23 ديسمبر، 2024 3:58 ص

الحضارة العالمية وفلسفة إخوان الصفا 3/5

الحضارة العالمية وفلسفة إخوان الصفا 3/5

تكملة تعليقي على مقالة الحضارة العالمية وفلسفة إخوان الصفا للباحثة سهى الطريحي جاعلا النصوص المختارة من مقالتها بين «علامتي تنصيص».

«كان هدفهم تخليص الشريعة من الضلالات.»

وهذا ما يجب اليوم العمل الحثيث من أجله، مع بذل أقصى الجهود لتخليص الإيمان من القوالب الجامدة للشريعة، وإعطاء العقل صلاحية صياغة التشريع للمجتمع الإنساني. [إذن إلغاء الشريعة هو الحل، واستبدالها بما تتوصل إليه تجربة العقل الإنساني المتطور من صياغة شرائع إنسانية وعقلانية، أما تخليص الشريعة من الضلالات، فهي عملية ترقيعية لا جدوى منها.] [[ولعل اليسوع كان يهدف فيما يهدف إلى تجريد الدين من الشريعة، ومن هنا يمكن اعتباره مع التسامح يهوديا تنويريا.]]

«إن الشريعة دنست واختلطت بالضلالات، ولا سبيل لغسلها إلا بالفلسفة والحكمة.»

وحيث نجد في كل حكم شرعي اختلافا بين الفقهاء، ويكاد يكون في كل قضية رأي من الآراء الفقهية يلتقي مع رأي وضعي (بشري)، سواء مثّل ذلك الرأي نظرية أو تشريعا قانونيا أو ما شابه، وحيث يقع الفقيه غالبا لذوقه الشخصي في الاستنباط، يكون من الأجدر التعويل منذ البداية على العقل والتجربة الإنسانية، فإذا قيل إن العقل قد يخطئ، فأدوات الفقه ليست أقل خطأ، [بل احتمال وقوعها في الخطأ أكبر، لكونها سجينة نصوص] [[تتوهم أو تدعي أنها مقدسة ونهائية، لأنها صادرة من الله]]، وأدوات العقل أكثر موثوقية من أدوات الفقه، والنتاج البشري قابل للتصحيح والتصويب والتقويم أكثر من المقولة الدينية، لأن النتاج البشري خال من دعوى القداسة التي تعطل العقول وتمنع النقد والمراجعة والتساؤل.

«دافعوا عن الموسيقى كمطهر للنفوس.»

لأنهم عرفوا الله كما يبدو حق معرفته، ولذا فإني أقول دائما إن أرقى أنواع التسبيح بحمد الله هو تذوق الجمال في الطبيعة والكون، والموسيقى وعموم الفنون هي تجليات لذلك الجمال.

«هدفهم كان وضع دين عقلاني يعلو كل الأديان.»

وما ألت إليه يعتمد علاوة على ما ذكرت من ركائز أربع، ركائز فرعية، منها العقلانية والإنسانية والنسبية والعَلمانية، مع العلم إن العقلانية غير العقلية، فالعقلية تعني العقل الفلسفي فيما هو الصواب والخطأ والعقل الأخلاقي فيما هو الحسن والقبيح، بينما العقلانية هي العقل العملي أو الحكمة. [والعقلانية والإنسانية لا تحتاجان إلى دين، نعم [[ربما]] تكونان [[للبعض]] أجمل وأنقى وأسمى، عندما ترتبطان بقضية الإيمان بكل روحانياته، والارتباط بالمطلق بكل جمالياته، لما يضفي ذلك من بعد روحي على الإنسانية والعقلانية.]

«كانوا مع اللاعنف والمسالمة.»

لأن اللاعنف والسلام وحدهما ينسجمان مع جوهر الإيمان بالله، حتى لو كان أصحابهما ملحدين، فهم أي هؤلاء الملحدون إلهيون بإنسانيتهم وعقلانيتهم، والله إنما يجازي بمقدار ما يجسد الإنسان إنسانيته، وليس بمقدار معرفته بوجود الله، أو بمقدار إيمانه بوحي ما، أو دين، أو كتاب مقدس.