قال علي بن أبي طالب عليه السلام؛ لمالك الأشتر الذي ولّاه مصر حينها:” وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبّة لهم واللطف بهم، ولا تكونّن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان إمّا أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق”.
يمر عراقنا الحبيب في فترة, هي من أكبر الفترات صعوبة, بعد سقوط الطاغية, بسبب غياب الحِكمة, في التعايش السلمي بين مكونات الشعب, وما يجابهه من حربٍ ضد الإرهاب, تلك المصاعب التي, لو مرت على أي شعب, لجعلته هباءً منثورا, إلا أن ما عُرف صلابة, وتحمل للمصاعب؛ تجعلنا نفتخر أننا عراقيون, ضمن أطياف الشعب العراقي.
عند قرب إنهاء عملية تحرير الموصل, أظهر إقليم كردستان, ما كان يضمره منذ سنين, طارحاً ورقة ما يسمى الاستفتاء الشعبي, من اجل الانفصال عن العراق, مخالفاً الدستور العراقي, خالقاً لأزمة قد نتنج صراعاً عرقياً, كما كان زمن نظام الطاغية, متناسين الجهاد المشترك الشراكة السياسية, بين مكونات المعارضة, التي تسنمت الحكم منذ عام 2003, فهل وَصلَت حكومة العراق الاتحادية, لدرجة من الضعف السياسي, بحيث أنها لا تستطيع حلحلة الأزمة؟.
التعايش السلمي مفهوم, جاء من أجل إنهاء الصراع العسكري, سواءً كان ذلك الصراع, سياسياً, اجتماعياً, أو أن يكون صراعاً طائفياً, والتفاهم على المُختلفات في الآراء, بدلا من الاقتتال, الذي يمزق اللحمة الوطنية, والسبب عندنا في العراق, هو عدم العودة لتطبيق الدستور, الذي وَضع الخطوط العريضة, للتعامل وإحقاق الحق, دون تفريق لأي مكونٍ أو طائفة.
وضع الإمام علي عليه السلام, أصول المساواة في التعامل القانوني, حيث نَهَرَ القاضي, كونه سمى المًدعي, وكنّى علياً وهو الخصم, فهل رأينا حاكماً, ينهر قاضياً لتملقه لمكانته؟ سواءً كان ذلك عن قصدٍ, أو عن غير قصد. يجيب شبلي شميلـو, الطبيب والفيلسوف اللبناني المسيحي, على السؤال المتقدم قائلاً: “إن علي بن أبي طالب عليه السلام؛ إمام بني الانسان ومقتداهم، و لم ير الشرق و الغرب, نموذجاً يطابقه أبداً, لا في الغابر و لا في الحاضر”. كتاب: الإمام علي صوت العدالة الإنسانية 1 – ص7.
ضِمن خطبة عيد الأضحى, قال زعيم تيار الحكمة الوطني:” اننا اليوم, نقف على أعتاب مرحلة جديدة, عنوانها الشعب الفتي والتجديد والانطلاق، والانتقال من حالة التخلف, والظلم وعدم الامان, الى حالة العدل والسلام والاعمار, هذه المرحلة التي انتظرها العراق, على مدى العقود الماضية ليس لها حدود؛ إذا ما وجهت في الاتجاه الصحيح, وإذا ما وضعنا رؤيتنا المستقبلية على أساسها”.
يعلم الشعب العراقي, الجهاد المشترك بين آل الحكيم, والأخوة الكرد في الإقليم, والعلاقات الحميمة بينهما, فهل ستكون الحِكمة حاضرة, على يد السيد عمار الحكيم, ليكبح جماح هذهِ الأزمة المتصاعدة, كما عهدناه في الأزمات السابقة, أم أن هاجس الحرب, ستغلب على حكمة الساسة, ليصبح القتال شيعياً كردياً, بعد أن كان مرجحاً, أن يكون شيعيا شيعيا؟.
تّحَدٍ كبير ينتظرنا والعدو يتربص, فهل سيحتكم الساسة في بغداد وأربيل للدستور؛ أم ستتحكم العاطفة العرقية؟, ذلك ما سيجيب عليه القَدَر, الذي كتبه الخالق, وهو امتحانٌ للبقاء كعراق موحد, او دخولٌ بنفقٍ مظلم جديد.