وقد واجه الإنسان ومنذ أقدم العصور تلك الأسئلة الكونية التي لازالت إلى الآن تشغل العقل البشري
وكان للعلم والفلسفة دورهما في كشف العديد من تلك الثغرات الكونية ورغم ذلك إعتبر فريزر هذا الكشف منقوصاً دون كشف تلك المساحة الواسعة والغنية من الأساطير ،
يرى جيمس فريزر في تعريفه للميثولوجيا :
بأنها فلسفة الإنسان البدائي الأول ،
ولاشك أن رواد الفلسفة الحديثة والذين قدموا مذاهب ضمن فلسفاتهم مثل ياكوبي وشوبنهور وهيجل وهوفدنج والذين دعموا هؤلاء من المفكرين العصريين مثل هوسلر وهيدجر الألمانيين وهاملان ولاشليية
الفرنسيين وقد عمل هؤلاء على تجديد النظرة إلى الفلسفة ضمن المنعطف الجديد للمخيلة البشرية
ولعل ماكشفه علم الآثار والثورة الكبرى التي نادى بها الفلاسفة لوضع العقل تحت الاختبار كانتا من الوسائل التي مهدت للبرهنة على ماعرف من الحقائق الميتافيزيقية والغيبية وقد إمتلك الإنسان البدائي الأول طرائقة الفلسفية للتعامل مع الموجودات الكونية المرئية وغير المرئية ضمن المفهوم السائد للفلسفةِ بأنها ليست إثباتا ولا نفياً بل هي تساءول وأستفهام ، وتدرجت المدارس الفلسفية بوصفاتها من إنكار لوجود الأشياء خارجا عن الموجودات المُفَكرة كما فعلت المثالية إلى المخاطر التي تعرض لها العلم من الفلسفة التجريبية وكذلك القول بأن المعرفة وليدة لفعل الأشياء في الذهن ،
وأعتقد بأن الفلسفة الكانتية قد أغنت الفلسفة في ثلاثية ( المعرفة – الذهن – التجريب ) ،
إن القوى العاقلة في الإنسان وهي تحقق نشاطها فأنها تستند إلى الضرورات التي تكمل مفهومها الأولي للأشياء ولاينظر الإنسان الى ذلك الكم الهائل من الحكايات القديمة على أنها وسائل للتسلية أو العبث دون التحسس بذلك الجهد المضني التي كانت علية
المخيلة البشرية آنذاك في حل المعضلات وتقديم الإفتراضات التي تعزز وجود محرك ما دافع ما في سلك وسيلة ما لإستخلاص النتائج ولقد كان الخيال حاضرا لبعض الأنماط الأسطورية في التفكير حيث يشير فريزر إلى أهمية دراسة تلك الصور التخيلية رغم قصور المخيلة آنذاك عن تفسير الأحداث لكن الأهمية تكمن في الذهنية للناس الذين إخترعوها والذين صدقوها وهو مدخل لدراسة العقل البشري كظاهرة ما مادام الإنسان قد عني بدراسة الظواهر الطبيعية الأخرى ،
إن صموئيل هنري هوك يرى بأن التفكير قد ولّدّ تفكيرا أخر وأن الحكاية ولدت حكاية أخرى وبعض الحكايات ولدت إبتكارا ما والابتكار قلص من الاعتماد على البديل الذهني إزاء ماتقوم به تلك الحكايات من وظيفة إستثمار الغموض والإعجاز في حدث ما لملء الفراغات التي تحصل في منظومة التفكير والتي تعجز أحيانا عن تلاقي وتواصل خطوطها بعضها بالبعض الأخر ،
إن القوى السحرية التي هيأتها تلك الحكايات لعبت دورات رئيسا في تطور الفكر البدائي الأول
وفتحت المجال أمام تدقيق موجودات الكون
وأستخلاص النتائج الجديدة والمقبولة لمفاهيم أكثر رُقيا من المفاهيم التي سبقتها وكان صراع البشرية والرغبة للنجاة من الأخطار والكوارث الجماعية مدخلا للإشارة الى النشاط الخلقي لمواجهة القوى الشيطانية التي تعمل للتنكيل بقدرات الإنسان الفكرية والجسدية
ولاشك أن قضايا النقيض والجوهر والتعاقب والمتناهي واللامتناهي كانت تشكل الإبتداء الإبتداء المعرفي لتجديد أسئلة العقل المحيرة أمام تجديد المعطيات الكونية التي يكشفها كل يوم العلم والفلسفة