18 ديسمبر، 2024 7:35 م

الحكيم والبولاني هل سيغيران خارطة العمل السياسي وماهي المفاجأة المنتظرة ؟

الحكيم والبولاني هل سيغيران خارطة العمل السياسي وماهي المفاجأة المنتظرة ؟

المتتبع لسير ومنجز العملية الساسية في العراق منذ عام 2003 ولحد الان يجد ان هذه العملية قد تعرضت للعديد من الاجهاضات التي اضعفت قدراتها في الاداء والتعبير ، الامر الذي اوصلها الى العجز في ان تطرح الجديد الذي يتلائم وينسجم مع كل المراحل والازمات التي مرت ، وفي ذلك اكثر من دلالة على ان كل الكتل السياسية قد قدمت كل ماتملكه من اوراق ، او لنقل قد كررت طرح اوراقها كاملة دون ان تحقق اي تفدم يذكر ، لا على صعيد الاصلاح ولا على صعيد حل الازمات ولا على صعيد التفكير بخارطة عمل جديدة يمكن ان تشكل انطلاقة نحو البدء بعمل سياسي ناضج مبني على اساس الاستفادة من اخطاء التجربة السابقة ، لذلك يمكن القول ان ثمة فشل قد احاط بالعملية السياسية من كل الجوانب كونها قد اهملت تماما المصلحة الشعبية وتجاوزت على المصلحة الوطنية وبقيت توجهاتها واهتماماتها تدور في كواليس ومقرات كتلها السياسية من خلال اجتماعات مكررة وعقيمة تهدف بالدرجة الاساس الى مناقشة الطرق والوسائل التي تمكنها من الاستفادة القصوى من خلخلة الوضع والازمات العنيفة كي تحقق اكبر قدر ممكن من الغنائم والامتيازات ، وتغييب الحلول وابعادها كي تختلط الاوراق وتزداد الازمات وتتعقد الامور ، وهو وللاسف مطلب مخفي عند بعض الكتل السياسية التي تعمل وفق اجندات خارجية وداخلية لاتريد للعراق الاستقرار والطمأنية ، وهذا الاسوء والاخطر في العمل السياسي تجاه الشعوب والاوطان .
لذلك فأن مثل هذه الحالات لايمكن ان تستمر لفترة قادمة من الزمن ، اذ لابد وبحكم الحتمية التأريخية والانسانية والتصحيحية ان لانستغرب انطلاق كيانات سياسية جديدة على الساحة في محاولة لتعديل المسارات وتصحيح الاخطاء والعودة مجددا الى قاعدة الشعب وخيمة الوطن ، وهنا تأتي مبادرة السيد جواد البولاني بأعلانه تأسيس تيار بدأنا كخطوة صحيحة وتوقيت دقيق ورؤية واعدة لحاجة المرحلة لدماء سياسية نقية ونظيفة وغير ملوثة بأمراض وعقد ابتليت بها التجربة السياسية التي سيطرت على العراق منذ سقوط النظام السابق ولحد الان ، ولكن لنتسائل : هل يستطيع البولاني ان يخوض تجربة سياسية تتطلب منها التغيير الكلي امام من سبقة في هذا المجال ؟ وهل مطلوب او مقدر له ان يعمل لوحده في هذه الساحة المعقدة والمتشابكة ؟ والى اين يريد ان يصل ؟ .
الجواب هو ان البولاني ينبغي ان يفكر جديا بمشروع المشاركات والتحالفات ، لان هذا الموضوع يجنبه عدم الانزلاق نحو الذاتية ودلالات الحزب الواحد والمنفرد ، ولأن الساحة السياسية بحاجة لمن يأتي بالتغيير والاصلاح فلابد والحالة هذه ان تجري عملية استمزاج الاراء ووجهات النظر والاستفادة من تجارب الاخرين لكي تصاغ التصورات التي يمكن ان تتحول الى افعال في المستقبل ، ويبدو ان البولاني قد بدأ بالخطوة الاولى الصحيحة عندما اعلن في عدة تصريحات من ان تيار بدأنا متجه الان للتحالف مع المجلس الاعلى الذي بارك تأسيه وتمنى نجاحه سماحة السيد عمار الحكيم في اشارة الى وجود اتفاق مسبق حول قبول هذا التحالف ، وتأتي هذه الاشارة لتؤكد الانسجام التام بين السيد الحكيم والبولاني من خلال توافق مواقف كلا الطرفين والتي عرفت بالاعتدال والوسطية والطرح الوطني الذي يشدد على اهمية احترام  المصلحة الشعبية والوطنية ، في الجانب الاخر فقد اعلن السيد المالكي في تصريح سابق خلال لقاءه بوفد من الحزب الشيوعي عن رغبته بتأسيس تيار وطني يضم كل النسيج العراق دون اية محددات او اشتراطات الا في حدود التمسك  بامنهج الوطني والانتماء العراقي ، وتشهد حاليا دولة القانون اجتماعات مكثفة لبحث آلية التحالفات الجديدة وبالاخص بعد اعلان المالكي عن نيته لتشكيل حكومة الاغلبية ، اذ ان النية جارية لخوض انتخابات مجالس المحافظات بتيار واحد كي تتشكل الاغلبية التي يمكن ان تكون نواة لحكومة الاغلبية ، فهل نتوقع ان يكون هذا التيار الجديد هو بمثابة ثلاثية تضم دولة القانون والمجلس الاعلى وتيار بدأنا ، المؤشرات تشير الى امكانية تحقيق ذلك ، وان تحقق وهو المنهج الصحيح شرط ان لاتكون هناك غلبة على احد اقول ان هذا التحالف سيشكل انتقالة جذرية في واقع العمل السياسي وسيعيد العراق وشعبه الى التماسك والاخاء والانسجام ، كونه يضم فعلا كل النسيج العراقي ، وكون قيادات مكوناته تتسم بالوطنية والواقعية والاتزان ، وبالأخص وجود شخصية المالكي التي كسبت خبرة سبع سنوات من الحكم هي كافية لتكون تجربة يمكن الاستفادة منها بعد ان يتم تأشير الاخطاء والسلبيات التي رافقت هذه التجربة كي يتم تجاوزها في مسيرة العمل المستقبلية ، وهنا لابد من ان نؤكد ان للمرحعية الدينية دورا اساسيا في دعم واسناد هذه المبادرة وهي التي عرف عنها بالاعتدال وعدم التدخل في الشأن السياسي ، لكنها بالمقابل  حددت ومن خلال بياناتها وخطبها مقاسات الوطنية ونظافة الشخصية وكيفية اداء المسؤولية ، ويبقى الباب مفتوحا لاستيعاب كل الكتل السياسية وعلى رأسها التيار الصدري للانضمام لهذا التحالف الذي نريد له ان يتبنى خارطة عمل سياسي جديد مصحوبة بأصدار ورقة عمل تؤشر اخطاء المرحلة السابقة وتصورات العمل في المرحلة القادمة مركزة على الاستفادة التامة من القدرات والكفاءات العراقية وعدم العمل بالمحاصصة التي تحولت الى محاصصة حزبية داخل الكتلة الواحدة بحيث اصبح التنافس لا على خدمة العراق وانما على تحقيق المغانم والامتيازات ، وان تلغى مفردة الطائفية من قاموس الحياة ليجري التعامل بمفردة الأخوة العراقية وتحقيق منهج المساواة لنجعل من الفقير قدير ومن العراقي قيمة وطنية لايعلى عليها الا الله سبحانه وتعالى .