23 ديسمبر، 2024 9:54 ص

الحكيم في منطقة الشد

الحكيم في منطقة الشد

رغم طول فترة عمله السياسي والذي بدأه بعد وفاة والده السيد عبد العزيز الحكيم وتسنمه رئاسة المجلس الاعلى، وما تلاها من احداث ثم إنفصاله عنه وتشكيله لتيار الحكمة الوطني والسيد عمار الحكيم يعمل بجهد لأيجاد مكان له في منطقة التصدي.. مع كل الشد والجذب في المواقف السياسية والعواصف التي ضربت العملية السياسية أكثر من مرة..
رغم أن الحكيم لم يفارق منطقة التصدي، لكنه بات يدافع أكثر مما يهجم في عملية التصدي للقرار السياسي.. فرغم أن الغالبية متفقة على أنه جدير بالقيادة لكنهم معارضون تماماً لتوليه أي مهمة قيادية، رغم اتفاقهم تماماً على قدرته كشخص وربما ليس كتيار على أيجاد وضع مريح للقرار السياسي في البلاد، لكنهم يختلفون بكل تفاصيل الإختلاف في إتاحة الفرصة له ليبرز كقائد لأي مرحلة كانت..
تسلم رئاسة التحالف الوطني في فترة ما، رحاول مأسسته، لكن القضية تعثرت ولم ويستمر لأسباب، أهمها ما ذكرناه من تخوف القيادات السياسية “كما يسمون أنفسهم” ربما لأنهم لا يثقون ببقائهم كقيادات متحكمة بالوضع السياسي.. وكانت رئاسة التحالف بوجود زعماء كالعبادي والصدر وهي قيادات ترى في نفسها أنها الاقدر لقيادة المرحلة، وربما تزعم الشيعة ككل..
هذا ما شهدناه في الصدر وكيف انسحب سريعاً من التحالف لأنه لم يكن قادراً على التعاطي الايجابي مع القيادة الجديدة للتحالف، او ربما أدرك أن الحكيم سيسحب بساط الشارع والزعامة من تحت رجليه.. كم أن منهم من يحاول ركوب موجة أي نجاح والقفز من المركب والتخلي عن المسوؤلية عند الفشل والتراجع..
لذلك ورغم المحاولات التي يقوم بها الحكيم، لإحداث تغيير للوضع السياسي الا ان كل هذه المحاولات لم تلقى النجاح، وباتت كل المبادرات التي يطلقها الحكيم حجر عثرة في نجاحه كتيار فتي يحاول الدخول في العمل السياسي من جديد، ووسيلة لمهاجمته والتنكيل به وبتياره بشتى الحجج ومن أقرب الحلفاء.
الحكيم وجد نفسه في منطقة الضغط بقلب حلبة الصراع السياسي، لأنه إختار وضع المنتصف، الذي يشهد عمليات ومراحل الصراع بكل تجاذباتها، وهي منطقة تشبه قطب المغناطيس فهي دائماً منطقة الجذب لكل الاطراف، ولكنها في نفس الوقت هي في نفسها غير مستقرة، فمرة نراها تتحرك في هذا الاتجاه وأخرى بذاك رغم أنها ربما ترتكز على ثوابت تنطلق منها في أي تحرك..
هذا الوضع يجعل هذا القطب دائم الحركة ولا يستقر، معرضا للصدمات وبحسب التوترات في ساحة الصراع، رغم أن هذا أكسبه حرية التحرك بين تلك الاقطاب رغم بقاءه عرضة للضغط الدائم الذي يمارس من بقية الاطراف، وهو مضطر لتحمله لامختار.
الواقع المزري في البلاد لا يتحمل أكثر مما هو واقع، ويبدوا أن القوى السياسية مهما تصارعت، فإنها تتجذر أكثر عمقا في الدولة، وبدأت تعتمد في حركتها على أذرعها المسلحة، في أثبات وجودها أمام ضعف واضح للحكومة بإثبات جدارتها في حفظ الأمن وترسيخه.. ولا يبدوا أمام هذا كله أي ضوء في نهاية هذا النفق المظلم الذي دخلت العملية السياسية برمتها فيه.
هناك حاجة لوقفة جادة وإعلان موقف وطني من أي طرف يجد في نفسه القدرة على قيادة الوضع الراهن، والترفع عن دخول هذا المعترك الذي أمسى مستنقعا للأوبئة والأمراض والبقايا التي امست راحتها تزكم الانوف.. لكن السؤال الاهم يتعلق بما إذا كان الأخرون سيسمحون له بذلك!