مَن يحكم مَن الوطن أو المواطنون؟!!
وكيف تُبنى آليات الحُكم الراجح؟
وهل تساءَلنا مع أنفسنا عمَّن يحكمنا؟
الجواب عند معظمنا إفتراضي وغير واضح , وأكثر الأجوبة ستكون “لا أدري”!!
لأن الوطن ككيان حقيقي غير قائم ولا موجود في وعينا وليس متجسدا في مداركنا وربوع أعماقنا ,
فالوطن كالسراب الذي تلهث وراءه الأجيال.
هكذا يبدو الوطن في بلداننا العربية!!
ولهذا فالوطن بلا حولة ولا قوة ولا قدرة على الحكم والتحكم بمصيره , وتقرير إرادته وسلوك الساكنين فوق ترابه.
فالوطن لا حاكم ولا محكوم لأنه منتفي ومستتر في عوالم الإفتراضات والتصورات والرؤى ,
وعليه فلا يمكننا القول بوجود حكومة وطنية , وإنما حكومات فردية , عائلية , حزبية , فئوية , طائفية , وإن شئت مافيوية.
وبسبب ذلك تتوالى التداعيات والإنكسارات والإنتكاسات , ويتراكم الخسران في دروب الأجيال , وتتكاثر المصدات والمعوقات والحكم بالحرمان من الحاجات , أو بإطباق الحصار الشامل والكامل على البشر المحكوم بأي الإرادات المتسلطة عليه.
فهل تساءلتم أين الوطن فيما يجري ويحصل؟
وهل وجدتم جوابا للسؤال؟
إن المجتمعات المتقدمة المعاصرة محكومة بأوطانها الواضحة الملامح والجغرافية والتأريخ والسمات والمواصفات والقدرات.
ولأنها محكومة بأوطانها فأنها تلد حكومات ترعى مصالح البلاد والعباد , وتسعى جاهدة للحفاظ على الأمن والأمان وإسعاد الإنسان وتحقيق بهجة المكان.
فشعوب الأرض تدين بالإنتماء والتبعية لأوطانها , وتجتهد لكي تقدم لها أعز وأجمل ما فيها من العطاءات والخبرات والقدرات الكفيلة بإسعادها.
فهل فكرتم بإسعاد أوطانكم؟
هل خطر على بالكم إسعاد المكان الذي تعيشون فيه؟
وهل قمتم بنثر البهجة والبهاء والجمال على ضفاف الأنهار التي ترويكم؟
هل فكرتم بنظافة وجمال المكان في الوطن؟
أجزم بأن هذه الأفكار لم تخطر على بال الأجيال , لأن الوطن مغيّب أو مجهول , ولا أحد يعرف ما هو الوطن , مما أدى إلى آليات التشظي وتعدد الإنتماءات والتعصبيات والعنصريات والإمعان بالطائفيات والمناطقيات والعشائريات والقبليات.
ولن تستعيد الشعوب رشدها إلا إذا أدركت أن الوطن يجب أن يحكمها , وأن تعرفه وتدين بالولاء المطلق له.
فاعْرفْ وطنكَ , وادعوهُ ليَحْكُمك!!