22 ديسمبر، 2024 10:07 م

الحكومات العراقية المتعاقبة بعد 2003 ومساهمـتها في زيادة حالات الـفـقر !

الحكومات العراقية المتعاقبة بعد 2003 ومساهمـتها في زيادة حالات الـفـقر !

كانت وما زالت قضية الفـقـر تمثـل الشغل الشاغل لمختلف الامم والشعوب لارتباطها مباشرة بالانسـان ، ووجوده وطبيعة
حاجاتـه الأساسـية ، ولا شك إن ظاهرة الفقـر تمثل أبرز المشكلات التي يعاني منها عالم اليوم بفعل الصيرورة التي آلت إليه لاسيما
في البلدان الناميـة ، حيث غدت هذه الظاهرة تهدد ملايين البشر وخاصة في الدول التي تتعرض الى الحـروب الخارجية والداخلية .
المتتبع لما جاءت به الديانات والرسالات السماويه يجد انها حملت فـي مضمونها جملة من المـباديء والدلالات التي تســتهــدف
محاربـة الفقـر بكل صوره واشكاله مقابل تمـجـيد العـمـل بوصفـه أحـد الأساليب لمكافـحة الفقـر ، كما نجد في الوقت ذاته ان معظم
الأنبيـاء والرسل ن لم يكن جميعهم يمارسـون العمــل ويـقـتاتون من عمل أيديهـم دلالة على مكانـة العمل وقيمته عند تلك الديانات السماوية والتي عملت الى محاربة الفقر بكل صوره واشكاله لما يشكله من مخاطراقتصادية واجتماعية متعددة على مستوى الأفراد
والمجتمعات والامم والشعوب . ولم تكن ظاهرة الفقر حديثـة العهـد بقدر ماهي ظاهرة اجتماعية واقتصادية قـديمـة قدم الانسان ،
فالفقـر كان وسيظل عـدواً لدوداً للانسان ، يـسلبه في كثير من الاحيـان إرادتـه ، ويجعله في موقـف الضعـيف .
ولعـل هـذه الـعدائـية بـين الانسـان والفقـر قـد تمثـلت من خـلال المقولة المأثـورة للإمام علـي بن أبي طالب (عليه السلام ) “” لو كان الفقــر رجــلاً لـقتـلته “” … حقاً إنـه تـعبيـر يجســد في أبسـط معانيـه ودلالاته الرفض المطلق لكل أشكال الفقر وصـــــــوره المتعددة …
ويعّرف العلماء الفقـر بمسـتويين ، الأول نسبي والثاني مطلـق ، والفقر النسبي هو الذي يعكس حالة التفاوت فـي المدخــولات .
فصاحب الدخل الأقـل يعتبر فقيرا قياساً بصاحب الدخل الأكثر ، وهذا النوع من الفقـر يقـره ويعترف به الاسلام معتبراً إياه سنة
كونيـة ترجع لاختلاف قدرات الافراد ومدى ما يبذلونه من عمل وجهد … والتفاوت على هذا النوع لا يقصد منه الاذلال وممارسة القهر وانما تفاوت من اجل التعاون والعدل والتوازن .
اما المستوى الثاني من الفقـر وهو ( المطلق ) ويعني عدم تمكن الفـرد من الحصول على حاجاته المادية .. كالمأكل والملبس والمسكن وحاجاته النفسية والاجتماعية كالزواج مثلاً …
كـل ما كتبتـه اعلاه هو مقدمـة للتعريف .. والدخول الى لـب قضيـة الفقــر التي اسـتفحلت في المجتمـع العراقي بعــد الاحتلال
في العام 2003 .. اذ يعتبر العــراق من الدول التي تمتاز بكثرة وتعـدد مـوارده الطبيعية التي حباها الله لشعبه .. فضلاً عــــن خصوبة ارضه ووفرة المياه اضافة الى العامل البشري ( العقول والكوادر الصناعية والزراعية والتجاريه .) وما يؤســف له انـه بعـد ان تســلمت الحكومات المتعاقبـة بعد دخول المحتل ..واول اعمالها ونشاطاتها هو ايـقاف وجعل المكائن العملاقـــــــــة ـ للكثير من المصانع الى ( خـردة ) وتم تهريبها الى دول الجوار وتسريح مهندسيها وموظفيها ..الخ والعمل الثاني هو فتح ابــواب الاستيراد العشوائي للبضائع الرديئة واغراق السوق بها دون النظر الى مؤسسة السيطرة النوعية .. وفوق كل هذا ظلت ابــــواب الاستيراد مطلقة وبـدون قيود ضريبيـة .. وبعد عدة سنوات تم العمل بالنظام الضريبي ولكن .. شابت هذه الضرائب الكثير مــن شبهات الفساد وتبـدد تلك الاموال التي من المفترض ان تدخل لخزينة الدولة . والمشكلة الاخــرى وهي الزراعة .. وقــد تم فتح
الحدود من خلال دخول المنتجات الزراعية للدول المجاورة ومن المـؤلم ان هذه المنتجات هي بالاساس من الانتاج العراقي الوفير.. والمشكلة الاخرى هي دخــول العمالة الاجنبيـة التي نافست الايدي العاملة العراقية مما جعل الكثير من الشباب عاطلاً عن العمـل
والادهــى من كل هذا وذاك .. ايقاف التعيينات منذ اكثر من 5 سنوات .. الخريجـون واصحاب الشهادات العليا اصبحوا بعشرات الالاف .. وكل يوم نسمع ونشاهد التظاهرات التي يطالبون فيها بالتعيين .. ولا من مستجيب ..
وهناك مثل شعبي يقول (( چــمل الـغـرگـان غطـه )) عندما دخلت سنة 2020 وجلبت معهــا وبـاء كورونا ( COVED-19)
وهبـوط اسـعار النفط الى ادنى مستوياته .. مما اربك ميزانية العراق التي هي بالاساس غير معدة مسبقاً بسبب المناكفـــــات السياسية عندما كان رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي على رأس السلطة وبقى العراق يعمل بدون ميزانية .. والحكومة الحالية هي في موقـف لا تحسد عليه ، حيث عاجزة عن توفير السيولةالنــقدية لتغطية صرف الرواتـب واجبـة الدفع للموظفـيـــــن والمتقاعديـــــــن وهذه الحالة لأول مرة تحدث في العراق …
قـضيــة الفـقر ومكافـحتـه أو الحد من آثـاره المختلفــة هي قضيـة تعتبر من واجبات الدول ممثلة بالحكومات الى جانب البرلمان .
الخلاصـة ان قضيـة الفقــر ومكافـحتـه وعلى امتــداد ســنوات طويلة مـتـقـوقعـة في إطـار خطـاب سـياسـي اعـلامـي يـجـــــري
تـداوله للاســـتـهلاك أحيـاناً والاســتغـراق والمـزايــدة أحـايـين كــثيرة ..