لا شك إن التشكيك في حكمة التشريع اﻷسلامي هو أخبث أسلوب أستخدم لا لشئ إلا ﻷجل صد الناس عن هذا الدين العظيم وكذلك إضعاف إيمان المسلمين بدينهم اﻷمر الذي يؤدي الى الخروج منه….
وقد تصدى علماء المسلمين لهذه الحملات المسعورة التي شنها اﻷستعمار الكافر ضد اﻷسلام الحنيف…
واليوم أحببت أن أتناول موضوع تعدد الزوجات الذي شرعه اﻹسلام والحكمة من هذا التشريع..
وقد تناول هذا الموضوع السيد الشهيد محمد الصدر( قدس الله سره) في موسوعة ما وراء الفقه الجزء السادس حيث جاء فيه ما نصه:
(( تنبثق الحكمة لتعدد الزوجات، من الحاجة الى ذلك. ويتم بيان ذلك ضمن عدة نقاط.
النقطة الأولى: إن غالب المجتمعات البشرية تتصف بزيادة عدد الإناث على الذكور بالولادة. بل هذه الصفة ثابتة للبشرية ككل بكل تأكيد.
النقطة الثانية: إن الأخطار التي يتعرض لها الذكور، بحكم عملهم أكثر من الإناث بكثير، ومن هنا يكون التلف فيهم أكثر بكل تأكيد. مما يسند مسألة زيادة الإناث على الذكور في العالم.
النقطة الثالثة: إن الحروب خاصة بالذكور. ولا يشارك فيها الإناث إلا قليلاً. ومن هنا قال الشاعر():
كتب القتل والقتال علينا وعلى المحصنات جر الذيول
الأمر الذي يسبب أن الأعم الأغلب من المقتولين في الحروب هم من الذكور دون الإناث. وان قتل من الإناث أحد فعلى سبيل الصدفة او الاعتداء وبنسب ضئيلة.
فإذا طالت الحروب في أي مجتمع او في عدة مجتمعات سنين او عقوداً كان الأمر أوضح. والعالم لا يخلو باستمرار من المناوشات والحروب نتيجة لتعارض مصالح الأقوياء من الناس.
النقطة الرابعة: إن كثيراً من الرجال لهم قابلية خلقية او مكتسبة لتحمل أكثر من زوجة. فلماذا تذهب هذه القابلية هدراً؟
وأقصد بالقابلية الخلقية غريزته الجنسية وما إليها. وبالقابلية المكتسبة وجود وارد إقتصادي مضمون لتغطية النفقات، وكلا الأمرين او القابليتين موجودان في عدد لا يستهان به من الرجال.
النقطة الخامسة: إن المهم في حياة المرأة الزوجية هو إيفاء حاجاتها من قبل الرجل من جميع الجهات او في حدود الإمكان. ولا يدخل في ذلك إن الرجل نفسه قد وفّى حاجات امرأة أخرى أم لا.
وهذا يعني انه لا يوجد مانع نفسي او عقلي او اجتماعي لدى المرأة من التعدد. كل ما في الأمر إنها تطالب بحقها من زوجها فان استطاع إيفاءه فهو المطلوب. وعندئذ لا تكون الزوجة او الزوجات الأخرى، محل ضرر على الإطلاق.
هذا في السيرة العقلائية العامة، بغض النظر عن بعض تعاليم الأديان او القوانين التي تمنع من التعدد. والتي تصلح هذه النقاط لمناقشتها.
النقطة السادسة: إن لدى بعض الرجال حاجة حقيقية للتعدد لقوة الغريزة الجنسية بحيث لا تستطيع امرأة واحدة من إيفائها.
وفي حدود اللغة الدينية: إن الفرد قد يخاف من الوقوع في الحرام وان كانت له زوجة. فماذا يفعل إن منعناه من التعدد؟
وفي الغالب إن مثل هذا الإنسان يبقى كالحائر يشعر أن في حياته نقصاً شديداً ما لم يتزوج، لكي يسد حاجته الضرورية.
فان أضفنا الى ذلك الحالات الاستثنائية لكل امرأة كحالات الحمل والدم ونحوها، والتي يحرم او يصعب استيفاء الحاجة الجنسية منها للرجل. وإذا أضفنا الى ذلك حالات المرض والسفر وغير ذلك. أمكننا الجزم بأن المرأة الواحدة لا تستطيع أن توفي حاجات الرجل. وان التعدد أفضل له جنسياً بكل تأكيد.
النقطة السابعة: إن الحكم في الدين الإسلامي هو الحكم بجواز تعدد الزوجات وليس بوجوبه بطبيعة الحال إلا أن يعلم الفرد بالوقوع بالحرام بدونه، وهي حالة قليلة.
بل الأمر أكثر من ذلك، من حيث وضع بعض القيود على التعدد على ما سنعرف. وبدونها او بدون الالتزام بها، يكون التعدد ممنوعاً. فإذا التفتنا كما سيأتي الى أن أكثر الناس لا يستطيعون الوفاء بشرط التعدد، نعرف إذن قيمة تعدد الزوجات في الإسلام.
فهذه النقاط ونحوها هي التي تعطينا وجه الحكمة من هذا الحكم بحيث ندرك إن القانون الذي يمنع التعدد يكون ناقصاً من هذه الناحية بكل تأكيد ومخالفاً للحكمة والمصلحة العامة بطبيعة الحال.)) إنتهى