23 ديسمبر، 2024 7:03 ص

الحكومات المحلية المقبلة بين الوفاء بالوعود ونكث الأيمان

الحكومات المحلية المقبلة بين الوفاء بالوعود ونكث الأيمان

قال أمير المؤمنين علي(ع) :(إن عقدت بينك وبين عدو لك عقدة أو ألبسته منك ذمة فحط عهدك بالوفاء وارعَ ذمتك بالأمانة واجعل نفسك دون ما أعطيت فإنه ليس من فرائض الله شيء الناس أشد عليه اجتماعاً مع تفرق أهوائهم وتشتت آرائهم من تعظيم الوفاء بالعهود)..هذه المقطع من عهد الإمام علي (ع) إلى مالك الأشتر حينما ولاه مصر يؤكد المبدأ القرآني (أوفوا بالعقود) و(أوف بالعهد… إن العهد كان مسؤولاً) فهذا المبدأ الأخلاقي السامي هو مما يقف المرء إجلالاً وإكراماً لمن يلتزمونه ويطبقونه على أرض الواقع لما له من قيمة إنسانية واجتماعية فضلاً عن القيمة الأخروية له،                                                      وكلامه (ع) يوجهه لمالك إذا تعاقد أو عاهد عدواً، أي أن الطرف المقابل إذا كان مسلماً مؤمناً وصديقاً بطريق أولى أن يكون السلوك المتبع معه بمثل هذا المستوى إن لم يكن في القمة.
مما تقدم، يجدر بنا أن نوجِّه كلامنا إلى أعضاء مجالس المحافظات ممن فازوا بالانتخابات قبل مدة وجيزة، والذين من المؤمل أن يتسنَّم البعض منهم مناصب تنفيذية في الحكومات المحلية، فنقول لهم لقد وعدتم الشعب والناخبين وعاهدتم على ذلك الله (سبحانه وتعالى) بالأيمان المغلظة والموثقة أن تسهروا على مصالحهم وأن تقدموا الخدمات للمواطنين الذين اتخموا بالوعود الكاذبة والأحلاف المنكوثة سلفاً ممن تسنَّم مثل هذه المواقع في الانتخابات التي سبقت هذه الدورة، والمنتظر منكم هو أن تبروا بالقسم وتفوا بعهدكم الذي عاهدتم، وأن ترعوا ذمتك بالأمانة وأن تبذلوا جهدكم وأن تضحوا بأوقاتكم من أجل خدمة المواطنين، فلقد بلغ صبر العراقيين الزبى، ولا يدري إلا الله ماذا سيكون إن أخفق المُنتخَبون في إدارة سدة محافظاتهم، فالشعب أصبح أكثر وعياً مما سبق وهو ينظر الآن إلى المشهد بعين مترقبة فاحصة، ومن الممكن أن تكون هناك انتفاضة خدماتية من قبل المواطنين في المحافظات وهو ما يؤكد المسؤولية الاجتماعية والوعي الجماهيري بضرورة التغيير على وفق الآليات القانونية والشعبية!
وأخص بالذكر  محافظة بغداد إذ إنني من سكنة العاصمة وقريب من الواقع، فهناك الكثير من المناطق يعوزها الكثير الكثير من الخدمات لا سيما البلدية منها، فهي تفتقر إلى أبسط الخدمات فلا شوارع مبلطة ولا ماء صالح للشرب ولا تستطيع وسائل الإعلام تسليط الضوء على هذه المناطق والوضع المزري فيها ربما لبعدها عن مناطق الحدث السياسي!! 
فمناطق مثل المعامل وحي النصر(التنك) والرشاد وحي طارق والحميدية وسبع قصور، على الرغم أنها لا تبعد عن مركز العاصمة إلا بعشرة كليومترات أو خمسة عشر كيلو متراً، إلا أن أهل هذه المناطق ،كما أسلفت، لم يتلقوا الاهتمام من حيث تقديم الخدمات وأصبح حلم الفرد الساكن في هذه المناطق أن يرى سيارات فرش الشوارع بالقير والإسفلت وهي تجوب شوارعهم لا أن تحوِّل مناطقهم إلى مناطق حديثة من طراز مدن القرن الحادي والعشرين، والسبب كما قلنا أن هذه المناطق بعيدة عن منطقة التأثير السياسي؛ ولأن أبناءها ، للأسف، لم يتسنموا مناصب في السلطة التنفيذية أو التشريعية على خلاف بعض المناطق من أحياء بغداد(الراقية)! فهي ما تزال تحتكر الاهتمام والخدمات وكل ما له من شأن في خدمة المواطن ورفاهيته.
وألفت نظر المسؤولين الجدد عن ملاحظة، على الرغم من أنها خاطفة، لكنها عظيمة المحتوى وذو دلالة يتفجر لها قلب المتفكر أسى وجوى، وهي أنني قبل إجراء الانتخابات بمدة قليلة أصبح طريقي يمر بمنطقة (الجمعيات) وهي إحدى محلات مدينة الشعب، ورأيت آليات البلدية وأمانة بغداد تحفر الشارع الرئيس وتسوِّيه تمهيداً لتعبيده وتغليفه بالإسفلت، لكنها سرعان ما اختفت تاركة وراءها هذا الشارع تملؤها الفوضى والأزبال ولا يمكن لأي سيارة أن تسير فيه، مما أدى إلى تغيير أصحاب سيارات الأجرة طريقهم داخل شوارع المحلة مما أحدث الكثير من المشاكل منها إزعاج المواطنين بأصوات هذه السيارات وتعريض الأطفال إلى الكثير من حوادث الدعس…لكنني عندما أجتاز هذه المنطقة وأمر بمناطق أخرى أرى شيئاً آخر تنفتح لها النفس وتقر لها العين، فيا بؤس أولئك.. ويا قرة عين هؤلاء!!