7 أبريل، 2024 5:55 م
Search
Close this search box.

الحصان

Facebook
Twitter
LinkedIn

نزل من العربة وراح يحدثه ويهدده، ان فعلت هذا مرة ثانية، فسترى ماذا افعل فيك، حمحم الحصان واشاح برأسه بعيدا، انه يفهم مايقول الحوذي، ولذا تراجع بأدب الى المكان المطلوب، ربت على ظهره وانطلق الاثنان، لكن الحديث لم ينته عند هذا، استمر مسلسل العتب بين الاثنين، بين لحظة واخرى يدير الحصان رأسه نحو الحوذي، استنكارا لفعل او قول، وكأنه يعارض في بعض الاحيان، سئم هذه المعاملة، واتخم من حديث الحوذي اليومي، المطلوب منه دائما ان يشنف اذنيه لسماع الاحاديث الفارغة، هل رأيت حصان علاوي، يفهم بالاشارة وانت كبرت وخرفت، اسحب اللجام وانت لاهٍ عني، لا ادري ماذا تريد، سارميك باول بحيرة مالحة لترتاح قليلا.

انا اعلم انك تعترض على حديثي وتحرن في بعض الاحيان، لكنك تبقى مستودع اسراري، اتعرف ماجرى ايها الحصان الوفي، راح ابني للحشد الشعبي، ومضى اكثر من شهرين لم اره، اتعرف مايعني لي ابني، يعني مستقبلي، شيخوختي التي ستكون كارثية اذا لم يتوفر فيها علي.. ابني، اتعلم ايها الحصان الوفي انني كنت انتظره يكبر، كي يرتقي هذه العربة لارتاح، لكنه حمل بندقيته ورحل، لم يسمعني، كان يرد على كل اعتراض لي بحجته الدامغة: انت تريدني ان لا امتثل لفتوى السيد.

كان يقول مايدور في باله، والحصان يسير بخطى ثابتة، كأنه يوحي اليه انه يسمعه، ولايريد مقاطعته، تعرف ايها الحيوان ان صديقه قد جلبوه شهيدا من ارض المعركة، هذا يعني ان المكان المتواجد فيه، مكان خطر جدا، وانا خائف،نعم…. نعم بعض الاحيان تنام انت بلا عشاء، اتدري لماذا، انت معي وتعرف اننا في بعض الايام لانكسب شيئا، لم تعد هناك اشياء عتيقة محترمة، بدأت البضاعة الصينية هي العتيق الوحيد لدى الناس، وتعرف انها لاتحتوي على مواد اولية مهمة ولذا تعطب بسرعة، الحمد لله انك تفهمني، لكنني اليوم حصلت لك على عشاء فاخر: قشور الرقي والخبز اليابس، ستشبع وتنام مطمئنا.

مازلت معي لاتخف من الشيخوخة، ساقتسم رغيفي معك، انت اخي، ادار الحصان برأسه نحوه، وكأنه يريد ان يعانقه، كانا يسيران ظهرا تحت حرارة الشمس اللاهبة، طرق احد الابواب، وطلب (سطلا من الماء) له وللحصان، شرب هو ثم وضع السطل امام الحصان فورد الآخر حتى ارتوى، اكملا سيرهما مع صيحات تقطع

حديثهما بين حين وآخر، عتيك ، طحين، خبز يابس، غراض عتيكه للبيع، ويعود ثانية ليكمل حديثه، مع انصات تام من قبل الحصان، دارا الازقة زقاقا بعد الآخر، بح صوت الرجل ولم يحصلا على شيء.

حين احس بحرارة الشمس اللاهبة، وقف ووضع منديلا على رأس الحصان ورقبته، وبللهما بالماء، سنذهب الى البيت لاتبتئس، سوف تدخل الى مكانك وترتاح من هذه الحرارة، اليوم لايوجد شيء والابواب جميعها مقفلة وكأن اصحابها موتى ،لايسمعون صياحا ولا صراخا، هيا لنعود سحب اللجام، واتجها بعيدا حيث حي انشىء جديدا، والبيت عبارة عن غرفتين، واحدة له هو وعائلته، واخرى للحصان، بعض الاحيان كان يضجر من الزحام ويأتي لينام بقرب الحصان، من بعيد تراءى له منظر غريب، سراويل مرقطة، وتيشيرتات سوداء، مع سيارة حمل تحمل علما للعراق، صاح بالحصان: ولك بس علاوي، وبكى بهستيريا واضحة، وصهل الحصان صهيلا مرتفعا.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب