نسفنا.. نحن الشيعة، حكمة الإمام علي.. عليه السلام: “بت مظلوما ولا تبت ظالما” بعد أن تحلينا بمظلومية فاعلة، على مدى أكثر من ألفٍ وأربعمائة عام، كنا خلالها مقموعين.. لكن وجودنا يعيد بناء السلطة؛ لما ينطوي عليه المذهب الجعفري، من “ديالكتيك – جدل” روحي، يشكل ثالثة الأثافي للجدل الماركسي – المادي والهيجلي – التاريخي.
نسفنا حضارة الروح والمادة والتاريخ، التي كان من الممكن ان نحققها، بسقوط الطاغية المقبور صدام حسين، وتسلمنا السلطة، في بلد ذي سبعة آلاف عام، من الحضارة الجامعة والمانعة! مشفوعة بثروات تفوق الخيال
“مشيناها خطى كتبت علينا.. ومن كتبت عليه خطى مشاها” سلبا وإيجابا؛ إذ دال لنا العراق، تبوأنا قيادة الحكومة بدعم اميركي.. ايراني.. عالمي.
طرحنا بدلاء عن حكم سني، دام قرونا، عشناه تحت هاجس الشعور بالمظلومية، التي تجذرت في ذواتنا، حتى بتنا نجلس على كرسي الحكم، بعقلية المعارض، المتأصلة فينا.. بل أجهز الطاغية المقبور صدام حسين، على ثلث البلد، وأجهزت المنطقة الخضراء على الثلثين المتبقيين، في بضعة أعوام.
فقدنا فاعلية المظلوم الذييهيكل الدولة، ويعيد تركيب الأحداث من موقع القتيل الأقوى من قاتله، وتلك هي سمة خلود واقعة “الطف” التي إنتصر فيها الحسين قتيلا، إستشهد في الثبات بوجه العطش وقلة الحيلة ووهن الجسد وسبي العيال، إذ سقاه جده محمد من ماء الكوثر ونصره بالخلود، مجسا لما تلاه من حركات تحرر في العالم، ووحدة قياس قورنت بصعود عيسى بن مريم الى السماء.
كل تلك الميزات، فرط بها القادة الشيعة بعد 2003، تهافتا مهووسا بشهوة المال التي لا تريد ان ترتوي.
طوائف
الحكم الشيعي اليوم، في بلاد الرافدين، يشبه دوله الطوائف في اسبانيا، اواخر حكم العرب المسلمين في الاندلس؛ إذ تحولوا الى اعداء في ما بينهم، إحتراباً أدى بالنتيجة الى سحقهم وطردهم من الأندلس، وإبادتهم، بعد ثمانمائة عام من إحكام قبضتهم عليها، مشحونة بالمهازل والفظاعات!
وحكمنا ثلاث عشرة سنة، منذ 9 نيسان 2003، لحد الآن، نتصارع بيننا على المغانم والسرقات “مثل لصوص سيطروا على بنك” حسب ما نسبت مواقع التواصل الإجتماعي لعملاق الصحافة العربية محمد حسنين هيكل.
خياران
ولكي لا أبالغ.. هذياً كالمحموم؛ جلدا مازوشيخا للذات، أجد الاحزاب الشيعية امام خيارين، اما ان تعود لله
وتنظر الى حال العراق وشعبه المسكين، موحدة صفوفها.. تمد اليد للخيرين من بقية المكونات، شراكة حقيقية، حد إندغام الجميع، في الولاء الوطني، من دون تمفصلات “أثنية – طائفية وعرقية” تشكل حدودا في نسب المحاصصة، او تنتظر نهاية، مثل تلك التي أودت بحكم الطوائف في الاندلس، مهزومين يلوذون بالبحر ومنه الى المغرب، يتناسلون مقبورين فيها حتى هذه اللحظة، أما وأن تاريخ الطوائف يعيد نفسه؛ فالكيانات الشيعية يجب ان تتهيأ لطرد مذل، نحو حواري طهران ودمشق ان قبلت تلكما الدولتان بإستقبالهم!
لكن “الطيب أحسن” ساعدوا الشعب وكفوا عن نهب ثرواته، وإعملوا.. إعملوا؛ كي يتغير الماء الراكد.. الآسن، البلد واقف، لا يتحرك فيه سوى الفساد بحرية مطلقة، من دون عوائق، والدستور محيد، لصالح حرية السرقة وتمرير الإختلاسات والرشاوى الكبرى، التي قصمت ظهر إقتصاد البلد.
توبوا الى الله، كي لا تنتهوا نهاية “الطوائف”.