عندما تأتي الانتخابات على الابواب تبدأ المساجلات بين السياسيين وتنطلق الدعايات الحمراء والخضراء وتتهافت القيم التي ينادون من أجلها , وتسقط المبادئ التي يتمنطقون بها , ويبرز شبح الذاتية والتفكير بالمستقبل وضمان البقاء تحت مظلة المنطقة الخضراء (حفظها الله ) وكل ذلك يجري عيانا بيانا جهارا نهارا , دون خوف أو وجل أو استحياء بل على العكس بكل استخفاف بعقول هذا الشعب المسكين الذي نصيبه وحظه المراقبة فقط واضعا اليد فوق الاخرى ويفرك ويحوقل ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) ويحسبل ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) دون ارادة حقيقة تنبع من الاعماق نحو التغيير , ولو محاولة وهو يرى بأم عينية سارقي قوته , وناهبي ثرواته , وهم ( لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) في عالم غير العالم الذي يعيشه العراقيون , وهو عالم المنطقة الخضراء , ولياليها الحمراء حيث لا عبوات مخيفة , ولا سيارات مفخخة , ولا شبح الدععاشة ولا غيرهم . وعندما يقرب وقت الانتخابات كما هي العادة تبدأ الدعايات بنفس الوجوه الكالحة العابسة التي لا تعرف إلا لغة الفساد والرشاوى والسرقات منذ الاحتلال البغيض , والملفت للنظر والداعي للتأمل بعمق ان هذا الشعب حتى في اختياره للمرشحين غير موفق وغير منطقي , فمنذ السنوات التي تلت الاحتلال الأمريكي اعتلت سدة الحكم هذه الزمرة من الاحزاب وهي تتبادل الادوار منذ ذلك الحين , والغريب انك بعد مرور هذه السنوات – العجاف بمعنى الكلمة – والتي لا يختلف عليها اثنان تجد من ينتخب هؤلاء ويعطيهم صوته , وما انتخابات 2010 منا ببعيد , واقرب مثال دولة القانون التي حصلت على 89 مقعد من مقاعد مجلس النواب , ومنذ اربع سنوات خلت والحال في تراجع مسرع الى الوراء من الناحية السياسية والاقتصادية والأمنية وغيرها , واليوم عما قريب سيأتي اليوم الموعود وسينتخب العراقيون , والسؤال هنا : هل من المعقول ان يحصل المالكي ولو على صوت واحد بعدما أذاق البلاد والعباد الامرين بحروب وصراعات وقتلى ومعتقلين , هل من المنطق ان يحصل المالكي وائتلافه على الولاية الثالثه , ثم بعد ذلك يبدأ الشعب يلوم ويتظاهر ويتهمه بأنه لم يصنع شيئا ويلعنه ليل نهار .
ان السنوات العجاف الاخيرة كشفت للعراقيين السرائر والضمائر فمنها المستتر ومنها من لا تعرف للقيم معنى , ومنها من يعتاش على دماء الابرياء , والآخر يتقوت بأموال الفقراء . فهل سيعيد العراقيون الكرة ثانية وينتخبون من هم في السلطة دون تغيير للوجوه.
وجوهم من سواد الكبر عابسة…. كأنما اوردوا غصبا الى النار
فان حدث ما نتخوف منه وهو متوقع بلا شك فعندئذ نقول اذن لماذا ننتقد الحكومة ان اساءت التصرف فنحن من جاء بها ونحن من اعطاها الضوء الاخضر لتعيث في البلاد ما تشاء , فان سرقت فنحن السارقون , وان قتلت فنحن القاتلون , وان فجرت فنحن الفاجرون , ومهما فعلت فنحن الفاعلون .