إعلامي ومثقف معروف نطق بالحقيقة المرة المريرة القاسية , وإذا بأقلام مثقفة كانت تتظاهر بأنها ترعى الحقيقة وتسعى إليها تهب بوجهه , وتكشف عن معدنها الذي طمرته بما تدعيه من الأقوال والطروحات , وعندما داس هذا المثقف على العصب الذي يوجعها , نفضت دثار أكاذيبها ونفاقها وكشرت عن وجهها , الذي كانت تغطيه بألف قناع وقناع!!
ويبدو أننا مجتمعات ترعبها الحقيقة وتصيبها بهلع شديد , ولهذا تبنت السلوكيات الإسقاطية والإزاحية , لكي تبعد نفسها عن المواجهة والتفاعل الصريح مع الحالة والموقف.
وبسبب ذلك تكاثرت في المجتمع الرموز التي يمكن إسقاط ما فينا عليها , لنوهم أنفسنا بأننا على صواب ولا نرتكب خطايا وآثام.
ووفقا لمقتضيات هذا السلوك , فأن العمائم تتكاثر وأتباعها تتزايد لأنها تحررها من المسؤولية والإلتزام , فكل عمامة شماعة نُعلق عليها آثامنا وخطايانا , ونستغفر ربنا ونصلي ونصوم!!
فالعيب فينا وليس في الآخرين الذين يستعبدوننا ويأخذوننا إلى مرابع القطيع , فهذا ما نسعى إليه ونريده كما تمليه علينا القوى الفاعلة في أعماق لا وعينا , الذي يريد مَن يضلله ويخدعه ويبرر له ما يحصل من سلوكيات منافية لأبسط القيم والأعراف والتقاليد.
فهذه المشاجب التي نضع فيها أدواتنا العدوانية هي منا وفينا وما جاءت من كوكب آخر , وقد تمكنت من إستيعاب حاجاتنا اللامرئية المطمورة فينا واستثمرتها , فغنمت ما تبتغيه نفوسها الأمّارة بما تريد وترغب.
فلماذا نعتب على ما حولنا وترابنا وسمائنا وزماننا , وكأننا لا نمتلك الشجاعة الأصيلة الواعدة بإقدام ومثابرة وتواصل إجتهاد لتحقيق الهدف؟
إن المجتمعات الحية هي التي تشمر عن إرادتها , وتنطلق في مشروعاتها الوطنية الهادفة لتأمين مصالح المواطنين , ولا تترجل عن عزيمتها وتوثبها الخلاق , ولا يوجد في سلوكها ما عندنا من مفردات وآليات ذات تطلعات خيباوية.
فهل لنا أن نبني إرادة وطنية ذات قيمة حضارية معاصرة؟!!