23 ديسمبر، 2024 6:58 ص

الحكومات الصومعية والشعارات العقائدية!!

الحكومات الصومعية والشعارات العقائدية!!

يعيش في صومعة: منعزل عن تطورات العصر
الصومعة: معبد الرهبان في الأماكن النائية.
والمقصود بها في هذا المقال الإنعزالية والإنقطاعية.
المجتمعات المبتلاة بالحكومات الصومعية تعيش بقسوة وعناء وتقهقر , فهذه الحكومات موجودات معزولة عن زمانها ومكانها , وتعبر عمّا فيها من الرؤى والتصورات البهتانية والأوهام العجيبة , ولهذا تحيط نفسها بمتاريس وحمايات وحواجز , وتتفاعل مع الشعب بسلبية وعدوانية وشكوك مريضة وإفتراضات مستوحات من إضطرابات تفكير أصحابها , وما أملته عليهم تجاربهم المنحرفة التي لا تمت إلى الواقع الذي عليهم التفاعل معه وتطبيبه.
ومشكلة الحكومات الصومعية أنها تغرق في شعاراتها العقائدية كالدينية والحزبية والمذهبية والفئوية , وغيرها من التصورات الوهمية التي تحلق بها في فضاءات العدم والعجز لكنها ترى غير ذلك.
ويبدو أن المجتمعات التي لم تستطع حل مشاكلها ومواكبة عصرها قد عانت من مصائب هذه الحكومات العليلة المنطلقات والتفاعلات , إذ يتحول الشعب إلى عدو لها , ويكون نهجها المحافظة على الكرسي وحسب , وعندما تسألها عما أنجزته تلقي باللائمة على الآخر , وتنطلق بالكلام السمج عن “هو ” الذي يمكنها أن تسميه كما يحلو لها وتشتهي أهواؤها , فهو قد يكون النظام السابق , أو المتآمرون , أو الخونة , أو أعداء الشعب , أو الطامعون بالبلاد , وألف أو وأو!!
والحقيقة الدامغة التي لا يريدون النظر فيها أن العلة “هم” وليس “هو” , لكن القول بذلك يُعد عدوانا وتهجما وفرصة لقول “هو”.
“هم” أعضاء الحكومات الصومعية , وبطاناتهم وحاشياتهم ومَن حولهم , فالعلة فيهم أجمعين , والسوء منبعه منهم لا من غيرهم , لكنهم في أهوائهم يعمهون وعن الحق زائغون , وبإسم الصدق يكذبون , وبإسم الحق يظلمون , وإنهم على أسماعهم وقر وعلى بصائرهم غشاوات الغافلين الفاسدين الذين بسوء أعمالهم يتشدقون.
والعلة الأكبر أن هذه الحكومات حتى وإن إدعت بوجود برلمانيين وممثلين للشعب , لكن هؤلاء أيضا يتصومعون في رغباتهم وإمتيازاتهم وفقا لنهج الحكومة التي معها يتفاعلون ومنها يتعلمون , ولهذا تجد برلماناتها عبارة عن تبعة للكراسي ومسوغين للفساد والقهر والظلم , وما يعنيهم سِوى ما يجنونه من الأموال والإمتيازات والأملاك , وغيرها من الإستحواذات على حقوق الآخرين بإسم القانون الذي يسنون , وما هو إلا لتأكيد أطماعهم وما يرغبون.
وبهذا تكون المجتمعات في ورطة حضارية ومأزق تفاعلي مرير يكلفها خسائر كبيرة تشمل الأجيال , وتعوق نهر الحياة وتقيم العثرات أمام الخطوات الجادة الساعية لبناء الوطن وصناعة الحياة الأفضل للمواطنين , ذلك أن ما ينفع الناس سيضر هذه الحكومات والبرلمانيين , وما يضر الناس ينفعهم ويزيدهم سطوة وقوة وقدرة على الجلوس فوق القانون , ولهذا تجد في هذه المجتمعات أزمات لا تحصى ومناهج للحكم بالحاجات , وما هي إلا أساليب لإستعباد الناس وإذلالهم وتجريدهم من الحس الوطني والإنساني , بل ومصادرة قيمهم وأخلاقهم وسرقة ثرواتهم ومحق هويتهم.
وهكذا يكون المصير أليما , والأيام ثقيلة وممعنة بالتفاعلات السلبية , ويرتقي فيها الفساد إلى مستوى العقيدة والمذهب والدين , وينشغل الناس بما لا ينفع الناس , وتلك هي الطامة الكبرى التي تلحق بمجتمعات تتفاعل مع حكومات صومعية , وتدين بشعاراتها العقائدية الغنية بالأكاذيب والإفتراءات والخداعات والأضاليل.
فلماذا تأنس الشعوب بالحكومات الصومعية فتديمها؟!!