23 ديسمبر، 2024 10:28 ص

الحقيبة … وبقايا من خبز(السندويتشات)…!

الحقيبة … وبقايا من خبز(السندويتشات)…!

الفقراء في الارض, هم اولئك الذين كلما فرغوا من التهام طعامهم راحوا يحمدون الله حمدا مشوبا بمرارة وألم,وهم يعانون شظف العيش في بحر من البؤس والشقاء والحرمان,هذا هو واقع الحياة,وهناك حد ادنى لمعيشة الانسان اذا هبط الفرد دون مستواه لسبب خارج نطاق ارادته, اصبح في حالة غير اعتيادية,فاذا بدرت منه تصرفات شاذة او جنح الى التمرد والعصيان فلا لوم عليه.
الفقر والحرمان توأمان لا يفترقان وكما يقولون اهلنا(العوز يفشل ) وهناك فضائل لا نستطيع ان نمارسها الا اذا كنا اغنياء,حيث وصلت نسبة الفقر في العراق حوالي 40% وان حوالي 7 ملايين عراقي يعيشون تحت مستوى خط الفقر اي – ربع السكان – فالبعض يصل دخلهم الى عشرة ملايين دينار شهريا والبعض معدوموا الدخل وهذا الامر يتطلب من السلطات التشريعية والتنفيذية اجراء اصلاح جذري, حيث ان الفقر وصمة اجتماعية سيئة حيث يقول الحديث الشريف (الفقر سواد الوجه في الداريين ), وانتم عباد الله, والمال مال الله يقسم على الناس بالسوية لا فضل احد على احد.
ان في عراقي مقابل كل يد تعمل عشرة افواه تأكل وهم يطالعونك بنظرات ذات جفوة وشقاء, ويتمثل في تقاطيع وجوه صغارهم ونسائهم الهم والكآبة والحرمان.
وهذا “اقتباس “عن قصة الطالبة الجامعية الفقيرة (س.ع ) :
في الأسابيع الماضية اجتمع مجلس الإدارة بالكلية كالعادة, ومن ضمن القرارات والتوصيات التي خرج بها المجلس أن يكون هناك تفتيش مفاجئ للبنات داخل القاعات , وبالفعل تكونت لجنة للتفتيش وبدأ العمل , طبعا كان التفتيش عن كل ممنوع يدخل إلى حرم الكلية , كجوالات الكاميرا والصور ورسائل الحب……وغيرها
كان الأمن مستتب والوضع يسيطر عليه الهدوء والبنات يتقبلن هذا الأمر بكل سرور, وأخذت اللجنة تجوب المرافق والقاعات بكل ثقة وتخرج من قاعة لتدخل الأخرى وحقائب الطالبات مفتحة أمامهن , وكانت خالية إلا من بعض الكتب
والأقلام والأدوات اللازمة للكلية
انتهى التفتيش من كل القاعات  ولم يبقى إلا قاعة واحدة حيث كانت هي موقع الحدث وحديث الموقع فماذا حصل ؟؟؟!
دخلت اللجنة إلى هذه القاعة بكل ثقة كما هي العادة , استأذنّ الطالبات في تفتيش حقائبهن ..بدا التفتيش..كان في طرف من أطراف القاعة طالبة جالسة , وكانت تنظر للجنة التفتيش بطرف كسير وعين حارة  وكانت يدها على حقيبتها وكان نظرها يشتد كلما قرب منها الدور, يا ترى ماذا كانت تخبئ داخل الحقيبة ؟؟؟
وماهي إلا لحظات وإذا باللجنة تفتش الطالبة التي أمامها ,أمسكت بحقيبتها جيدا وكأنها تقول والله لن تفتحوها ….وصل دورها;
بدأت القصة
أزيح الستار عن المشهد
افتحي الحقيبة يا بنت, نظرت إلى المفتشة وهي صامته , وقد ضمّت الحقيبة إلى صدرها
هات الحقيبة يا طالبه … صرخت بقوة …لا…لا…لا
اجتمعت اللجنة على هذه الفتاة , وبدا النقاش الحاد ..هات ..لا..هات..لا..
يا ترى ماهو السر … وماهي الحقيقة ؟؟؟
بدأ العراك وتشابكت الأيادي .. والحقيبة لازالت تحت الحصار
دهش الطالبات اتسعت الأعين , وقفت المحاضرة ويدها على فمها
ساد القاعة صمت عجيب , يا إلهي ماذا يحدث وماهو الشيء الذي داخل الحقيبة وهل حقاً أن فلانه …..!
وبعد مداولات اتفقت اللجنة على اخذ الطالبة وحقيبتها إلى إدارة الكلية , لاستئناف التحقيق الذي سوف يطول …
دخلت الطالبة إلى مقر الإدارة , ودموعها تتصبب كالمطر, أخذت تنظر في أعين الحاضرات نظرات مليئة بالحقد والغضب , لأنهن سيفضحنها أمام الملأ , أجلستها رئيسة اللجنة وهدأت الموقف وقد هدأت هذه الطالبة المسكينة قالت المديرة ماذا تخبئين يا بنتي..؟
وهنا وفي لحظة مره , لحظة عصيبة , فتحت الطالبة حقيبتها
يا إلهي ..ما هذا ؟؟؟
ماذا تتوقعـون … ؟؟؟
انه لم يكن في تلك الشنطة أي ممنوعات , أو محرمات ,أو جوالات , أو صور , لا والله
انه لم يكن فيها إلا بقايا من الخبز ( السندوتشات (
نعم هذا هو الموجود
وبعد سؤال الطالبة عن هذا الخبز
قالت : بعد أن تنهدت
هذا بقايا الخبز الذي بعد فطور الطالبات, حيث يبقى من السندوتش نصفه, أو ربعه, فاجمعه وافطر ببعضه , واحمل الباقي إلى أهلي …
نعم إلى أمي وأخواتي في البيت ليكون لهم الغداء والعشاء
لأننا أسرة فقيرة , ومعدمه , وليس لنا احد ولم يسال عنا احد ,وكان سبب منعي من فتح الحقيبة لكي لا أحرج أمام زميلاتي في القاعة .. فعذرا على سوء الأدب معكن
في هذه الأثناء انفجر الجميع بالبكاء , بل وطال البكاء أمام هذه الطالبة الموقرة ::
وأسدل الستار على هذا المشهد المؤلم الذي نتمنى جميعا ألا نشاهده
لذا إخواني وأخواتي هذه حاله واحدة من المآسي التي ربما تكون بجوارنا في الأحياء وفي القرى ونحن لا ندري وربما نتجاهل أحيانا عن هؤلاء .
فهذه المبررات اذن ليست دفاعا تلهمه الغريزة وتتشبث به النفس التي انهكها الفقر والحرمان لتترفه فيه بالسلوى والعزاء ضد ما قد يتفاقم عليها من شقاء في حالة عدم رسوخ مثل هذا الاعتقاد…..!؟