23 ديسمبر، 2024 5:31 م

الحكومة العراقية عاجزة عن توفير الامن

الحكومة العراقية عاجزة عن توفير الامن

بعد فتور الاوضاع الامنية في سوريا,وتسجيل عدة انتصارات للقوات النظامية هناك ضد الجماعات الارهابية,وتراجع او تذبذب الانغماس الخليجي في الورطة السورية,اصبحت انتصارات القوات العراقية ضد التنظمات الارهابية(داعش والقاعدة وبقايا البعث المنحل)مجرد مسألة وقت,بعد ان تعهدت الولايات المتحدة الامريكة وروسيا بتوفير الاسلحة والمعدات اللازمة لمحاربة الارهاب.
لكن مايحدث بين الحين والاخر من استهداف دموي للمواطنين والجيش في بغداد وبقية المحافظات من قبل الارهابيين,يعطي انطباعا مغايرا لما يعتقده البعض,
نود ان نضع بين يدي المعنيين والمهتمين بالملف الامني في بلادنا,مانتصوره انها اسباب متعددة ادت الى الاستمرار في الانهيار الامني في العراق,ونشرح ظروفها ووسائل معالجتها وفقا لوجهة نظرنا,التي  نعتقد ان العديد من المواطنين يتفقون معها ,منها مايلي…
اولا.السياسيين السنة ومواقفهم المتغيرة من العملية السياسية,وشراسة الارهاب المنتشر في مناطقهم
ثانيا.قلة خبرة القيادة الامنية وضعف التجهيزات العسكرية,وضعف المعلومات والاستخباراتية
ثالثا.الفساد المالي والاداري المستشري في اغلب مؤسسات الدولة
رابعا. ثغرات في الدستور والقضاء والبرلمان
لقد عارض ابناء الجنوب العراقي نظام البعث منذ مجيئه للسلطة2003-1968
,لكنه لم يمارس اي فعل خسيس او قذر, او يمكن ان يصفه العالم او تصنفه المحاكم والمنظمات الدولة كجرائم حرب او افعال ارهابية(عدا بعض المشاركات الاضطرارية التي كانت غايتها نبيلة اطلاق سراح بعض المعتقلين المهددين بالترحيل الى العراق من قبل بعض الحكومات العربية) ضد ابناء الشعب العراقي,وكانت تؤمن المعارضة دائما بالخيار الشعبي او العسكري للاطاحة بالنظام الاستبدادي في بغداد دون ااعتبار للخلفيات الاثنية او الطائفية قبل عام2003
,وكان متاحا لها ان تستهدف المحافظات السنية ,والمناطق الموالية لنظام البعث البائد بمختلف انواع الاسلحة,لكنها معارضة شريفة تؤمن بالطرق الاخلاقية في مقارعة الهمجية البعثية الدكتاتورية,اليوم نرى عجبا,فمن يدعي المعارضة نزل الى مستويات البرابرة, ووحشية انظمة العصور الوسطى,واصبحت لديه ثقافة عنف مدمرة, وصار عنده الوطن والشعب اخر همومه,وانخرط العديد منهم بشكل واخر في المشروع الامبريالي التدميري المحيط بالمنطقة(سوريا لبنان العراق ايران), الذي بدأ مع ثورات الربيع العربي,واعتماد نظرية تفريغ الارهاب في مناطق التوتر بغية الخلاص منه,واستغلاله لتنفيذ الاجندات الخاصة ببعض الدول الاقليمية والدولية,وصرنا نستجدي منهم التصريحات الوطنية الداعمة للعمليات العسكرية المستمرة في ملاحقة الارهاب منذ استلام السيادة الوطنية من قوات الاحتلال الامريكي عام 2009
وكانت لهم مزايدات خبيثة في ساحات الخزي والعار(ساحات الاعتصامات المزالة)التي حرفها النفعيين عن مسارها الطبيعي,الحقيقة ان بعض اصوات ادعياء السياسة من العرب السنة  في الغالب تكون مخالفة لتوجهات ورغبات مواطني المناطق السنية, الذين من المفروض انهم يمثلوهم في البرلمان,وقد لاحظ العالم كيف وقف ابناء الانبار بوجه داعش والقاعدة وكبدتهم خسائر كبيرة, ولكن يبقى  هذا السبب واحد من اسباب التداعيات الامنية المستمرة في العراق,الذي يبدوا انه لن يحل سلميا….
اما مانعتقده انه اهم الاسباب المباشرة التي تجعل من الارهاب افة دائمة في بلادنا,هي قلة خبرة القيادة الامنية ,وتذبذب مستوياتها وكفاءتها,صحيح ان حرب الشوارع تعد من اصعب انواع الحروب في العرف العسكري,لكن من المفروض بعد عقد تقريبا اكتسبت قواتنا المسلحة الخبرات الكافية في مواجهة الارهاب الداخلي والقضاء عليه نهائيا,فمسألة ان يستشهد ضباط كبار في كمين بدائي وضعه لهم الارهابيين(استشهاد محمد الكروي وزملائه),فهذا يعيد الى الاذهان المخاوف المستمرة من اعادة العنف والفوضى الى الشارع, ومن اسلوب وطريقة وكيفية تدريب المقاتل العادي حول مواجهة مكائد الارهابيين,
اضافة الى مسألة تدخل السياسيين في الشؤون العسكرية ,فهي تعد عقبة مؤثرة جدا ,تقف عائقا امام عملية تنفيذ الواجبات المناطة بهم(ايقاف القتال قبل حسم المعركة,اعطاء عفو عن الارهابيين تحت حجة مغرر بهم,تنازل رئيس الحكومة عن الكثير من الثوابت السياسية والقضائية الخاصة بالارهابيين المعتقلين اوالهاربيين خارج العراق,تكرار مسألة عرض تجوال القادة العسكريين في المناطق الساخنة والتوجه بسؤال الاهالي حول اداء الجيش وبانه لم يتعرض لكم,الخ.),هذه الامور تعد مثبطة ومهبطة لمعنويات المقاتلين, الذين يواجهون اخطر عدو عرفه العالم الحديث,ومادليل سقوط اعداد كبيرة من امري الافواج والالوية العسكري والضباط والمراتب الا دليل اخر عن عجز القيادة العسكرية في تطوير ادائها بشكل يتناسب مع حجم المعركة,وتعد معالجة هذه الثغرات هي في تخليص القيادة العسكرية الحالية من المحسوبيات, التي فرضتها التوافقات السياسية,والبحث جديا في من لديه هاجس الحس والعمل الامني(لكل طائفة او ملة او اثنية عدد من القادة العسكريين,بينما هذا امر يخص حياة الناس والوطن,هناك قوميات واعراق وشعوب وامم لايستهويها العمل الامني او العسكري,والعكس موجود في شعوب اخرى,كان معروف لدى العراقيين ان اهل الموصل يحبون التطوع في الجيش,وعندهم الضابط يتفوق بسمعته على الطبيب, الخ.),يبقى الجهد الاستخباري والمعلومات المقدمة من المواطنين هي الفيصل في مواجهة الارهاب وكشف قواعده المنتشرة في المناطق والاحياء المتوترة,فالقناص الذي يخرج من البيوت والمناطق السكنية,وزراعة العبوات الناسفة وفتح معامل لتفخيخ السيرات لاتتم تحت الارض,انما لابد ان يشعر المواطن بتحركات مشبوهة حول اماكنها,لكن اما الخوف او الاهمال او التعاطف مع الارهاب هو من يسمح للارهاب ان يعشعش اكثر من عشر سنوات في بلادنا,ولانعتقد ان بناء جهاز استخباري معلوماتي صعب التحقق في بلد تعود على العسكرة منذ عقود.
الفساد المالي والاداري سبب رئيس في اعطاء صورة تشجيعية للارهابيين في الاستمرار بالعمليات العسكرية دون تردد,فخطواتهم الجريئة في تكرار الاعداد والتخطيط في محاولة اطلاق الارهابيين من السجون العراقية,الا مؤشرا واضحا على ان سياسيي النظام الديمقراطية الجديد, لم تكتمل عندهم قناعة وثقافة وارادة بناء دولة المؤسسات الحديثة,القادرة على زراعة وترسيخ ثقافة دولة المواطن وهيبتها في نفوس المواطنين,اضافة الى ان الفساد اينما وجد حتى في البلدان الغنية ,وجدت معه المحرومية والعوز والاحياء العشوائية الفقيرة(النموذج الامريكي والسعودي خير دليل)
سنصرخ اخيرا ضد الدستور والبرلمان والقضاء,اولا يعتبر الشعب المصري من اذكى شعوب العالم في سرعة تصحيح الاخطاء السياسية,على الرغم من احدا يمكنه القول ان مبارك حكمهم بالفساد اكثر من اربعة عقود,نقول مع كل هذا لم يخرب الدولة ومؤسساتها,كما حصل في عهد صدام وزين العابدين والقذافي,لكن ان يعجز الشعب الامريكي عن تغيير دستوره لرفع فقرة بيع السلاح العلني في الاسواق,ومن ثم يعجزون عن ايقاف مسلسل جرائم اطلاق الرصاص في المدارس,بينما نجح الشعب المصري في تغيير مسار ديمقراطيته نحو الاحسن,فهذا امر في غاية الاهمية, لانهم يعرفون ان الدستور عماد الديمقراطية واي نظام سياسي لاي دولة عصرية او حتى بدائية,
ماحصل في العراق مهزلة دستور كتب بخبرات متواضعة,مواد غير مكتملة او غير معرفة بشكل واضح,واخرى مؤجلة او معطلة,تصور ان الكتل التي كتبت مواد الدستور عادت نفسها فأختلفت فيه وفي تعريفاته,ثم انهم يعرفون جيدا ان النظام البرلماني في الدول المتعددة الطوائف والاديان والاعراق يعني لبننة العملية السياسية بحكومات توافقية جامدة وغير منتجة او فاعلة,
كان البعض يدعي ان الاكراد يخافون من عودة الدكتاتورية في الحكم الرئاسي,ولكن النتيجة ان كل التنازلات المقدمة لاقليم كردستان لم تنفع في مسألة اعادة اندماجهم في المجتمع العراقي الاكبر,وبقوا منعزلين يعملون ليل نهار من اجل الاستقلال,يتم الاعلان عندما تسنح لهم الفرصة المناسبة,اما الان فهم لايريدون الا ان يبقوا دولة داخل دولة ,مهما قدمت لهم من تنازلات حتى وان اجبرت ابن العراق العربي ان يتعلم لغتهم المحلية,
اما القضاء فيكفي انه خجل من الاعلان بأنه سلطة ثالثة متسيدة على السلطات الدستورية الاخرى,بل انهم يقدمون الشكر لرئيس الوزراء لانه ساهم بأزالة العقبات البيروقراطية في مسألة امتلاكهم قطعة ارض يبنون عليها المحكمة الاتحادية العليا ,التي افتتحت مؤخرا في بغداد,وعلينا ان نعرف انها تعاني من تركة النظام البائد وثقافته وتشريعاته القانونية,ولكم ان تقدروا نزاهة وكفاءة المؤسسة التي يتهمها بعض البرلمانيين بأنها منحازة لجهة على حساب اخرى,بل اتهمتها اللجنة المالية البرلمانية ومن على شاشة العراقية, بأنها قالت لهم لاتمسوا رواتبنا ومنافعنا التقاعدية نكفل لكم عدم الطعن بقانون التقاعد الموحد.
البرلمان رأس وبيت الداء العراقي المستعصي على الحل حتى الان,فالموازنة نائمة فوق مكاتب رئاسة واعضاء البرلمان,واداءه   تفضحه الكتل المنسحبة من جلساته,
او التي ترفض الحضور الى قاعة البرلمان من اجل التصويت على اهم تشريعات القوانين قبل موعد الانتخابات القادمة,ولكنهم سجلوا نصرا واحدا على الشعب,هو الاسراع في تشريع قانون التقاعد الموحد بعد حشوه بمادة الامتيازات الخاصة بهم فقرة37-38.
اذا كانت الحكومة العراقية جادة في مسألة اقتلاع الارهاب من جذوره بعيدا عن المزايدات الانتخابية,عليها ان تستمع لرأي المواطن واحتياجاته,وان تعطي مساحة كافية من وقتها لدراسة مقترحاتهم والاستجابة لمامفيد فيها,
اما ان تتواجد كل تلك القطعات العسكرية في المناطق الساخنة(الانبار الموصل ديالى)ثم يستمر الارهاب بالحركة والانتقال والمناورة وتنفيذ العمليات الارهابية فهذا امر غريب لانعرف كيف يمكن ان نقيم نتائجه على الارض,يعتقلون جنود ثم يطوفون بهم في شوارع الفلوجة او الانبار وبعدها تبدأ حفلة قطع الرؤوس والدولة والجيش لايستطيع فعل شيئ لهم فهذا امر كارثي وغير مقبول تماما……..