ان نظرة سريعة الى كافة قضايا الفساد الكبرى التي ترتبط بتهريب الاموال الى خارج البللاد ان تلك القضايا تنتهي بصدور حكم غيابي من محاكم الجنايات لتضيع في غيابات الاسترداد والاعم الاغلب من تلك القضايا لم يتم استرداد الاموال المهربة المنهوبة بل يتم ضياع اموال اخرى هي مصاريف تشكيل وسفر لجان الاسترداد التي يتم تشكيلها لمعالجة هذا الموضوع . هنا تثار اشكالية وتسأول عن الارتباط بين صدور القرار الغيابي من المحاكم المختصة وبين فشل لجان الاسترداد في جهودها , فهل الفشل يعود الى ضعف اداء تلك اللجان ؟ ام ان الفشل يرتبط بعدم الكفأة؟ ام ان الفشل يعود الى طبيعة القرار الصادر بالحكم الغيابي ؟.
كلما ظهر السؤال عن اسباب فشل اللجان المشكلة لاسترداد لاموال المنهوبة يتم الرد بان اللجان في العراق على سبيل المثال نجحت في استعادة المتهمة (زينة ) الموظفة التي هربت الى لبنان بمليارات الدنانير العراقية ونجاح تونس في استرداد نحو 29 مليون دولار من حساب مصرفي بلبنان كان على ذمة ليلى الطرابلسى، زوجة الرئيس الاسبق زين العابدين بن علي . كما استعادت السلطات التونسية يختاً فاخراً كان محتجزاً بأحد الموانئ الايطالية، وقد كان مملوكاً لابن شقيق الرئيس التونسي السابق، ويقدر ثمنه بأكثر من مليون يورو. كما نجحت تونس في تجميد أرصدة وعقارات تابعة لعائلة بن على بدول أوروبية من خلال سفاراتها في الخارج وهي نجاحات يمكن تسميتها باليتيمة لانها لاتتجاوز 1% من حجم الاموال المنهوبة. وللرد على هذه الحجة نقول لو ان (زينة ) كانت قد فرت الى احدى الدول الاوربية او الامريكية لما تمكنت كل اللجان من استعادة تلك الاموال لان قرار حكومة لبنان بالقبض عليها واعادتها الى العراق كان قرار سيادي قامت به الحكومة اللبنانية كنوع من التعاون مع الحكومة العراقية لايمكن ان تتخذه اي دولة اوربية او امريكية ليس لان تلك الدول لا تريد ان تتعاون مع الدول التي نهبت اموالها ولكن لان هناك اجراءات قانونية تحول دون ذلك موجودة في تلك الدول على سبيل المثال لايمكن لاي دولة اوربية ان تقوم بمصادرة اموال اي شخص بدون حكم قضائي يصدر من محاكمها كما لايمكنها اعادة اي شخص دخل اراضيها ناهيك عن الاشخاص الذين يحملون جنسياتها الى الدولة التي تريد استعادة اموالها من ذلك الشخص بدون اجراءات قضائية معقدة .
بالعودة الى موضوع الاموال المهربة والمنهوبة والتي كانت نتيجة لعمليات فساد اداري نرى ان كافة الدول التي وقعت على اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد تشترط وكما ورد في المادة 57 من الاتفاقية ان يكون القرار الصادر عن الدولة طالبة الاسترداد قد صدر من محكمة مختصة واعتيادية اي ان يكون القرار غير صادر عن محكمة خاصة او مؤقته او عسكرية وان يكون القرار الصادر باتا ونهائيا وقد استنفذ كافة طرق الطعن المنصوص عليها في القانون لأن تلك الدول لا تعترف بالاحكام التي تصدر عن المحاكم الاستثنائية أو الخاصة ، ومن ثم فانها تعتبر الحكم الذي يصدر عنها، غير ذي بال، لذلك فان استعادة الأموال يجب ان تكون بحكم نهائي من محكمة جنائية، اي من قاض طبيعي ومن الضروري ان تتوافر في الحكم الصادر، الضمانات القانونية كافة مثل: حق الدفاع عن النفس واخذ الوقت لدراسة القضية وتحضير الدفوع، فضلا عن استنفاذ الطرق القانونية للطعن فيه.
هنا يثار التسأول هل يحقق الحكم الغيابي الصادر بحق اي متهم بجرائم الفساد والذي تمكن من تهريب الاموال المتحصلة من تلك الجرائم الشروط التي تفرضها دول العالم لقبول طلبات اعادة الاموال المنهوبة ؟ هذا التساؤل يتطلب معرفة الطبيعة القانونية لقرار الحكم الغيابي , وهل يعتبر حكما نهائيا باتا ؟ وهل يخضع الحكم الغيابي لطرق الطعن الاعتيادية المنصوص عليها في التشريعات الداخلية ؟ وهل يوفر الحكم الغيابي الضمانات القانونية مثل حق الدفاع عن النفس واخذ الوقت لدراسة القضية وتحضير الدفوع ؟
من نافلة القول فان الحكم الغيابي يعرف بأنه نقيض الحكم الحضوري، وهو الحكم الذي يصدر في الدعوى دون أن يحضر المتهم جميع جلسات المرافعة، حتى لو حضر جلسة النطق بالحكم، طالما أنه لم تجر مرافعة في هذه الجلسة فإذا حضر المتهم جلسات المرافعة ولم يحضر جلسة النطق بالحكم فإنّ الحكم يكون حضورياً، فالعبرة هنا في تمكن المتهم من إبداء دفاعه حول التهمة المنسوبة إليه، أما إذا حضر المتهم بعض جلسات المرافعة ولم يحضر في بعض الجلسات الأخرى التي سمعت المحكمة فيها شاهدًا أو ناقشت خبيرا، اعتبر الحكم غيابيا لعدم تمكنه من إبداء دفاعه في الجلسات التي لم يحضرها.وأن حضور المتهم إلى جلسات المحاكمة في القضايا التي تتضمن عقوبة سالبة للحرية هو أمر وجوبي ولا يجوز له أن ينوب عنه أحد حتى وإن كان محاميا فالمحامي يحضر مع المتهم وليس عنه . وكذلك يعرف الحكم الغيابي بانه الحكم الذي يصدر في غيبة المدعى عليه؛ دون أن تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه؛بما لديه من حجج قانونية وبراهين، تعزّز مركزه في الدعوى. ومن هذا التعريف يتبين ان المتهم الذي يصدر بحقه حكما غيابيا لا يتوفر له شرط التمتع بالضمانات القانونية في الدفاع عن النفس ودراسة القضية وتحضير دفوعه. فقد اشارت المادة 246 الفقرة 1 من قانون اصول المحاكمات الجزائية الاردني رقم 16 لسنة 2001 المعدل الى عدم قبول وكيل عن المتهم الفار من وجه العدالة. كما ان قانون اصول المحاكمات الجزائية اللبناني لايسمح للمتهم الفار،أن يتمثل في المحاكمة الغيابية بوكيل عنه. الا في حالة قيام ذلك الوكيل بتقديم عذر عدم الحضور لموكله فإذا قبلت المحكمة العذر فترجىء المحاكمة إلى موعد آخر. وإذا لم يسلم المتهم نفسه خلال أربع وعشرين ساعة قبل الموعد الجديد إلى المحكمة؛ فتتابع المحاكمة الغيابية في حقه.
فاذا انتقلنا الى الشق الثاني من السؤال المتعلق بكون القرار بالحكم الغيابي هل يعتبر نهائيا وباتا ؟ فان الجواب هو ان القوانين التي تاخذ بالمحاكمة الغيابية وهو النظام الموروث التشريعات الجرمانية القديمة وترتكز على تدابير صارمة تعود بأسسسها البارزة، إلى التشريع الفرنسي الصادر في سنة 1670 الذي كان يعتمد النظام التحقيقي قد اجمعت على ان قرار الحكم الغيابي لا يعتبر حكما نهائيا وباتا لان ذلك القرار يعتبر ملغيا بمجرد القبض على المتهم او قيامه بتسليم نفسه طواعيا فقد اشارت المادة 247 من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي الى (ا – متى قبض على محكوم عليه غيابا بالاعدام او بالسجن المؤبد او المؤقت او سلم نفسه الى المحكمة او اي مركز للشرطة فتجرى محاكمته مجددا وللمحكمة ان تصدر عليه اي حكم يجيزه القانون ويكون قراراها تابعا للطعن فيه بالطرق القانونية الاخرى). كذلك نجد ان الفقرة الأولى من المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية المصري بعد تعديلها بالقانون رقم 95 لسنة 2003 قد نصت على أنه ” إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة يحدد رئيس محكمة الإستئناف اقرب جلسة لإعادة نظر الدعوى ، و يعرض المقبوض عليه محبوساً بهذه الجلسة ، و للمحكمة أن تأمر بالإفراج عنه أو حبسه احتياطياً حتى الانتهاء من نظر الدعوى ، و لا يسقط الحكم الغيابي سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو التعويضات إلا بحضور من صدر ضده الحكم جلسات المحاكمة يستفاد من ذلك النص أن الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنايات يسقط و يعاد نظر الدعوى من جديد ، و ذلك بشروط معينة ، تتمثل في في حضور أو القبض على المتهم الغائب ، و حضورذلك المتهم جلسات المحاكمة المعادة. هذا التوجه هو الذي اخذت به المادة 292 من قانون اصول المحاكمات الجزائية اللبناني رقم 328 صادر في 2/8/2001 التي تنص على (إذا سلم المحكوم عليه الفار نفسه أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة المحكوم بها بمرور الزمن فتقرر المحكمة
إعلان سقوط الحكم الغيابي الصادر في حقه وسائر المعاملات التي أجرتها اعتباراً من تاريخ وضع يدها على الدعوى. كما تقرر محاكمة المتهم وفقاً للأصول العادية المنصوص عليها في المواد 236 وما يليها من هذا القانون. يصدر الحكم في الدعوى وفقاً لهذه الأصول). وكذلك المادة المادة 254من قانون اصول المحاكمات الجزائية الاردني رقم (9) لعام 1961التي تنص على (اذا سلم المتهم الغائب نفسه الى الحكومة أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة المحكوم بها بالتقادم فيعتبر الحكم وسائر المعاملات الجارية، اعتبارا من صدور مذكرة القاء القبض أو قرار الامهال ، ملغاة حكما، وتعاد المحاكمة وفقا للاصول العادية).
أن نظام السقوط لا يسري على جميع الأحكام الغيابية الصادرة من محكمة الجنايات ، و إنما يقتصر السقوط على الأحكام الصادرة في الجنايات فقط دون الجنح و المخالفات ، فالمواد المشارإليها اعلاه وردت بحق الإجراءات التي تتبع في القرارات الصادرة بالجنايات في حق المتهمين الغائبين اما بالنسبة للاحكام الصادرة بقضايا الجنح والمخالفات فنرى ان المشرع المصري على سبيل المثال تناولها في المادة 397 من قانون الإجراءات الجنائية ، و التي تنص على أنه( إذا غاب المتهم بجنحة مقدمة إلى محكمة الجنايات تتبع في شأنه الإجراءات المعمول بها أمام محكمة الجنح ، و يكون الحكم الصادر فيها قابلاً للمعارضة) . اي ان الجنحة وان كانت معروضة امام محكمة الجنايات ، لا يسقط الحكم الغيابي الصادر فيها بالقبض على المتهم أو حضوره و تعاد المحاكمة من جديد اثر ذلك كما هو الحال في الحكم الغيابي الصادرفي جناية ، و إنما تسري في صددها أحكام المعارضة في الحكم الغيابي الصادرفي جنحة ، فيكون للمتهم المحكوم عليه غيابياً أن يعارض في الحكم ، و بغير ذلك لا يسقط الحكم ، بل يصبح قابلاً لأن يصير نهائياً بعدم المعارضة فيه و بعدم استئنافه والعبرة في هذا المقام بالوصف الذي ترفع به الدعوى إلى محكمة الجنايات ، بحيث إذا قدمت الدعوى بوصف كونها جناية ، فيسري حينئذ نص المادة 395 و يخضع الحكم الصادرفيها غيابياً لنظام السقوط ، أما إذا قدمت الدعوى بوصفها جنحة فلا يسري عليها نظام السقوط ، و إنما يخضع الحكم الصادر فيها غيابياً لنظام المعارضة كطريق من طرق الطعن في الأحكام ، و على ذلك ، فإذا كانت الدعوى مرفوعة بوصف الجناية و تبين للمحكمة أن الوصف الصحيح للواقعة هو جنحة طبقت القواعد الخاصة بالجنايات ، و يسري على الحكم الصادرغيابياً حينئذ نظام السقوط ، و إذا رفعت الدعوى إلى محكمة الجنايات بوصفها جنحة و تبين للمحكمة أن الوصف الصحيح للواقعة هو جناية طبقت القواعد الخاصة بالجنح ، و كان الحكم الصادر منها غيابياً قابلاً للمعارضة فيه وهو التوجه الذي اخذت به محكمة النقض المصرية التي قضت بأن(إذا كان الحكم المطعون فيه قد صدر غيابياً بإدانة المطعون ضده عن التهمة الأولى بوصف أنها جنحة شروع في سرقة ، إلا أنه لا يعتبر حكماً غيابياً صادراً من محكمة الجنايات في جنحة و قابلاً للمعارضة ، إذ العبرة في مثل تلك الحالة بالوصف الذي رفعت به الدعوى ، فإذا رفعت بوصفها جناية فيسري في حقها حكم المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية). كما قضت بأن (مناط التفرقة بين نص المادتين 395 ، 397 من قانون الإجراءات الجنائية هو الوصف الذي ترفع به الدعوى ، فإذا رفعت بوصفها جناية سرى في حقها المادة 395 من القانون المذكور و يبطل حتماً الحكم الصادر فيها في غيبة المتهم …….و من الخطأ قياس سقوط الأحكام الغيابية في مواد الجنايات على حالة المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة في مواد الجنح و التي يسري في حقها نص المادة 397 من قانون الإجراءات الجنائية و يكون الحكم الصادر فيها قابلاً للمعارضة).
من جهة اخرى نرى ان محكمة التمييز الاردنية قد ذهبت ابعد من ذلك بالقول ان قرار الحكم الغيابي لايعتبر حكما وليس له صفة الحكم حيث ورد في قرار محكمة التمييز الاردنية 963/1999مايلي (محاكمة المتهم غيابيا كمتهم فار من وجه العدالة طبقا لمقتضيات المادة 254 من قانون اصول المحاكمات الجزائية التي تقضي باعتبار الحكم وسائر المعاملات الجارية اعتبارا من صدور مذكرة القاء القبض على المتهم او قرر الامهال ملغاة حكما اذا سلم المتهم الغائب نفسه الى الحكومة او قبض عليه قبل سقوط العقوبة المحكوم بها وتعاد المحاكمة وفقا للاصول وعليه وحيث ان الفقه والقضاء يجمعان على ان الحكم الغيابي لا يعتبر
حكما وليس له صفة الحكم وليس بمقدور المتهم الفار من وجه العدالة ان يطعن فيه لعلة ان هذا الحكم يصبح ملغى بمجرد القبض على المتهم ولو اجيز قبول الطعن من المتهم الغائب ضد الحكم الغيابي لكان ذلك بمثابة مكافاة له على تهربه من العدالة ولذا فان الحكم الاستئنافي القاضي برد الاستئناف المقدم من المتهم الفار شكلا لعلة كونه مقدم ضد حكم غير قابل له لعدم جواز الطعن فيه ابتداء يتفق مع القانون كما لا يقبل طلب المتهم الغائب الفار من وجه العدالة اعتبار الجرم المسند اليه مشمولا بقانون العفو العام لانه ليس له حق الطعن في هذا الحكم وان سبيله الوحيد هو تسليم نفسه لسلطات الدولة ومن ثم يدفع بشمول فعله بالعفو العام عند اعادة المحاكمة) . كما قررت في حكمها المرقم 606/1999(ان الحكم الغيابي القابل لاعادة المحاكمة لا يقبل الطعن من قبل المحكوم عليه لانه يعتبر لاغيا وغير قائم بمجرد القاء القبض على المتهم طبقا لنص المادة (254) من قانون اصول المحاكمات الجزائية) . كما ان قانون أصول المحاكمات الجزائية السوري تحدث عن أصول محاكمة المتهم الفار بدءا من المادة /322/ وحتى المادة /335/ منه واشار الى ان الحكم الغيابي الصادر عن محكمة الجنايات بحق المتهم الفار يلغى بحكم القانون في حال القبض على المتهم المحكوم عليه غيابيا أو في حال تسليم نفسه إلى المحكمة .
بالنسبة للمشرع العراقي فقد اكد على هذا المبدأ باعتبار ان قرار الحكم الغيابي الصادر في الدعوى الجزائية في عقوبات الاعدام والسجن المؤبد والسجن المؤقت بحق المتهم الهارب والذي يتضمن ضمن محتوياته اعطاء الحق للمتضرر بمراجعة المحكمة المدنية لطلب التعويض لا يكتسب الدرجة القطعية الا بعد تسليم المحكوم نفسه او القاء القبض عليه ومحاكمته مجددا وثبوت التهمة وبخلافه فان المحكمة المدنية سوف تستأخر الدعوى استنادا لاحكام (م/83) مرافعات مدنية (م/26) الاصولية.
كما نصت المادة 254 من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي على (مع عدم الاخلال بالمادة (16/ اولا) من قانون الادعاء العام ذي الرقم 159/1979:اذا اصدرت محكمة الجنايات حكما وجاهيا بالاعدام او السجن المؤبد فعليها ان ترسل اضبارة الدعوى الى محكمة التمييز خلال عشرة ايام من تاريخ صدور الحكم للنظر فيه تمييزا ولو لم يقدم طعن فيه.تحتفظ المحكمة بإضبارة الدعوى الصادر فيها حكم غيابي بالاعدام او السجن المؤبد او المؤقت الى حين تسليم المحكوم عليه نفسه او القبض عليه فتجري محاكمته مجددا طبقا للمادة (247) من هذا القانون). وهو ماأكدته محكمة التمييز في العديد من قراراتها ومنها القرار رقم (9/10) العدد/2646/الهيئة الجزائية 2/2011/ محكمة التمييز الاتحادية / 6-3-2011 الذي ورد فيه (ان القرارات الصــادرة من قبل محكمة جنايــات البصرة الثــانية بتاريخ 9/12/2010وبالدعوى المرقمة 2/ج/2009 كانت غيابيا وحيث ان احكام المادة (254/ ب) من قانون اصول المحاكمات الجزائية قد اشترطت احتفاظ المحكمة بالدعوى لحين تسليم المحكوم نفسه او القبض عليه لاجراء محاكمته مجددا لذا قرر اعادة الدعوى الى محكمتها لاتباع ما تقدم). وكذلك قرار محكمة التمييز المرقم (/673/حقوقية/2011/ في جلسة المرافعة المؤرخة 24/10/2011 قررت محكمة بداءة الكرخ في الدعوى المرقمة 2947/ب/2011 استئخار الدعوى الى نتيجة الدعوى الجزائية استنادا لاحكام المادة (83/ ف) مرافعات مدنية ولعدم قناعة المميز بالقرار المذكور اعلاه طعنت به وكيلته تمييزا بلائحتها المؤرخة 30/10/2011.وجدت المحكمة ان القرارصحيح وموافق للقانون للاسباب التي اعتمدها ذلك ان الجزاء يوقف المدني عملا بنص المادة (26) من اصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 النافذ والمادة (83) من قانون المرافعات المدنية النافذ رقم (83) لسنة 1969 لذا قرر تصديقه وتحميل المميز رسم التمييز).
مما تقدم نخلص الا ان القرار الذي يصدر غيابيا في الجنايات المتعلقة بالفساد المالي والتي تؤدي الى تهريب الاموال المتحصلة من جرائم الفساد وان كانت تمنح الرأي العام بعض الشعور بالقناعة الا انها بصورتها الحالية لاتصلح كأساس لأسترداد الاموال المنهوبة لا بل نرى ان بعض الذي قاموا بنهب الاموال
يدفعون رشاوى كبيرة لصدور احكام جنايات بحقهم ليستخدموا هذه الذريعة للتهرب من اعادة تلك الاموال . ومع عدم استبعاد عنصر سوء النية لدى بعض الدول المستقبلة للاموال المنهوبة في محاولتها لوضع العراقيل اما استرداد تلك الاموال الا ان الواجب يتحتم على اللجان التي تعمل على استرداد تلك الاموال الى التوجه لمعالجة تلك الثغرة القانونية من اجل سد الطريق على الدول التي ترفض التعاون بحجة ان قرار الحكم الصادر غير بات وغير نهائي وتستخدم هذه الذريعة للتهرب من التزاماتها الدولية التي تفرضها اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد .