22 ديسمبر، 2024 11:48 م

الحكم الفتاك والعذر الأفّاك!!

الحكم الفتاك والعذر الأفّاك!!

فشل العرب في إقامة نظام حكم حضاري معاصر يستند على دستور قويم , يراعي حقوق الإنسان وقيمته ويعلي شأنه ودوره , وبعتمد القوانين التي لا يمكن لأحد أن يكون فوقها , وإنما الجميع سواسية أمام القانون.
وهذا الفشل السبب الجوهري وراء ما أصابهم من تداعيات وإنهيارات وإنتكاسات , وبروز التطرف والعنف والصراعات المأساوية القاسية التي عصفت وتعصف بالأجيال.
ويبدو أن اللعبة السياسية تقتضي إستحضار الآليات الدفاعية ذات الإسقاطات والتبريرات الخادعة , فبدلا من الإعتراف بالفشل والعمل الوطني الإنساني العلمي المثابر الجاد لتعديل المسار , وإطلاق قدرات العقول في ميادين البناء والإبتكار والجد والإجتهاد , ينتشر القول بأن السبب في الدين والتراث والتأريخ , ولا بد من التجديد والتغيير لكي نعيش بأمن وسلام , وأنظمة الحكم عندنا أفسد وأقسى ما في الدنيا قاطبة.
فهي تنفي قيمة الإنسان وتحسبه رقما أو شيئا أو دمية أو ما شابه ذلك , ومستعدة ومتأهبة لرميه في أتون الصراعات والحروب العبثية , وإلهائه بالحرمان من أبسط الحاجات التي يتمتع بها البشر في دول الدنيا الأخرى , حتى صار المواطن يحلم بهجرة بلده لأنه فشل في توفير أسباب الحياة الحرة الكريمة له ولعائلته.
فالمشكلة الجوهرية فيها , وأي إدّعاء آخر يُراد منه التعمية والتشويش وحرف الأنظار عن السبب الحقيقي , الفاعل في المجتمعات منذ نهاية الحرب العالمية الأولى.
فهل إستطاعت أنظمة الحكم أن تنتقل بالواقع إلى مصاف العصر , وترفع عن المواطن مشقة العيش , وضنك المعاناة اليومية القاهرة لوجوده والمحطمة لتطلعاته وأحلامه؟
فعندما تصيبه بالنكد والإنكسار والبؤس واليأس , يلجأ إلى ما يراه منقذا له , كالغريق الذي يتشبث بما ينقذه من الغرق , فيميل نحو حالات وكينونات ويتخذ من الدين ملاذا للتخفيف من أجيج معاناته وقساوة أيامه , فيحصل الذي يحصل , وتبدأ أنظمة الحكم الفاشلة بمواجهة النتيجة وتغض النظر عن السبب , بل وترى في مواجهة النتيجة وسيلة مهمة لتواصلها في دوامة الحكم القاصرة والغير مستوعبة لتطلعات المواطنين.
وهذا الحال ينطبق على معظم دولنا , فهل أبقيتم خيارا سوى الموت أو الهرب من الأوطان؟!!