تطورّات دراماتيكية، تشهدّها العملية السياسية ، قُبيل إنعقاد البرلمان العراقي اللامنتخب ،جلسته الاولى يوم الاثنين المقبل، وسط تهديّدات وتصريحات وتسقيطات ،وإقالات بالجملة ،داخل التحالف الوطني المنهّار، ووسط صراع محمّوم لتشكّيل ما يسمى الكتلة الأكبر، داخل قُبة البرلمان،للظفّر بمنصب رئاسة الوزراء في دورته الجديدة، ففي الدورات السابقة ،كان الصراع قائماً ،بين كتلة التحالف الوطني ، وكتلة ائتلاف الوطنية بزعامة علاوي وجماعته، أي بين كتلتين مختلفتين في الولاء والمذهب والتوجّه الوطّني ، اليوم إختلف الإخوة الاعدّاء في التحالف الوطني (الشيعي )،على توزيع المغانم والمناصب داخل الكتلة الواحدة ، وأصبحَ حيدر العبادي وقائمته ،والمتحالفين معه في خندق أمريكا، وقائمة نوري المالكي والعامري والخزعلي والمتحالفين معهم في خندق إيران،إذن الصراع بالنتيجة بين امريكا وبين إيران على تشكيل حكومة ذيلية، وهكذا ومنذ أربعة أشهر على إنتهاء الإنتخابات ،يشهد العراق صراعاً دولياً وإقليماً ،على الإستفراد بالحكم والهيمنة على الحكم في العراق،والعراق يسير من سيء الى أسوأ في جميع الخدمات في العراق، وكارثة محافظة البصرة عنواناً للفشل الحكومي،مروراً بالموصل المنكوبة المدمّرة ،منذ أكثر من عام ونصف،بفعل الحرب على الإرهاب، وطرد تنظيم داعش الارهابي منها في معركة تأريخية ، ما زالت جثث العوائل تحت الأنقاض في الموصل القديمة، ومازال هناك ملايين النازحين والمهجرين في المخيمات والمنافي، والإعمار متوقف كلياً، ناهيك عن بقيّة المحافظات المدمّرة خدمياً ، والتظاهرات اليومية تملأ شوارع العراق، إحتجاجاً على سوء الخدمات،لتغطّي وتجلّل فشل وفضيحة وعار الانتخابات المزوّرة ، التي ترقّى الى الجريمة ،في سرقة خيار شعب بأكمله ، لصالح جهات إقليمية ودولية وأحزاب متنفذة فاسدة ومزوّرة تمسك بالسلطة، إعترف بها حتى من داخل مفوضية الانتخابات اللامستقلة ،التابعة للأحزاب الحاكمة، وبالوثائق والأدلة والشهود العيان والافلام، التي شهدها العالم كُلّه على شاشات التلفزة العالمية،وهكذا تطوّر الصراع، ليِصِل داخل الكتلة الواحدة ،وفشل جميع القوائم ،في تكوّين تحالف كبير بسببّ الضغوطات ألإيرانية والأمريكية،فالقوائم (السنّية) متشظّية وتشهد إنقسامات وإنشقاقات وفشل، أما القوائم (الشيعية) ، فتشهد صراعاً قد يتطوّر الى حرب شيعية – شيعية- حذرنا منها سابقاً لأنها تدخل العراق في النفق الظلم،وبوادر هذه الحرب أصبحت واضحة ،وتدقُّ أبواب الأحزاب والحكومة وقادة الحشد الشعبي ،وأولى ألإشارات التي تعلن إنفضاض شراكة الحشد الشعبي وقادة الميليشيات ، هي تهديّدات قيس الخزعلي زعيم عصائب الحق، وتلاه تهدّيد هادي العامري زعيم منظمة بدر لاسقاط الحكومة المقبلة بظرف شهرين ، إن تجاهلت قائمتي الفتح التي يتزعّمها العامري، وقائمة دولة القانون والعصائب ،وأمام مبعوث الرئيس ترمب الشخصي بريت ماكغورك حين إالتقى به قبل يومين، وجاءت إقالة وإعفاء فالح الفياض قائد الحشد الشعبي ومدير الامن الوطني ، لتُغلق الباب نهائياً مع العبادي ،وتُعلن الحرب بينهما، وسبقْ هذا الإجراء إصدار قرار للعبادي، يُبْطل فيه قرار هيئة الحشد الشعبي، المتضمن إنسحابها من المدن المحرّرة، ومن الحدود العراقية –السورية، وإصدار تعليمات من قادة الحشد الشعبي وميليشياته الى عناصر الحشد وألويته ،بعدم الانصياع وتنفيذ كتاب القائد العام للقوات المسلحة، وأيَ أمر يصدر منه ، فماذا بقيَ إذن ،كي تُعْلَن الحرب بينهما، لم يبقْ إلاّ عقد جلسة البرلمان يوم الاثنين القادم، لتكون لحظة إنطلاق تلك الحرب وبشكل علني ، بعد إصرار امريكا على تولي العبادي رئاسة الوزراء ، وإبعاد المالكي والعامري عنها ووضع فيتو أحمر على إسميهما في أية منصب قادم، بالترغيب والترهيب، من كلا الطرفين ،أقصد الامريكي والايراني، وستشهد جلسة مجلس النواب ملحمة في الصراع والتهديد والضرب بالايدي داخل قبة البرلمان بين جناحي أيران وأمريكا، إن لم تشهدْ أموراً أخطركتفجير البرلمان ، وعلى قولة المثل العراقي – (عليّ وعلى أعدائي)، هذا المحتمل المنظور ،من خلال التهديدات وقوة الصراع من أجل البقاء في السلطة، فالتحالف الوطني يرى أن معركته في رئاسة الوزراء معركة وجود ، وهو إنتصار لإيران التي تنتظر إسقاط نظامها، جرّاء التحشيد العسكري الامريكي والتحالف الدولي معها ،بشكل غير مسبوق في التاريخ، إضافة إلى تطبيق الصفحة الثانية من الحصار الاقتصادي التاريخي الخانق عليها ،ونتائجه الكارثية التي نراها على شكل إقالات الوزراء والتظاهرات الشعبية بكل مدن ايران ،بدءاً من العاصمة طهران ، في حين الآخرون أن معركتهم داخل قبة البرلمان هي لإنقاذ العراق من الهيمنة والسطوة الايرانية، التي دمرّت العراق،في حين يرى الشعب العراقي، وبعض الأطراف الدولية، ومنها أمريكا، أنْ إعلان حكومة الطوارىء أو حكومة الإنقاذ الوطني ،هي السبيل الوحيد لإخراج العراق من محنته وفشله .وطرد الاحزاب الفاسدة والفاشلة والطائفية التي تقدم ولاءها لإيران وليس للعراق،مانراه اليوم ونشاهده من تصعيد خطير جدا على ألسنة قادة الحشد الشعبي وعناصره واعضاء دولة القانون وفي مقدمتهم نوري المالكي، لهو تصعيّد نحو الحرب التي وعد بها نوري المالكي ،وأعضاء حزب الدعوة بجناحه، وقادة الحشد ومفوضية الانتخابات قبل الانتخابات، اليوم ينفّذ جناحُ إيران حسب رؤية الادارة الامريكية تهديده ،ويُعلن التمرّد على حيدر العبادي وحكومته ،ويهدّدها بالسقوّط والوّيل والثبّور، وربّما سنشهد تفجيرات وإغتيالات بشعة، لشخصيات ومؤسسات وأضرحة لأشعال فتيل حرب لاتنتهي في العراق، وهذه الرؤية هي في الحقيقة ،معلومات سربتّها الأجهزة الإستخبارية الامريكية والعالمية والاقليمية، أن إيران وأذرعها ستقوم بأعمال إجرامية تخريبة ،إذا لم يستلم أحد جناحيها رئاسة الوزراء، إما المالكي وهو الاوفر حظاً لديها أو العامري،في حين قامت الادارة الامريكية بعمل تحوطات أمان قصوى داخل المنطقة الخضراء تجسد بتوجيه صواريخ واستعدادات عسكرية على الارض لأي طاريء ،وطوّقت الاماكن الحسّاسة، وأنذر رعاياها، وأعطت لجيشها الإنذار (ج) ، وكذلك القواعد العسكرية ،وتأمين الحدود مع سوريا وإيران والسيطرة على المنافذ كلها خاصة مع سوريا وبناء قواعد عسكرية ، منعاً لأي إجراء عدائي وافشال جلسة البرلمان، وهي على أهبة ألإستعداد لمواجهة أي خطر أو تهدّيد من الميليشيات أو غيرها ، تريد إفشال جلسة البرلمان وتحرفها عن مسارها ،الذي تريده أمريكا مساراً لها ،وإنتصارا لسياستها في العراق، بعد إنتهائها من طرد داعش من الاراضي العراقية،وحكومة ليس لها ولاء لإيران ،إذن المعركة بدأتْ وستُعلَنْ بعد تشكيل حكومة بمزاج أمريكي وليس إيراني وهذا قرار دولة القانون والعامري، وهو ما سيحصل حتماً بعد يوميّن، ثم تبدأ الصفحة الامريكية الثانية ، من معركتها في مواجهة ماتسمّيه ميليشيات إيران في العراق،فكانت البداية بسحب الحشد الشعبي من الحدود والمدن المحرّرة، ثم إبعاد قادة الميليشيات عن الحكومة، ثم تفجّير أكداس العتاد في ضواحي بغداد والمحافظات الجنوبية، وأخيراً إنهاء خدمات فالح الفياض من رئاسة الحشد الشعبّي والأمن الوطني، هنا تكون الإدارة الامريكية، قد وصلتْ الى منتصف الطريق في إنهاء وتحجّيم الميليشيات في العراق ودمّجها في الجيش والشرطة والأجهزة الامنية، ومن يتمرّد ستواجهه وتلقي القبض عليه، وعلى قادته ، وتسرّبَ الكثير من الشاعات أن قسماً منهم أخذ بالهروب من العراق، وتهيئة مكان آمن له في دول الجوار،هرباً من المحاكمة والسجن، إذن ألادارة الامريكية جادة في قضيتين رئيسيتين هما طرد الميليشات وتحجيمها وإحالة قادتها الى القضاء،في كل من العراق وسوريا، وإسقاط نظام الملالي في طهران ،وهذان القراران لارجعة عنهما أمريكياً مهما تكن النتائج،وما نراه على الارض هو الواقع في السياسة، إذن معركة الحشد الشعبي مع العبادي وحكومته، قادمة لامحالة ولكنْ بعد تشكيل الحكومة ،التي سيترأسها العبادي، وتشكّلّها قائمته مع سائرون والحكمة وائتلاف الوطنية والمحور الوطني وغيرها ،في حين ستبقى قائمة المالكي والعامري خارج التشكيلة وهذا ما تريده امريكا الان، وبسببّهِ سيُعلنُ الحشدُّ الشّعبيٌّ الحرب على العبادي وحكومته الجديدة وسيسقطها…