23 ديسمبر، 2024 2:48 م

الحكمة من الهبوط في قصة آدم

الحكمة من الهبوط في قصة آدم

إن قصة آدم المذكورة في الديانات  السماوية الثلاث, (والمذكورة ايضا في الأساطير السومرية القديمة), والتي تتحدث عن أول إنسان خلق للوجود بعد ان نفخ الله فيه من روحه,  وبعد ان أمر الملائكة جميعا بالسجود لهذا الكائن الجديد, إلا إبليس أبى  هذا الأمر الإلهي تحت ذريعة  انه مخلوق من طين, ولا يمكن ان يسجد له من هو مخلوق من نار, ولهذا السبب طرد إبليس من رحمة الله واعتبر من الملعونين الى يوم القيامة, لكن القصة لا تذكر بالضبط متى سكن آدم وحواء (سيدة الحياة باللغة العربية ) ,الجنة وما اسم هذه الجنة  التي سكنا فيها, ومتى هبطا الى الأرض بعد ان خالفا أمر ربهما بالإقتراب من الشجرة التي نهاهم عنها, فكل ذلك من الأمور الغيبية التي لا يمكن ان تدركها عقولنا المحدودة!.
فالجنة التي جميعنا يحلم بلقائها  كان ادم وحواء  يسرحان ويمرحان فيها ويأكلان من  خيراتها, ولا ينازعهم فيها أحد لكن الإنسان بغض النظر عن كونه نبيا ميال بطبعه وتكوينه النفسي الى المزيد من المكانة والجاه, مهما بلغ النعيم  الذي هو فيه  ولهذا السبب استغل ابليس هذه النقطة, ووسوس لآدم لأجل أكل ثمار هذه الشجرة المحرمة التي تعرف بشجرة الخير والشر, او شجرة الحياة و الخلود بحسب الكتب المقدسة اليهودية والمسيحية,  فظن آدم بان اكل ثمار هذه الشجرة التي نهاه الله  عنها, سيجعله انسانا  خالدا وذو ملك عظيم افضل مما هو فيه, وبعد ان فكر هو وحواء بخصوص هذه الشجرة, قررا اخيرا  الإمتثال لإرادة ابليس بشكل لا شعوري يدفعهما في ذلك حب  الفضول وحب الطمع,    وقد أكلا من ثمار هذه الشجرة, التي لا نعلم لحد الآن ان كانت شجرة حقيقية أم  رمزية وما ان اكلا الثمار حتى اكتشفا انهما  اصبحا عاريين وبدءا  بإقتطاف اوراق الشجر, لكي  يغطي كل واحد منهما جسده العاري  وبهذا اصدر الله حكمه القطعي, وأمرهما بالهبوط من الجنة  فأخبرهم ان الأرض هي مكانهم الجديد, فعليهما ان يعملان ويكدحان ليل نهار من اجل الحصول على القوت والرزق , واخبرهما ايضا بأنهما سيموتان ولا يخرجان إلا في  يوم البعث.
نستنتج من هذه القصة ان الله كان سيأمر آدم وحواء بالهبوط  الى الأرض عاجلا أم آجلا,  وإلا لماذا خاطب الملائكة قبل خلق آدم قائلا (اني جاعلا في الأرض خليفة), ناهيك عن تعليم الله  لآدم أسماء الأشياء والرموز التي لا زلنا نستعملها   في حياتنا اليومية  بمعنى ان هبوط آدم وحواء الى  الأرض, هو  أمرا محسوما منذ البدء ولهذا كان دخول ابليس الى الجنة, واغواء آدم هو أمر ممهد لهبوط آدم وحواء , وفي هذه      حكمة   لا يعلمها إلا  الله, والأمر الأخر  المهم في هذا الصدد هو ان هبوط آدم وحواء الى الأرض, لم يكن فقط هبوطا كونيا يتمثل في نزولهما من الجنة الى الأرض, (رغم اننا لا نعلم الطريقة التي هبطا فيها ),  قبل ان يكون هبوطا بالمكانة  وبالمنزلة  التي كانا يتمتعان بها, فآدم وحواء كانا يتمتعان بمكانة عالية عند الله وبمنزلة رفيعة,  غير موجودة لدى بني  البشر في الوقت الحالي, لكن بمجرد ان خالفا امر الله فنيت كل هذه المزايا بلحظة, فإنسان اليوم  لا يمكن ان يحصل على  هذا الملك العظيم والمنزلة  التي لا حدود لها, ولكن رحمة الله جعلت هذا الملك والمنزلة(الجنة),   محصورة فقط للمؤمنين و المتقين لكن ليس في الحياة وانما بعد الموت,   فعلينا ان لا نلوم أدم وحواء على ما قاما به    فما حدث كان تقديرا ربانيا لا محال من تحقيقه, وضرورة يجب التسليم بحتميتها سواء شئنا في ذلك ام أبيناه .
[email protected]