18 ديسمبر، 2024 8:13 م

الحكيم أخرجته شروطه !

الحكيم أخرجته شروطه !

اتسمت بعض السلوكيات السياسية في عراق ما بعد التغيير، بأنها سلوكيات سياسية واعية، تبتعد عن الارتجالية، بقدر اقترابها من الاتزان، سواء من ناحية المنهج والفلسفة، أو من ناحية السلوك، اذ وسط غلبة السلوك الانتهازي، تجد سلوكاً تشاركياً لا تسلطياً، واعتماد المواقف المبنية على المبادئ، فليس كل ما وجد معيباً، وليس كل تجربتنا فشل، وهذا ما يتضح من خلال شكل التحالفات السياسية، التي تعكس تطوراً قد لا يلاحظه الكثير، وهو انها قامت على أساس الاشتراك في المتبنيات والرؤى هذه المرة، وليس على أساس العلاقة الشخصية بين رؤساء الاحزاب، وهذا يعبر عن تطور كبير في فلسفة العمل السياسي في العراق .
الحسنة التي تحدثنا عنها جمعت الحكيم والعبادي في تحالف النصر، وهي التي تسببت بفرقتهما وانسحاب الحكيم، اذ اشترط الحكيم لتحالفه مع العبادي، ان يكون التحالف تشاركياً في اتخاذ القرارات، وقائم على برنامج هادف لبناء الدولة، ولكن بهرجة السلطة كما يتضح، جعلت العبادي يعتاد على وجود اتباع لا شركاء، خشية تحول حلم الولاية الثانية الى كابوس، الامر الذي دعاه الى محاولة تمرير اكبر قدر ممكن من مرشحيه على حساب حصة الشركاء، ليضمن اكبر قدر ممكن من المقاعد داخل هذا التحالف، وهذا ما يناقض الشراكة المتفق عليها .
الشراكة الحقيقية شراكة القرار لا شراكة الرأي، ومن مقتضياتها ان يحفظ الشريك لشريكه خصوصيته، فيما يلتصق به أو يعتبره ضروريا، لا ان يجعل من حلم الولاية الثانية معولاً يكسر به اواصر شراكته مع شركائه، لا ان يتدخل حتى في اختيار مرشحي شريكه، ومحاولة تمرير شخصيات مرفوضة وفق شرط التجديد الذي وضعه الحكيم، ليختلف الحكيم في رؤيته التي وصفها البعض بالمثالية جداً، وأنها غير مدركة لما هو كائن، بينما يتضح العكس اذ ان مطلب التجديد والتشارك مع وجود برنامج حقيقي، لا يعبر عن ادراك ما يجب ان يكون فقط، وإنما ذلك يقتضي ويفترض إدراكاً مسبقاً لما هو كائن، كي لا يعاد إنتاجه بطريقة اخرى ليكون الحكيم الضحية مرة اخرى ! .