منذ زمن ونحن نسمع عن إقتراح الحكومة بتفعيل المجال المعلوماتي للحكومة الإلكترونية ، وكلما سمعت بهذا الإدعاء ، أضحك في قرارة نفسي ، ضحكا هستيريا يتناسب مع مصيبة هذا الإدعاء ، الذي لا ينزل عن إدعاء تبرئة ذمة الحكومة وهم بلا ذمم أصلا ، ولذر الرماد في العيون ، من أن حكومتنا تحاول اللحاق بركب الدول المتطورة ومنها دول الخليج ، لتسهيل حياة المواطن اليومية ، وجعل تعاملاته الحكومية اليومية أكثر سلاسة ! ، وهنا نتوقّف ، فهذا ضرب من ضروب المستحيل ، فلا يمكن أن تتحول شخصية المواطن العراقي إلى شخصية إفتراضية ، وبهذا ستقطع حبل الفساد ، يجب أن يبقى لحما وعظاما وكيانا وذو لسان ، كي يمكن إبتزازه وإهانته أمام شبابيك دوائر الدولة ، تلك الدكاكين التي تجني منه المليارات ، يجب أن تبقى البيروقراطية والعراقيل المفتعلة والتخلف مخيّمة على حياة المواطن وتنكد وتسوّد عيشته .
وإذا كانت المواقع الرسمية لكل الوزارات ، غير محصّنة وتتعرض للهجمات الإلكترونية ، رغم دفع مبالغ (طائلة) على هذه المواقع (واللبيب يفهم) ، وإذا كانت عدة جهات رسمية لا تزال تتعاطى البريد الإلكتروني (Gmail و Yahoo) المجانية وهي على درجة واطئة من الأمن الإلكتروني ، وإذا كانت مصارفنا التي يفترض أن تكون المستفيد الأول من هذه الحكومة ، ذات مواقع غير محدّثة ولا يمكن أن تفيد من يلِج إليها ومنها مصرف الرشيد مثالا ، فكيف الحال لدوائر الدولة الأخرى ؟.
عند دخولك على أي موقع حكومي أو مصرفي ، تجد فقرة (إتصل بنا Contact us) ، وتكتب شكواك أو سؤالك ، لكن في أحايين قليلة ، يأتيك الجواب بسرعة ، لكنه جواب مبرمج (ليس بتدخل بشري) ، من أن رسالتك وصلت وستتم الأجابة عنها بالسرعة الممكنة ، ولا جواب ، ولا سرعة ممكنة ! .
قبل الضحك على ذقوننا وهذا دأبكم ، إحذفوا هذه الزائدة الدودية التي اسمها (إتصل بنا) ، فما دامت لدينا هذه العقول التي لا تؤمن إلا بفايلات الملفات والإستنساخات والتي سرعان ما تتحول إلى نفايات ، والكتب والأراشيف العفنة عفن عقولهم ، لا يمكن أن تكون لدينا حكومة إلكترونية ، فحكومة من اللحم والعظم غير قادرة على مجرد إيقاف عجلة تدمير المواطن وحياته ، فكيف لها أن تلجأ للحكومة الإلكترونية لتسهيل معاملاته ؟ (مو عيب) ؟!.