساسي والقائد الفعلي للمعارضة العراقية.